رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المغامرة بالجسد فى جراحات التجميل

فتوح سالمان
زينب امرأة اقتربت من الخمسين, طالما عانت من ترهلات فى منطقة البطن، حاولت مع الريجيم لكنها لم تتحمل الجوع والحرمان، وحاولت مع الرياضة لكنها لم تتحمل التعب والإرهاق.. قال لها الطبيب الجراح إنه سيخلصها من الترهلات بعملية بسيطة لشد البطن، وستخرج من عيادته تقود سيارتها الى المنزل.

لكن لم تمر أيام قليلة حتى خرجت زينب من بيتها الى المستشفى مصابة بتعفن فى البطن استدعى إجراء 9 جراحات لإنقاذ حياتها.. وحال زينب ليس فى مصر فقط بل تحدث أخطاء عمليات التجميل على مستوى العالم.

لم تكن زينب بحاجة ملحة للجراحة وبالقطع هى جراحة تجميلية غير ضرورية ولا يوجد أى سبب طبى يستدعى إجراءها.. لكنها حمى الجمال التى أصابت الجميع حتى جعلت البعض مستعدا للمغامرة بجسده.

والمغامرة صفة حميدة ومطلوبة فى الإنسان ما لم تصل الى حد التهور.. والسعى وراء الجمال هدف نبيل ما لم يصل الى حد المغامرة بالجسد.. وللأسف أصبحت جراحات التخسيس هى مصيدة الموت للحالمين بالرشاقة.. والمؤسف أكثر أن هناك دفعا وتشجيعا من الجميع نحو هذه الجراحات الخطيرة والترويج لها باعتبارها أسهل من شكة الدبوس.

إعلانات ليل نهار على الشاشات والمواقع الالكترونية كلها تبشر بالتخلص السهل من الترهلات أو من دهون البطن، وبالتخلص من التجاعيد المزعجة، وأطباء التجميل هم الأكثر إقبالا على «بيزنس الطب الإعلامي» وأكثر من يشترون الوقت ويدفعون مئات الآلاف للظهور على الشاشات ويقنعون السيدات أن بإمكان الطب أن يجعلها أصغر 20 عاما، وأن جمال اللبنانيات مثلا كله صناعى فى صناعى، وبإمكان أى فتاة او سيدة أن تصبح مثلهن بجراحة لا تستغرق أكثر من ربع ساعة من الزمن.

قليل منهم من ينبه السيدات الى خطورة هذه الجراحات، وأن جراحة شفط الدهون ليست مثل شكة الدبوس بل هى جراحة خطيرة، وأن إجراءها قرار أخير بعد حلول أخرى عديدة ولضرورة طبية فقط. فأصبح الاستسهال هو عنوان المرحلة والشعار الرسمى للطامعين فى القوام الرشيق والبشرة النضرة.

لا أحد يعلم أن جراحة شفط الدهون هى الأخطر، والأخطاء الطبية فيها أكثر شيوعا تليها جراحات شد البطن ثم تكبير الصدر وبعدها جراحات الأنف. وقليلون من يعرفون أن جراحة مثل شفط الدهون إذا لم يجيرها طبيب مدرب وفى ظروف طبية سليمة تماما قد تسبب مشاكل صحية خطيرة نتيجة شفط كمية كبيرة من الدهون وأن جراحات الجفون من الممكن أن تسبب شللا أو خللا فى وظيفة العين وأن حقن الرفع «الليفتينج» من الممكن أن تسبب شللا فى الوجه.

د. ندا رضا استشارى جراحات التجميل متأكدة أن طب التجميل فى مصر أصبح تجارة مربحة فى المقام الأول وليس كل المشتغلين به على نفس القدر من الكفاءة والدراية، وبعضهم يفعل ما يطلبه المريض دون أى اعتبارات أخلاقية او طبية.. صحيح أن الخطأ الطبى وارد لكن جراحات التجميل ليست «حاجة بسيطة» كما يتصورها البعض. بل هى جراحات كبيرة بتخدير كامل، وحتى حقن البوتوكس والفيلر لها مضاعفات خطيرة إن تمت بغير ضوابط.. فليس كل ما تطلبه المرأة من الممكن تنفيذه، فينبغى أن يكون مناسبا لها حتى لا تكون المضاعفات خطيرة تشوه وجه المرأة او تفقد المريض حياته.

المشكلة الأكبر أن الأمر لا يتوقف عند الأطباء سواء كانوا على كفاءة او بدون، بل أصبحت مراكز وصالونات التجميل تفتتح غرفة خاصة لشد الوجه وحقن البوتوكس والفيلر وغيرها، ولا أحد يراقب او يتابع او يعاقب.. النجاة دائما فى السؤال عن الطبيب أولا كما تقول استشارية التجميل.

للإبلاغ عن أخطاء الطبيب

لكن ماذا إن وقعت الفأس فى الرأس وفشلت الجراحة ؟.. فى مصر هناك ثلاث جهات للإبلاغ عن الأخطاء الطبية هى النيابة العامة، وإدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، ولجنة التحقيق وآداب المهنة بنقابة الأطباء، حيث تعد الأخيرة لجنة لتقويم الطبيب، وتتراوح عقوباته بين اللوم والتنبيه، والغرامة المالية، والإيقاف المؤقت أو الدائم عن ممارسة مهنة الطب، أما العقوبة فهى الحبس من ستة أشهر الى سنة. لكن الصعب بل والمستحيل هو أن تثبت أن المضاعفات التى حصلت كان سببها خطأ الطبيب، ففى مثل هذه الأحوال تتفرق الدماء ما بين الأطباء والتمريض وإهمال المريض نفسه والثمن يدفعه المريض وحده.

الجمال ليس له كتالوج

ربما يكون اللجوء الى جراحات التجميل حلا فى بعض الأحيان، لكنه قد يكون مصيدة للموت فى أحيان أخرى، والتجميل علم له أخلاقيات وقواعد وليس مجرد سبوبة وبيزنس وأوكازيون إغراءات.

ولابد من تشريع يحدد المسئولية الطبية ويعاقب المخالفين والأهم إجراءات قوية تحول دون الاتجار بصحة الناس وأحلامهم..ليس للجمال كتالوج وليس للأنوثة شكل محدد ومواصفات معينة, كم من النساء يمتلكن من المقاييس الشكلية ما يجعلهن يشبهن فتيات أغلفة المجلات. لكنهن خاليات من الجمال الداخلى.

ولكل امرأة تفكر فى جراحة تخسيس.. فكرى جيدا قبل الإقدام على هذه الخطوة واسالى عن مضاعفاتها ولا تصدقى من يخبرك أنها عملية ناجحة مائة بالمائة، وأسهل من شكة الدبوس.

الدبوس ممكن أن يتحول ساعات الى أداة جريمة، ودكاكين الجمال كثيرا ما تبيع الوهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق