وربما قبله وبعده فى قالب درامى نجح فى أن يمزج فيه بين الواقع والحقيقة وبطل الرواية شاب من طنطا نزح إلى القاهرة فى نهاية الستينات من القرن العشرين للدراسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وقلبه مفعم بالأمل والطموح والرغبة فى خدمه بلاده وكان مجدى مراد آنذاك مؤمنا إيمانا راسخا بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية والمساواة وبكل ركائز سياسة الدولة التى كان ينتهجها جمال عبد الناصر ويجد مجدى نفسه متورطا فى مظاهرات الطلبة وهو فى السنة الثالثة بالكلية ويقبض عليه ويتعرض فى الحبس للضرب والإهانة ويضطر تحت الضغوط لقبول عرض من مباحث أمن الدولة بأن يكون عينها على الحركة الطلابية داخل الجامعة وأن يكتب التقارير لضابط شاب يساعده على النجاح فى الامتحان.
وتؤدى صدمة السجن إلى زلزلة قناعات مجدى مراد وإلى أن يكفر بكل ما كان يؤمن به واقتنع بعد تفكير بأن القوة وحدها هى التى تحكم العلاقات بين الحاكم والمحكوم وقرر أن يكون فى صفوف الأقوياء وأصحاب البأس وأن يدهس الضعفاء والمقهورين.
وبعد أن تنكر لمبادئه وأحلام شبابه بدأ يصعد السلم الوظيفى بفضل مساندة أستاذه السابق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الدكتور فاضل غنيم ويزيح من طريقه أعز اصدقائه من أجل الوصول إلى السلطة وحين يحقق حلمه ويصير وزيرا بوزارة أستاذه فاضل غنيم بذل كل الجهود ليكون فى كنف الهانم لأنه اقتنع بأنه طالما استظل بحمايتها فطض فى الجميع ومع مرور الوقت أقنع مجدى نفسه بأنه من الطبيعى أن يستغل منصبه الوزارى ويستفيد من نفوذه مبررا ما يفعل بأنه يخدم البلد ويضحى من أجلها ويعتبر من أعمدة نظام الحكم القائم وكانت قناعة مجدى مراد أن الحياة السياسية فى مصر قد تجمدت، فالرئيس مستمر فى الحكم إلى ما لا نهاية وفى حالة وفاته فإنه لا يشك لحظة فى أن الابن هو الوريث وكل المؤشرات تدل على أن الساحة يتم تجهيزها لتوريث الحكم وكان لا يخامره أدنى شك فى أنه سيظل وزيرا حتى نهاية حياته بل كان رهانه أنه سوف يقفز على منصب رئيس الوزراء، لذلك كانت أحداث يناير 2011 مفاجأة مذهلة له، فانهارت الأحلام وهوى فى أيام قليلة من القمة إلى القاع.
وفى أكثر من فصل يتعرض المؤلف لعلاقة الوزير بالصحافة وكيف كان يقوم بتصنيف الصحفيين إلى فئات للتعامل معهم وكسب مودتهم وحثهم على كتابة مقالات وأخبار إيجابية عنه.
من يقرأ الرواية المكونة من 13 فصلا فى 239 صفحة، يشعر كأنه يقف أمام لوحة متكاملة للحياة السياسية فى مصر يتداخل بين ألوانها الخيال مع الواقع وتمتزج فى ثناياها أحداث وقعت بالفعل، لكن مجدى مراد بعد أن بدأ يستوعب الصدمة المروعة وابتعاده عن كرسى السلطة، لا يتنازل عن قناعاته بأن القوة هى الوسيلة الوحيدة للحكم ويدب فى قلبه الأمل بأن يعود لأضواء الحكم مؤكدا أن «مصر لن تتغير».
الكتاب: الهانم والوزير
المؤلف: شريف الشوباشى
الناشر.. على نفقة المؤلف:2015