أعلنت فرنسا مؤخراً حالة الطوارئ على مجمل الأراضى الفرنسيّة لمدّة 12 يوماً مباشرة بعد الهجمات الارهابية التى ضربت باريس يوم 13 نوفمبر 2015، واستجابت الجمعية الوطنية الفرنسيّة لطلب الرئيس الفرنسى تمديد الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر إضافيّة، من أجل حماية مؤسسات الدولة واستقلال الوطن ووحدة أراضيه، ومجابهة أيّة ظروف تعيق تنفيذ فرنسا لالتزاماتها الدوليّة.
هكذا يقول الدكتور أيمن سلامة خبير القانون الدولى ، مشيرا إلى انه بموجب «حالة الطوارئ» السّارية الآن فى فرنسا، تستطيع السلطة التنفيذيّة أن تواجه أوضاعا استثنائية ذات مصدر سياسى أو ناجمة عن كوارث طبيعيّة ، و نظراً للضّرورة التى اقتضت إعلان الطوارئ فى فرنسا، نتيجة الاعتداءات الإرهابية الأخيرة، والتى يمكن وصفها بأحداث تشكّل بحكم طبيعتها وخطورتها ما يسمّى بالكارثة العامّة، تقوم السلطة التنفيذيّة بتعليق الشرعية القائمة فى الأزمنة العاديّة لمواجهة حالة الأزمة عن طريق سلطات الأزمة، فينص قانون حالة الطوارئ على توسيع نطاق الإقامة الجبريّة ليشمل كل شخص تتوافّر أسباب كافية للشّك فى أنّ سلوكه يشكّل تهديداً للأمن والنّظام العام، ووضع سوارات إلكترونيّة للأشخاص الذين تتم إدانتهم بأعمال إرهابيّة أو أنهوا عقوبتهم منذ أقل من ثمانية أشهر، ووضع بعض الأشخاص قيد الإقامة الجبريّة ومنعهم من الاتّصال مباشرة أو بشكل غير مباشر بأشخاص يشتبه أيضاً فى أنّهم يعدّون لأعمال تهدّد النظام العام والسّماح للشرطة بمداهمات دون المرور بالسلطة القضائيّة، وحجب مواقع إنترنت وشبكات تواصل اجتماعى تحرض على الإرهاب، فضلاً عن تفتيش المنازل والاعتقال دون إذن قضائي، ورقابة الحكومة على وسائل الإعلام، ومنع التجمّعات وإغلاق الملاهى ودور السينما وجميع الأماكن الترفيهية، وبموجب إعلان حالة الطوارئ فى فرنسا يمكن للمحافظ منع حركة الأشخاص أوالآليّات ضمن الأماكن أو خلال الأوقات المحدّدة فى مرسوم خاص. كما يسمح بتشكيل نقاط أمنيّة تخضع فيها الإقامة لضوابط ونظم خاصّة، أو تمنع كليّاً إقامة كل شخص من شأنه أن يعيق بشكل أو بآخر عمل السلطات المحلية، بالإضافة لذلك, يتم إغلاق الأماكن العامة والمسارح والمكتبات والمقاهى وقاعات الاجتماع والبلديات, وفى بعض الحالات الخاصّة جداً تخوّل حالة الطوارئ السلطات الوطنية فرض نوع من الرقابة على الصحافة والمنشورات، كما على برامج الراديو ومحتوى دور السينما والعروض المسرحيّة، أيضاً يمكن تجريد القضاء من صلاحياته الأصيلة، فتحوز السلطات الإدارية صلاحيات للتفتيش ليلاً ونهاراً، وتطلق يد القضاء العسكرى للتحقيق فى شؤون من خارج صلاحياته المتعارف عليها، جلى أنّ، الباعث الرئيسى لكافة الدّول ذات السيادة، دون استثناء، فى اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ، هو السيطرة على زمام الأمن والنّظام العام فى البلاد، والمحافظة على كيانها من الزّوال، و أنّ مصالح الدولة العليا تستحيل مقاربتها أو التّضحية بها مقابل أيّة مصلحة أخرى أو شرعيّة مغايرة، وختاماً فإنّ الهدف الآمر لأيّة دولة هو الدّوام، وأنّ الدّول تصنع القوانين لتحقيق مصالحها، والقانون وجد لتحقيق صالح الجماعة أى المجتمع، لذا، فالدول لاتنصاع للقوانين التى لا تحميها أو تحفظ حياتها.
رابط دائم: