وهل أى رئيس دولة يصدر قرارا سياسيا بناء على احتمالات؟ إلا إذا كان يريد اتخاذ قرار مسبق ويبحث عن تغطية ومبرر له كما أن السرعة التى قدمت فيها الأجهزة تقاريرها توحى بأنها كانت على علم بالحادث قبل وقوعه؟!وبمناسبة ذكر أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية أشير إلى ما جاء فى جريدة الأهرام يوم 14/10/2004م فى خبر يقول: أعلن جاك سترو وزير خارجية بريطانيا أن جهاز المخابرات M16 «إم آى سكس» سحب رسميا التقرير الذى أشار إلى قدرة العراق على نشر أسلحة بيولوجية وكيمائية خلال 45 دقيقة، وذلك لإعادة النظر فى مصداقية المصدر وكان هذا هو التقرير الذى استندت إليه بريطانيا فى الانضمام إلى الحملة العسكرية الأمريكية على العراق!! وكتبت الصحافة الأمريكية حول عدم مصداقية تقارير المخابرات الأمريكية CIA التى أدت إلى غزو العراق، مما تترتب على ذلك استقالة جورج تينيت رئيس CIA وبعض أعوانه المتخصصين فى العمليات السرية بالخارج!! ومما يذكر أن المخابرات الأمريكية فشلت فى معرفة هجوم اليابان على الاسطول الأمريكى فى بيرل هاربر!! وفشلت فى عملية خليج الخنازير عندما أرادت غزو كوبا!! وفشلت فى تحرير الرهائن الأمريكيين المحتجزين فى سفارة أمريكا فى طهران بعد ثورة الخوميني!! وفشلت حتى الآن فى معرفة حقيقة مقتل الرئيس الأمريكى جون كيندي. وفشلت فى معرفة موعد قيام حرب أكتوبر المجيدة بالرغم من الأقمار الصناعية التى تمتلكها!! وفشلت ايضا فى معرفة أحداث 11 سبتمبر 2001 قبل وقوعها!! إن هناك تعاونا بين أجهزة المخابرات فى الدول الحليفة والصديقة وغير الصديقة ايضا وهناك تبادل للمعلومات بينها ومصداقية هذه المعلومات تتوقف على مدى عمق العلاقات وكفاءة العاملين وولائهم فى هذه الأجهزة بالاضافة إلى أن هذه الدول تتجسس على بعضها البعض ونذكر قضية الجاسوس بولارد الإسرائيلى الذى ضبط بالتجسس على أمريكا حليفتها وحكم عليه بالسجن وحاولت إسرائيل على مدى سنوات طويلة فى الإفراج عنه!! وتصور أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية دائما رجل المخابرات على أنه سوبرمان على طريقة أفلام جيمس بوند وأن هذه الأجهزة تسمع دبيب النملة !! والحقيقة أنها لا تسمع دبيب النملة ولا خطوة الفيل ولا صوت القطار .. ويجب ألا نبالغ فى كفاءتها كما ينبغى ألا نقلل من قدرها.
سمير محمد غانم
مدير عام بالمخابرات العامة بالمعاش