وهذه عادة ما تكون لشخصية سياسية أو فنان أو شاعر أو فيلسوف. والتأبين في بعض المجتمعات والفئات يتم يوم الدفن, حيث يتم شرح معنى الحياة والموت ويليه تعداد الصفات الحميدة للمتوفى وبعد ذلك يتم القاء تأبينات نثرية أو شعرية.. كما يتم التأبين أيضا فى ذكرى الأربعين للمتوفي، وفى حالات خاصة فى الذكرى السنوية للمتوفى .
وقد فرقت اللغة العربية بين الرثاء والتأبين؛ فالتأبين هو الثناء على الشخص بعد موته؛ أما الرثاء فبكاء الميت وتعديد محاسنه، ويقال: النائحة ترثى الميت، تترحم عليه.
ولما كان التأبين ثناءً على الميت، وتعديداً لفضائله، وكان من عناصر الرثاء تعديد محاسن الميت، فان البعض يرى أنه لا فرق بين الرثاء والمديح، مع شرط واحد هو ان يتم تأكيد ان من يتم الحديث عنه ميت. ولاتوجد مراسم موحدة او بروتوكول مكتوب يتم اتباعه فى حفلات التأبين.. وانما يخضع ذلك للعادات والتقاليد من ثقافة لاخرى.. واحيانا داخل الدولة الواحدة.. من منطقة لاخرى... بل تتغير مراسم التأبين ازاء شخصية معينة عن اخرى وفقا للمكانة وطبيعة الشخص نفسه ..فالادباء والشعراء والفنانون.. قد تتخذ حفلات التأبين لهم اشكالا مختلفة عما يتم للشخصيات العامة والسياسية.
ومن الامور الشائعة اليوم فى معظم مراسم التأبين اضاءة الشموع ووضع باقات الزهور.. والصمت والحداد.. واذا كان المتوفى ملكا او رئيس الدولة، تتولى مراسم الدولة تحديد فترة الحداد العام، وكذلك تنكيس الاعلام و دعوة السفراء المعتمدين لدى الدولة لحضور هذه المناسبة الحزينة.. و فى بعض الاحيان يتم دعوتهم لكتابة كلمة عزاء فى الدفتر المعد لذلك.
رغم ذلك تبقى الموروثات الثقافية هى الغالبة.. ففى بعض مناطق الهند يكون نثر الرماد الناتج عن حرق جثة المتوفى أمرا أساسيا من مراسم التأبين.. وقد تفرض طبيعة شخصية المتوفى اجراءات معينة.. او نتيجة توصيته هو شخصيا قبل الوفاة ..فمن اغرب حفلات التأبين العالمية فى الفترة الاخيرة كان حفل تأبين الاديب جابرائيل جارثيا ماركيز.. الحائز على جائزة نوبل فى الادب.. فقد سار موكب التأبين محاطا بالوعاء الذى يضم رماد جثمانه، من منزله إلى المركز التاريخى بالعاصمة المكسيكية، مقر مراسم التأبين..حيث كانت عائلة ماركيز قد أحرقت جثمانه فى حفل عائلى خاص بمدينة مكسيكو سيتى قبل اسبوع من حفل التأبين.
وجرى حفل التأبين على منصة قصر الفنون الجميلة، وهو المكان نفسه الذى تكرم فيه المكسيك كبار فنانيها.وزينت الزهور الصفراء، المفضلة لدى الكاتب الراحل، قصر الفنون.. ولم تعزف موسيقى جنائزية.. بل عزفت فرقة موسيقية بعض المقطوعات الموسيقية المفضلة لديه.. وسار فى الموكب الجنائزى الآلاف من عشاق الكاتب الراحل .
فالتأبين فى النهاية أشبه بمراسم العزاء التى اصبحت تختلف من شعب لآخر واحيانا من قرية لاخرى .