رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تروس الإنتاج تعود للدوران
المصانع المتوقفة تبوح بأوجاعها

تحقيق:مى الخولى:
هى بلا منازع قاطرة التنمية التى ننشدها بمعناها الحقيقى .. فحينما تتوقف تروس الإنتاج تتوقف معها بالتبعية خطوات التنمية , بشرة خير جاءت فى خبر عن إعادة تأهيل عدد من مصانع المتعثرة من بين 7000 مصنع متوقف عن العمل .. بل إن المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قد صرح مؤخرا بأن الحكومة تعتزم إطلاق صندوق استثمار برأسمال مبدئى 150 مليون جنيه لتمويل 871 مصنعا خلال شهر على أقصى تقدير، وقد تم بالفعل دراسة حالة 135 مصنعا .. كما تم الإعلان مؤخرا أيضا عن انتهاء مشكلة نقص إمداد المصانع بالغاز.

بارقة أمل تحملها السطور التالية ننقل من خلالها نبض المصانع المعطلة، وعلى الجانب الآخر نرصد آراء الخبراء والمتخصصين حول أزماتهم وروشتة الإنقاذ لوضع «المصانع» على جهاز التنفس «الصناعى» لإعادتها إلى الحياة من جديد ..

فى ظل تداعيات أزمة ارتفاع سعر الدولار ،وأزمة الطائرة الروسية وسحب السياح الذين ربما يكونون مصدرا لدخول العملة الأجنبية ،كان من الضرورى دفع الصناعة الوطنية للأمام ، لأنه لابديل عنها لخفض قيمة الدولار وإيجاد اقتصاد وطنى قادر على تلقى ضربات السوق العالمية وتقلباتها ، لهذا ذهبنا نبحث عن مصانعنا التى مازالت قيد الحياة ، نحاول أن نخرجها من عثرتها ، وندق أبواب المصانع المغلقة لنعرف أسباب توقفها لعلنا نستطيع معالجتها ونتمكن من إعادتها للحياة ثانية ، ليعود للاقتصاد الوطنى المتوعك نبضه ،بعودة تلك المصانع .. ذهبنا إلى إحدى المناطق الصناعية لنجد أمامنا مصنعا وصد بابه بالأقفال والجنازير ، وبرغم معماره الفخم ، إلا أن الخراب كان يكسوه ويطغى على أى ملمح سار به ،وكأن المبنى يتحسر على أحلامه الضائعة ، فما أن ترى ذلك المصنع الذى تم إيقافه ، وتقرر التجوال داخله ، إلا وسيخيفك الظلام الدامس بعد أن تم قطع الكهرباء عنه ، والتحفظ عليه وليدا ،فبعد أن تكلف 86 مليون جنيه منها قروض بنكية بقيمة 22.3 مليون جنيه ، توقف بنك التنمية الصناعية عن دعمنا برأس المال العامل لتشغيل المصنع بدون إبداء أسباب لذلك ، فقد تم إجبار المصنع بعد انقضاء فترة تجارب التشغيل مباشرة على إغلاقه فى 30 /6 عام 1997 ، ولم نتمكن من بدء التشغيل حتى الآن،وجدير بالذكر أن هذا المصنع تم انشاؤه بغرض تصدير اللحوم والدواجن ونال الجائزة الذهبية لأفضل عشرين منتجا عالميا خلال فترة تجارب التشغيل ، وكان أول العارضين المصريين والعرب فى معرض نوجا الدولى فى ألمانيا والذى لم يسبق لأى شركة فى الشرق الأوسط التمكن من عرض منتجاتها فيه من قبل.


يقول مجدى شاهين العضو المنتدب بالمصنع ، عرضنا منح حصة عينية بالمصنع وأية ضمانات إضافية لنتمكن من التشغيل وسداد مديونياتنا، لكن أحدا لم يستجب ،ونناشد رئيس الوزراء إصدار قرار بوقف جميع الإجراءات القانونية لمدة عام فحسب ، على أن نتصالح مع البنوك خلال هذا العام وتتم جدولة مديونياتنا ومنحنا رأس مال عامل ، وللدولة أن تشكل لجنة تقوم بعمل دراسة جدوى اقتصادية جديدة لتلافى الأخطاء التى وقع فيها المصنع سابقا سواء كانت بشكل مباشر أو غيره وإعادة تشغيله تحت إشراف البنك الممول الجديد وأخذ كافة الضمانات حتى لو كانت الاستيلاء على المصنع فى حال تعثره مرة ثانية

ويقترح شاهين إلغاء منظومة الإفلاس واستبدالها بلجان تحكيم وإلغاء القائمة السوداء للمصانع المتعثرة رغما عنها طالما أن صاحبها لم يهرب أمواله للخارج ،والسماح لأى بنك بتمويل المتعثر طالما انه قد تم دراسة حالته ويتحمل مسئولية استثمار أمواله فى هذه المنشأة مع حصوله على ضمان بجدولة مديونية البنوك الدائنة السابقة ، بالإضافة إلى التساهل فى دخول أموال أجنبية للمستثمرين المصريين، طالما أنه سيستثمر تلك الأموال داخل مصر.


