قارن ذلك بما حدث أثناء انجاز السد العالى أعوام 61 , 63,62 من دعوة وزارة الثقافة أفواج الفنانين والمبدعين فى كافة المجالات , روادا وشبابا , ليس فحسب لزيارة السد وحده , بل لقرى مصر على امتداد نهر النيل من القاهرة حتى النوبة على ظهر المركب " دكا " , وكلنا نعرف الانجازات العبقرية للفنانين المصرين آنذاك وتأثيرها على الحركة الفنية والأجيال التالية , معبرة عن إرادة مصر العظمى بما يعادل عظمة السد , حتى تعد إعمال تلك الفترة هى العصر الذهبى للفن والفنان وتلاحمهما مع الشعب وأماله
وتكتمل مأساة اليوم بما رأيناه من صور فوتوغرافية لنصب تذكارى على مدخل القناة, يقوم على فكرة مستهلكة اكل عليها الدهر وشرب, خاصة وان العالم يعرف جيدا ان جينات الحضارة المصرية لا تزال تتدفق فى عروق أبنائها حتى اليوم . سوف يرد مصمم التمثال الذى لا احد يعرف اسمه او من كلفه به ليتصدر القناة, انه يضم تمثالين لأبى الهول تحت جناحى مصر الخالدة أعقمت قرائح المصممين حتى تستعيد مضغ ما تم مضغه مئات المرات حتى فى شعار إحدى شركات التأمين عند إنشائها فى القرن الماضى بعد ان استخدمه النحات مختار فوق قاعدة تمثال سعد زغلول بالإسكندرية ؟
ومع ذلك فأننى أتوجه الى من يهمه الأمر "بان يعود الى أسرة الفنان العظيم الراحل جمال السجيني" 1917 -1977" ليشاهد مصغر التمثال الصرحى الذى نحته ليوضع مكان تمثال دليسبس أمام ميناء بورسعيد بمناسبة الافتتاح الثانى لقناة السويس عام 1975, انه تعبير عبقرى عن نضال الشعب المصرى لقهر القهر, وعن الملحمة الوطنية ودور المرأة والجندى .
وقد أهمل النظام الحاكم حين ذاك تنفيذ المشروع .. ولا اعرف لماذا ؟ وكان ذلك مما أصاب السجينى بالإحباط حتى فارق دنيانا .فلنجعل مطلبنا اليوم – فنانين ومثقفين ووطنين ومحب مصر والفن – هو إقامة هذا الصرح العظيم فى مدخل القناة , فأننى أدعو من هنا اليوم الى إطلاق حمله قومية للاكتتاب بين أبناء الشعب لإقامته . مثلما فعلوا عند أقامة تمثال نهضة مصر للنحات خالد الذكر محمود مختار أواخر عشرينات القرن الماضى , وشارك المصريون فيه بالقروش والملاليم , فلن يصعب عليهم اليوم ألمساهمةبالجنيهات والآلاف بعد ان سجل منذ عام احد أعظم ملحمة فى العصر الحديث بالاكتتاب بإقامة القناة الجديدة حتى بلغ المجموع 64 مليار جنيه فى 8 ايام. "فلتكن جموع الشعب هى الأمل, لتسجل فصلا جديدا فى ملحمة الخلود.
عز الدين نجيب