رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب».. حقيقة يكشفها زيادة فى كتابه

محمد القزاز
منذ أطروحته الأولى التى ناقشها فى جامعة السوربون فى باريس عام 1980 بعنوان «المؤثرات الفرنسية على العثمانيين فى القرن الثامن عشر» ظل د. خالد زيادة, سفير لبنان بالقاهرة، أسير البحث فى العلاقات الإسلامية والعربية بأوروبا والغرب ، فكتب بعد ذلك مؤلفه «تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا» حيث رأى أن النظرة الإسلامية انتقلت من الازدراء والاحتقار الذى اتسمت به خلال قرون طويلة من الزمن إلى الاعجاب بعد أن أنجزت أوروبا تقدمها فى الميادين المختلفة، إلا أن هذا الاعجاب انقلب إلى عداء بعد المرحلة الاستعمارية.


وأصبح موضوع العلاقة مع أوروبا موضع اهتمامه ومنهاج بحثه، ليضيف إلى رصيد كتبه وأبحاثه هذا الكتاب, ويضع له عنوان «لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب» الصادر عن مكتبة الأسرة بالهيئة العامة للكتاب.

فى هذا الكتاب يستعيد زيادة الجوار الفريد فى التاريخ والجغرافيا الذى وضع العالم العربى وبالتالى الإسلامى على تماس مباشر بأوروبا، وكانت علاقة العالمين تتميز بالتبادل والصراع وصولا إلى الفترة التى اجتاحت فيها أوروبا العالم كله واستعمرته.

يقول د. خالد فى مقدمة كتابه: «هذا الكتاب هو محاولة للنظر فى تاريخ العرب الحديث، على ضوء العلاقة مع أوروبا والحداثة، بإنجازاته واخفاقاته، وهو قراءة للتيارات الكبرى الفكرية والعقائدية، ومحاولة فهم الحاضر على ضوء الماضى».

ثم يشير فى نفس المقدمة إلى أن الثورات التى شهدتها البلدان العربية فصولها لاتزال فى بداياتها، ذلك أن العالم العربى يشهد مخاضا عسيرا لابد أن يستغرق أعواما بعد عقود من الجمود. إضافة إلى المقدمة يقع الكتاب فى ثمانية فصول تناولت «الجوارب» «التحديث» «النهضة» «الإصلاحية الإسلامية» «الثورة»، «الأيديولوجية» «الدولة» «الأصولية», ثم خاتمة تتناول المراحل التاريخية للعلاقة وتفاعلها, بدء من الجغرافيا وانتهاء بالربيع العربى مع فهرس للأعلام.

ويتناول زيادة حال الفكر الإسلامى منذ زمن بعيد فيقول: «وإذا كان التفكير العربى- الإسلامى اليوم أسير العلاقة بيننا وبينهم، كأن تعيين الذات لا يحدث إلا بالقياس مع الآخر، فإن الأمر بدأ حين شعر المسلم العربى أو التركى أو الإيرانى أو سواهم، بأن الآخر الذى هو الأوروبى قد أصبح متفوقا وترجم تفوقه انتصارا. وقد حدث ذلك فى الحقبة الاستعمارية فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، هذه الحقبة التى عرفتها كل شعوب العالم التى تعرضت للاستعمار الأوروبي، والتى عرفت أيضا حركات التحرر ونزع الاستعمار، ومع ذلك فإن شعوب الإسلام ما زالت أسيرة ثنائية التأخر والتقدم، وصراع الشرق والغرب، بل افتراق الإسلام عن المسيحية الغربية».

على أن ثمة تاريخا مشتركا بيننا وبين الغرب، لا نستطيع الفكاك منه، فيقول: ليس ثمة شعب من شعوب العالم يملك هذا التاريخ المشترك مع أوروبا مثل العرب والبربر والأتراك من المسلمين، إنه تاريخ طويل يمتد مسافة أربعة عشر قرنا من الصراعات والتبادل والحروب المتنقلة من غرب المتوسط إلى شرقه، ومن عمق أوروبا إلى عمق العالم العربى والإسلامي، إلى تبادل البضائع والأفكار والمؤثرات وانتقال الأفراد والجماعات عبر ضفتى المتوسط. وها هى أوروبا من جديد تستشعر خطر الإسلام، الذى لا يشكل قوة عسكرية ولا تهديدا بالاحتلال وقد انقضى زمن الفتوح والحملات الدينية, ولكن لأن المسلمين من العرب والأتراك والهنود الذين قدموا إلى مدنها كعمال والذين أسهموا فى بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وازدادت أعدادهم ومازالت تتفاقم، تبدى شرائح منهم رفضا للاندماج بالإصرار على عاداتهم وإعلان كل ما يظهر هويتهم وممارسة شعائرهم، فضلا عن تغلغل الجمعيات الدينية فى صفوفهم.

ويختتم زيادة كتابه البديع، معقبا على ما شهدته بلداننا بالقول: «لا دور مؤثر للمثقف فى ثورات 2011 ولا دور لمؤسسات الثقافة ولا أحزاب، سوى تلك التى تمثل بقايا أحزاب خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تضم يساريين أو قوميين أو ليبراليين وتمثل الحنين إلى الماضى الوفدى أو الناصرى أو البورقيبي. ومن هنا تمكنت قوى الإسلام السياسى الكامنة من أن تظهر فى واجهة الأحداث».

ثم يحدد أسس العلاج لما نحن فيه فيشير إلى أن المعيار لولادة فكر عربى جديد يكمن فى تجاوز الأيديولوجيات المعادية للغرب، والتخلى عن نظريات المؤامرة على العرب والمسلمين، ولا يتحقق ذلك إلا بنشوء جيل ثقافى يتمتع بالاستقلال فى الرأى، قادر على قياس المصالح التى تربطنا بسائر الأمم، ويعيد النظر بكل الأسس الاقتصادية والتربوية والسياسية التى تحكم حاضرنا.

الكتاب : لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب

المؤلف : الدكتور خالد زيادة

الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب 2015

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق