رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الإرهاب وسوريا.. أهم الملفات فى قمة العشرين

أنطاليا: سيد عبدالمجيد
بدت الآمال عريضة في أن تخلب أجواء قمة العشرين التي عقدت في أنطاليا جنوب تركيا ، أفئدة المشاركين فيها والذين تجاوز عددهم الثلاثة عشر الف شخص ، وقبل إنعقادها بثلاثة ايام ، زف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من خلال تصريحات حصرية لوكالة أنباء الاناضول الرسمية ، ببشري للقادة الضيوف والذين يهيمنون على 80 % من إقتصاد العالم، بأنهم سوف يشاهدون قمة لن ينسوها أبدا، وذلك من فرط الزخم والإهتمام اللذين أحيطا بها وأشرف عليهما هو بذاته منفردا، كي تخرج في أجواء إحتفالية أسطورية، يعززها سحر المدينة المطلة على المتوسط ، والتي تم تفضيلها دون غيرها من مدن الأناضول، مكانا لإنعقادها في ظل حماية 12 الف شرطي مدعومين بتدابير أمنية قصوى شملت البحر والجو والبر.

ربما ظهر إضطراب محدود للغاية في جدول الأعمال ، وفيما عدا ذلك وهذا للانصاف لم تكن هناك هفوات تذكر ، فكل شىء أعد بعناية فائقة ، لا مجال للخطأ أو إحتمال وقوعه ، لكن يبدو أن الرياح جاءت إلى حد ما عكس المبتغي حصوله ، ففضاءات الحبور والسعادة سرعان ما تلاشت بعد أن أطلت عليها الهجمات الشرشة التي ضربت في مقتل عاصمة النور باريس، ولتلقي بظلالها الكثيفة على فعاليات القمة التي لم يحضرها بطبيعة الحال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، والدليل على ذلك هو أن يومها الأول بكل نقاشاته ولقاءاته انكب على قضية الإرهاب وبالتالي البحث عن وسائل ناجعة لمواجهته ودحره وسط دعوات محمومة من الجميع بلا إستثناء بتوحيد الجهود لمكافحة آفة داعش وكل التنظيمات والتيارات التكفيرية.

ومع العواطف الجياشة ، وفي مفارقة ليست بالجديدة على مناخات غربية التي تناست مع وقع الصدمة الباريسية المروعة ، إنها تكيل بميكالين وفوق ذلك تتبني مواقف مزدوجة وأحيانا متناقضة ، تحاشي ذاك الجمع الكوني نفسه الحديث أو التلميح عن مثالب وخروقات وتواطؤ مارستها بعض الدول علانية وبلا مواربة ، تمثلت في غض الطرف عمدا عن تحركات مشبوهين كانوا بالمئات ثم صاروا بالآلاف، تاركين إياهم يصولون ويجولون بلا رقابة أو توقيف إنطلاقا من شعارات وحجج زائفة ، وربما كان القائمون عليها يعرفون من خلال أجهزتهم الاستخبارتية ، أن هؤلاء الطلقاء يقومون بتجييش وتجنيد عشرات الشباب بين ضفتي الأطلسي تمهيدا للزحف من أجل بعث وإحياء دولة الخلافة على أرض الإسلام ، وجاءت الاراضي السورية وبدرجة أقل العراقية ، لتكون قبلتهم لتنفيذ حلمهم الابدي وما يتصورنه وعد الله الحق.

وما إن بدأت الدماء تسيل أنهارا ، إضافة إلى أن ما ارادوه وهو الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد, لم يتحقق, هنا هبوا بالتحرك بجدية لاستئصال الظلاميين الذين توغلوا كالسرطان في أحشاء العالم المتحضر ، وهو ما يعني أن الزعماء الكبار أصحاب السطوة ، كان عليهم الانتظار طويلا حتى تحدث عمليات بربرية كتلك التي وقعت في تركيا وبيروت وباريس، بعدها يفيقون ثم يسرعون بشحذ الهمم لوقف دعم الجماعات المسلحة، وهاهو الرئيس الأمريكي باراك أوباما يستخدم كل إمكاناته لإقناع دول أوروبية وشرق أوسطية بإتخاذ خطوات أكثر فاعلية لإظهار التزامها العسكري في مواجهة داعش.

صحيح أن لقاءه نظيره الروسي يؤدى إلى تغيير جوهري في مواقفيهما حيال بشار الاسد وفق ما قاله الكرملين في مساء اليوم التالي للقاء، إلا أن كل الشواهد تؤكد أن ساكن البيت الابيض لن يضع العربة أمام الحصان بخصوص الشرعية المتأكلة لحاكم دمشق، ولا بأس من القول أن الأسد لن يكون له مكان في سوريا الجديدة ، وليبق السؤال متى ستدشن؟

فالتفكير الآن ينحصر فى القضاء على الإرهاب فى الأراضى السورية ، ويكفي أنه قبيل انعقاد القمة بساعات فجر أحد عناصر داعش نفسه أثناء حملة للشرطة فى مدينة غازى عنتب المتاخمة للحدود مع سوريا، والتي تبعد بدورها 310 كيلو مترات فقط من أنطاليا، مما أدى إلى إصابة 4 من رجال الأمن ، وكأنهم أرادوا توصيل رسالة إلى الذين سيجتمعون فحواها أن التنظيم موجود حتى على الأراضى التى فتحت لهم بوابتها كي يذهبوا من خلالها إلى سوريا.

وتلك لطمة في حد ذاتها للسياسة الخارجية التركية التي فعلت المستحيل على مدار سنوات لإزاحة الاسد ورغم ذلك لم تفلح ، وليت الأمر سيقتصر على ذلك ، فطبقا لما دار في أروقة القمة، لن يفيد أنقرة في شئ ، على الأقل بالأمد المنظور ، ترديد نغمتها الرامية إلى مرحلة انتقالية بدون الاسد ، لأنها ببساطة لن تجد الآذان مصغية التي فجعت بضربات باريس الموجعة ، ومن ثم فلا مناص أمامها سوى الرضوخ مضطرة والقبول ولو على مضض بما يحيكه الغرب الساعي إلى صفقة مع روسيا لحل وسط بشأن جارتها السورية يضمن بقاءه ستة شهور . كل هذا يتناغم مع ما ذهب إليه الامين العام للامم المتخدة بان كي مون فبعد أن شدد على ضرورة الرد بقوة على إعتداءات باريس أضاف قائلا أن العالم امام لحظة نادرة لانهاء العنف في سوريا.

وعموما فقد سبق ذلك خارطة الطريق التي توصل إليها وزيرا خارجية أمريكا جون كيري وروسيا سيرجي لافروف في فيينا مقابل بحث إقامة منطقة آمنة داخل الاراضي السورية لإستيعاب اللاجئين وتخفيف الضغط عليها والمزيد من المساعدات المالية .

لكن تركيا في ظل العدالة والتنمية لم تخرج من المولد بلا حمص حيث أن رئيسها كان متخوفا من إنتقادات أو إدانات يمكن أن توجه له من قبل ممثلي الميديا الاوروبية والأمريكية وبحيث تضعه في موقف حرج أمام الاتحاد الأوروبي نتيجة لتدهور دولة القانون في بلاده والتراجع الخطير لحرية التعبير ، وهو ما لم يحدث ، وهكذا مرت واقعة تفتيش إحدي الصحف الكبري وإخراج شبكة سمان يولو التابعة للداعية الإسلامي فتح الله جولين من القمر الصناعي تروكسات مرور الكرام وهو ما قد يشجع السلطات على الاستمرار في سياستها المناوئة لوسائل الإعلام التي لا تسير في ذلك الفلك الذي يريده لها الرئيس اردوغان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق