والعلايلى يستحق هذه الجائزة وغيرها من الجوائز العالمية، فهو لم يسع خلال مشواره يوما لفن يخاصم القيمة والهوية الوطنية، ولم يقدم عملا دون المستوى، بل راهن طوال الوقت على احترامه لنفسه وفنه، باعتباره جزءا أساسيا من احترام الجمهور له، وشهد مشواره الفنى الذى بدأه مراهقا فى فيلم «يسقط الاستعمار» للنجم العتيق حسين صدقى عام 1952 وحتى الآن مجموعة من الأفلام الهامة التى دخل بعضها ضمن قائمة أحسن 100 فيلم مصرى، مثل «الأرض، الاختيار، إسكندرية ليه، السقا مات، على من نطلق الرصاص» وغيرها من جواهر سينمائية يصعبة تكرارها.
كما يحسب للنجم الكبير أنه منح كل دور قدمه على الشاشة والمسرح والتليفزيون بعضا من روحه التواقة نحو الحرية والإبداع ، وهو الأمر الذى مكنه من التألق والذوبان فى كل شخصية من شخصياته التى قدمها من رحم الحياة المصرية والعربية، لهذا كان كل دور من الأدوار التى قدمها له هدف نبيل يوصله لمرحلة أو يرسخ لخطوة هامة على الطريق الصعب، حتى وصل إلى العالم العربى كله بفضل مهارة تجسيده وبراعة أدائه العذب فى غالب الأمر.
وكان من الطبيعى بعد إثبات موهبته الفذة التى تفور مثل بركان هادر نحو صفاء الموهبة أن يقبل عليه كثير من المخرجين العرب ليكون بطلا لأفلامهم، فالعلايلى هو النجم المصرى الوحيد الذى شارك فى معظم إنتاجات السينما العربية، مثل ز الطاحونةس للجزائرى أحمد راشدى «سأكتب اسمك على الرمال» للمغربى عبدالله المصباحى، و«بيروت يا بيروت» للبنانى مارون بغدادى، ولسوريا «عملية فدائية» إخراج سمير سيف، و«القادسية» للعراق من إخراج صلاح أبوسيف، وغيرها من الإنتاجات العربية. فقد شغل الفنان الكبير نفسه عبر مشواره الفنى الطويل، بمهمة البحث عن الطرق الجديدة والحديثة فى فن إعداد الممثل، والتى يتغلل من خلالها للدخول فى الشخصيات التى تتحول إلى لحم ودم ، ما مكنه من أن يصل إلى المستويات الجسدية والحسية والعاطفية بدقة غير معهودة.
وفى فترة قصيرة جدا من الزمن، وهو الأمر الملفت للنظر، فقد كان ومازال أحد القلائل الذين يملكون أفضل مقومات السيطرة على عواطفه وانفعالاته البدنية والنفسية العميقة، لذا يستطيع فى كل عمل من أعماله ولو كان بسيطا من حيث المساحة أن يقدم أداء سلسلا بسيطا تلقائيا، لأنه كما ذكرنا يعرف جيدا الخصال النفسية والجسمانية والاجتماعية المتأصلة لدى الممثل فى تجلياته المبدعة.
العلايلى أعرب لـ «الأهرام» عن سعادته البالغة بهذا التكريم الذى يعنى له الكثير، خاصة أنه قادم من دولة عربية يكن لها الشعب المصرى كل الحب والإعزاز، بعد وقوفها معنا خلال السنوات الصعبة التى أعقبت 25 يناير2011، وهنا يشير إلى عمق العلاقات التاريخية والمواقف الشجاعة لحكيم العرب «الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان» فى مساندة مصر دائما، انطلاقا من حب كبير يكنه للمحروسة، كما أن هذا التكريم يعنى أن مشواره الفنى الذى كان مليئا بالأشواك والورود لم يذهب سدى، بل إن النجاحات والإخفاقات، كانت لها دائما صداها الطيب فى عالمنا العربى الكبير، خاصة أنه يعتبر نفسه مواطنا مصريا وعربيا بامتياز.
ولأنه الفنان المثقف الواعى الذى يشعر بوطنه الأم فقد أعلن قبل انطلاقه لدبى أنه يهدى هذا التكريم للشعب المصرى والعربى صاحب الفضل الأول بعد ربنا فى مشواره الفنى، هذا الشعب الذى أثبت أنه قادر على صنع المعجزات.
وفى النهاية أعرب النجم الكبير عن سعادته الغامرة بقرب انتهاء خارطة الطريق فى خطوتها الثالثة الانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن البلد حاليا ينسلخ من دور قديم كان مفروضا عليه، وتخلص من بعض الشوائب التى علقت بثوبه الحضارى، مبشرا بأن الأيام القادمة ترجع لمصر الحقيقية، مصر التى عرفنها وتربينا فى حضنها عربية قوية مساندة لعروبتها وأمتها الإسلامية.