رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فتوى
زوال البَكارة سبب للطلاق

ما حكم من تزوج بفتاة على أنها بكر وبان له عند الدخول بها أنها بخلاف ذلك؟

يجيب الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، قائلا: رغَّب الشارع فى الزواج من البِكْر، فرُوِيَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تَزَوَّجوا الأبكارَ، فإنهن أعذبُ أفواهًا، وأنتق أرحامًا، وأرضى باليسير»، ورُوِيَ عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «يا جابر تزوجتَ بكرًا أم ثَيِّبًا؟ قال: ثيبًا، فقال: هلَّا تزوجتَ بكرًا تلاعبُها وتلاعِبُك» وفى رواية أخرى: «فهلَّا بكرًا تلاعبها وتلاعبك، وتُضاحكها وتُضاحكك»، وكانت عائشة تؤكد فضلها على سائر نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، فتذكر له أنه لم يتزوج بكرًا سواها، ولَمَّا كانت البَكارة صفة مرغوبة فيمَن أراد الدخول بها أعدَّ الله تعالى للطائعين من عباده أزواجًا من الحُور العِين، أبكارًا لم يمسَسْهنَّ أحد من قبلُ، فقال سبحانه وتعالى فى وصفهن: (إنا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنشاءً. فجَعَلْناهُنَّ أبْكَارًا) كما قال تعالى: (فيهِنَّ قاصراتُ الطَّرْفِ لم يَطْمِثْهُنَّ إنسٌ قبلَهم ولا جان). وكل هذا وغيره دليل على استحباب الزواج من المرأة البِكر، إلا أن يكون هناك مقتضى للزواج من الثَيِّب، فإن الشرع لا يمنعه، كما ورد فى قصة جابر حين رغَّبَه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الزواج من البِكْر، قال: «يا رسول الله كن لى تسع أخوات، فكَرِهْتُ أن أجمع إليهنَّ جاريةً خَرْقاء مثلَهُنَّ، ولكن امرأة تقوم عليهنَّ وتُمَشِّطْهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَصَبْتَ».

وإذا كانت البَكارة صفة مرغوبة فيمَن يُراد الزواج بها على هذا النحو حتى كان مستحبًّا، فإن زوال البَكارة من المرأة المعقود عليها صفة غير مرغوبة، خاصة لمَن تزوج امرأة على أنها بكر، ثم بانَ له عند الدخول عليها أنها بخلاف ذلك، فتُعَدُّ عيبًا جوهريًّا فيها، وإذا كان الرضا شرطًا فى عقد النكاح لا يصح العقد إلا به فإن مَن تزوج امرأة على أنها بكر، ثم بان له أنها بخلاف ذلك عند الدخول بها يكون قد شابَ رضاه عيبًا من عيوب الرضا، وهو التدليس عليه فى وصف هذه المرأة عند العقد عليها، ولمَّا كان عقد النكاح لا يدخله خِيَار الرد بالعيب الذى يجده الزوج بزوجته عند الحنفية فإن هذا الزوج الذى دلَّس عليه فى بَكارة هذه المرأة لا يملك ردَّها وفسخ عقد النكاح بسبب ذلك، وإنما له أن يطلِّقَها إن شاء، فقد طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لمَّا وجد بها عند الدخول بها عيبًا يكرهه، دُلِّسَ عليه فيه. بل إن المالكية والشافعية أجازوا له الرجوع بالمهر على مَن غَرَّر به، وكتم عنه هذا العيب بالمرأة، فقد رُوِيَ عن عمر أنه قال: «أيما امرأة غَرَّ بها رجل.. فلها مهرها بما أصاب منها، وصداق الرجل على مَن غَرَّه»، وهذا يعنى أن للزوج المُدَلَّس عليه فى هذه الحالة الرجوع على مَن دَلَّس عليه بالصداق المبذول منه. والدعوة إلى إلغاء فقد البَكارة كسبب للطلاق، دعوة إلى التحلُّل الخُلُقي، والتردِّى فى الرذيلة، إذ بوُسْع الأنثى المتستِّرة بهذه الدعوة أن تمارِس الفاحشة قبل الزواج ما شاءت، وأن تُعَدِّد من عَلاقاتها الجنسية، لاسيما إذا انعدم الوازِع الدينى عندها، لأنها تُوْقِن فى النهاية أن وُجود البَكارة كعدمه، لا يعنى شيئًا، وفى هذا من الشر المُستَطِير والفساد البَيِّن ما لا يَخْفى على أحد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق