من ينسى مسلسلات «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع» و«الرحايا» و«ذئاب الجبل» و«أرابيسك» و«الوتد» و«الحب وأشياء أخرى» و«ضمير أبلة حكمت» وغيرها من الأعمال الدرامية التى تميزت بالرقى والنصوص الهادفة ذات الرؤية المجتمعية السليمة وهذا هو ما ننشده الآن من الدراما التى لا تتوافر فيها تلك الصفات بسبب اللهث على الربح من جانب بعض المنتجين، بينما افتقد المشاهد العمل الدرامى الإجتماعى الهادف بعد توقف جهات الإنتاج الدرامى التابعة للدولة،وفى هذا التحقيق يطالب صناع الدراما بعودة الدولة للإنتاج إنقاذا لقوة مصر الناعمة المتمثلة فى الفن وإحياء للدراما المصرية قبل أن تلحق بالسينما والمسرح.
فتقول المخرجة إنعام محمد على: إن الدولة فى حاجة ماسة لإنتاج درامى متميز ومتقن لأن الفضائيات الخاصة تركز على سلبيات المجتمع فقط وتمحو الإيجابيات والمشاهد يحتاج إلى ضوء من النور بعيدا عن التشاؤم فى كل مانشاهده ولابد أن يتميز الإنتاج بالتطور الذى تشهده مصر حاليا فأين القدوة فى الاعمال الدرامية التى كنا نراها فيما مضى، كذلك الأعمال التاريخية التى تجسد تاريخنا ومراحله المختلفة من ثورات و رؤساء مرت على مصر والأهم أن تنتج قطاعات الدولة هذه الاعمال مثل قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامى بينما تحتاج هذه القطاعات إلى أموال لإنتاج أعمال كبيرة ومتميزة وتكون على مستوى عال من المهنية والحرفية والرؤى الإيجابية المتعمقة التى ترجو ثمارها على المجتمع لأن القطاع الخاص لايهمه من الإنتاج الدرامى سوى العائد المادى فقط دون النظر فى القصة التى تشاهدها الأسرة بأكملها وتتعلم منها.
وهو ما أكده المخرج عادل الأعصر قائلا: أتمنى أن يعود الإنتاج الدرامى لقطاعات الدولة الفنية المتمثلة فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وصوت القاهرة والتركيز على الأعمال التى لا يقوى على إنتاجها القطاع الخاص كالأعمال التاريخية والدينية والوطنية وهناك تجارب ناجحة ومشرفة لهذا الإنتاج ومنها على سبيل المثال مسلسلات «رأفت الهجان» و«السقوط فى بئر سبع كما أتمنى أن تساهم الدولة فى إنتاج مسلسل عن حرب أكتوبر المجيدة ولدينا مخرجون من أجيال مختلفة يستطيعون إعادة زمن الدراما الجميل.
وقال الكاتب مجدى صابر: أمنيتنا جميعا ككتاب العودة للعمل فى قطاعات إنتاج الدولة فقد كان قطاع الإنتاج هو البيت الكبير لنا باتحاد الاذاعة والتليفزيون وكذلك صوت القاهرة لأن هذا الكيان أنتج أعمالا ذات قيمة وهدف من بينها أعمال تاريخية وأخرى وطنية، أما القطاع الخاص فلا يستطيع تحمل التكاليف العالية لنوعيات معينة من المسلسلات وفى معظم الأحيان يبحث عن المكسب فقط وليس عن القيمة إلا قليل من جهات الإنتاج الخاص واتجاه البعض إلى إنتاج أعمال عن المخدرات والبلطجة والدعارة وهذا افسد فئات من الشباب ولذلك أنادى بعودة الدولة للانتاج الدرامى حفاظا على الهوية المصرية التى تربينا عليها، خاصة أنه منذ ٤ أعوام ولم نجد أعمالا تعبر عن قضايا الوطن.
وطالب المخرج مجدى أبو عميرة بعودة الإنتاج الدرامى من جانب قطاعات الدولة قائلا: أطالب أنا وغيرى من صناع الدراما منذ سنوات هذا المطلب وقد عقدنا ندوة بجريدة الأهرام العريقة حول هذا الموضوع لأهميته وطالبنا من رئيس الوزراء السابق المهندس محلب مساندة الدولة للدراما وتحديد ميزانية سنوية للأعمال الدرامية حتى تعود المسلسلات شديدة التميز من جديد مثل «رأفت الهجان» و«ليالى الحلمية» و«المال والبنون» و«بوابة الحلوانى» و«على هامش السيرة« و«محمد رسول الله» و«عمر بن عبد العزيز» وغيرها من الأعمال التى لاتزال موجودة حتى الآن فى وجدان المشاهدين خاصة أن هذا الإنتاج الذى نطالب به سيعمل على التوازن فى الأعمال الدرامية على الشاشة بين ما يقدمه القطاع الخاص من أعمال تعود بالسلب على النشء والجيل الجديد فنادرا ما يقدم الإنتاج الخاص على أعمال جيدة وهادفة ومفيدة للمجتمع.
وأشار المخرج هانى إسماعيل إلى أن الأعمال الدرامية الضخمة لابد أن تكون من إنتاج الدولة ولن يخرجنا من هذا المأذق الذى تواجهه الدراما المصرية إلا إنتاج الدولة لإعادة الدراما التلفزيونية مرة أخرى لمكانتها فمنظومة القطاع الخاص لها أفكار خاصة التى تخضع للمكسب والخسارة وليس للمضمون الذى يهتم به القطاع العام بل ويهتم بالفكر والثقافة والوعى والأعراف والتقاليد الإجتماعية والدينية للحفاظ على الهوية المصرية والعربية وأعتقد أن الإهتمام بالفن والدراما الإنفاق عليه لا يقل أهمية عن المشروعات الإقتصادية ويجب على الدولة أن تختار صناع الدراما من القدامى والجدد, بالإضافة إلى إنشاء لجنة لإنقاذ الدراما.
وقال المخرج محمد النقلى: أعتقد أن هذا حلم جميل أتمنى أن يتحقق لأن قطاعات الدولة هى كيان وعاملين على أعلى مستوى وإمكانيات فنية محترفة لا توجد بالقطاع الخاص ولكن ما ينقص قطاعات الدولة ينقصهم التمويل فقط ولابد أن تتبنى الدولة هذه القضية للتغلب على الأعمال الهابطة والاهتمام بتعليم وتثقيف المواطن المصرى فقد كان قطاع الإنتاج هو باكورة العمل الدرامى والعصر الذهبى .
ويقول الناقد طارق الشناوى: وجود إنتاج لقطاعات الدولة مطلب هام جدا لأن القطاع الخاص لا يهتم بالمضمون ويعتمد على العائد المادى فقط والترويج للمنتج على حساب القيمة وأضاف أن المسلسل الذى أنتجه قطاع الانتاج فى العام الماضى بعنوان «دنيا جديدة» كان من أضعف الأعمال الدرامية التى قدمت فالمهم ليس الإنتاج لمجرد الإنتاج ولكن لابد أن يكون العمل ذات قيمة وليس الغرض الإنتاج فقط فهناك بعض الأعمال التى تنتجها قطاعات الدولة المختلفة تقع تحت طائلة المجاملات سواء لمخرج أو ممثل وتكون غائبة عن المضمون كذلك شروط التسويق لا تتوفر فى عملية إنتاج الدولة للعمل الدرامى لأن التسويق أهم من الإنتاج فلابد أن يتحرك القطاع الاقتصادى فى مهمة تسويق الأعمال الدرامية ولابد لقطاعات الإتاج الدرامى المختلفة أن تتحرك وتبحث عن كل عوامل نجاح العمل الدرامى حتى تقف ضد تيار الأعمال الخاصة التى لاتهتم بالمحتوى على حساب المشاهد ورؤيته وبالطب فإن الحل هو إنتاج الدولة
وتقول الناقدة ماجدة موريس: إنتاج أعمال درامية يقع فى دائرة منظومة اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأكملها التى تحتاج إلى تطوير حتى يعود الإنتاج المتميز الذى كنا نراه فيما مضى وبعد أن تتوفر عدة مقومات نبحث عن الإنتاج الدرامى وكيفية إيجاد أعمال كبيرة لكبار الكتاب لنستعين بها فى الدراما حتى تتوافر للعمل الدرامى مقومات النجاح ويكون هناك شكل جديد ومتميز لاتحاد الاذاعة والتليفزيون.