ولم يكن هذا المصنع وحده المتعثر ، ففى المنطقة الصناعية بأكتوبر وحدها 226 مصنعا متوقفا ، وفقا لآخر إحصائية أعدها جهاز مدينة 6 أكتوبر فى 2008 ، تنوعت مابين 54 صناعات كيماوية و24 نسيج وملابس و38 مواد بناء و9 أخشاب و42 صناعات هندسية و20 صناعات غذائية و8 شركات لتوظيف الأموال وواحدة للجلود و30 مصنعا آخر صناعات متنوعة ، وهذا التنوع فى نشاطات المصانع التى توقفت يشير إلى أن المشكلة تعدت أسباب تعثر نشاط معين ولكنها تعثر الصناعة بأكملها.

فى حين أكد محمد جنيدى نقيب الصناعيين أن عدد المصانع المتوقفة يتراوح بين 5 آلاف و 7 آلاف على مستوى الجمهورية ، ففى أسيوط 500 مصنع توقفت بالكامل و200 مصنع آخر توقف فى العاشر من رمضان ، ومثلهم فى أكتوبر ، مضيفا أن الأرقام غير محصورة على وجه الدقة لأن أصحاب المصانع لايبلغونا فى الواقع عن توقفهم ، فمن هذه النسبة الكبيرة قام ألف مصنع فقط بإبلاغنا توقفهم ولم يتم التمكن من حل مشكلات إلا 100 مصنع منها ، نظرا لسهولة حل مشاكلها ، وهو ما دفع أصحاب المصانع الأخرى إلى الإحجام عن الإبلاغ عن توقفهم.


وفى الوقت نفسه يفجر جنيدى مفاجأة قائلا أن 80 % من المصانع المصرية متعثرة جزئيا ، بمعنى أنه لم يعد بمقدورها العمل بطاقتها القصوى كاملة ، مضيفا أن هؤلاء المتعثرين جزئيا يمكن حل مشاكلها بصورة أفضل من المتوقفته كليا الذين يلزم لإعادة تشغيلها تشكيل لجنة من منظمات الأعمال بمدنهم الصناعية مع الجهاز المصرفى ووزارة التجارة والصناعة لحصر تلك المصانع وتقدير إمكانية إعادتها فى حال تعثرها بسبب مديونيات .

لماذا تعثرت المصانع؟

وعن أسباب تعثر المصانع ، يقول محمد البرعى الأمين العام لجمعية المستثمرين ، إنه بداية وعند إنشاء مصنع ، فإن ثمن قطعة الأرض التى سيقام عليها فى مصر تتراوح رسميا بين 600 و 1600 جنيه للمتر المربع بينما فى الولايات المتحدة تكون بمتوسط 5 دولارات ، وفى أوربا 8 دولارات كمتوسط سعر للمتر المربع ، بينما يختلف الأمر فى الصين التى لا تملك الأرض للأجانب وتمنحهم حق انتفاع بأجر زهيد يصل إلى الصفر أحيانا ،أما البلاد العربية فإن سعر المتر فيها يتراوح بين 7 و 25 جنيها يقسط على 7 سنوات شاملة المرافق للمستثمر ، كذلك ضريبة المبيعات على المستلزمات وقطع الغيار والآلات تكون فى البلاد العربية صفرا بالمقارنة مع مصر ، كما أن تكلفة توصيل المرافق فى البلاد العربية مجانا للمستثمر بينما فى مصر يتحملها المستثمر ، كما أن الجمارك على الآلات والمعدات فى مصر تتراوح بين 5 و 32% ، وبالمقابل فإنها غير موجودة فى البلدان العربية ، وسعر الوقود والطاقة يكون ثلاثة أضعاف ثمنه فى البلدان العربية ، بالإضافة إلى فرض ضريبة عقارية وخطاب ضمان جدية لا تفرض عليهم فى البلدان العربية الأخرى أيضا ،كما تفرض مصر ضريبة أرباح تجارية وصناعية تصل إلى 22.5% يقابلها 2.5 فى بعض البلدان العربية الأخرى على صافى الإرباح ، وكذلك فوائد على قروض الصناعة فى مصر من 15% إلى 17% يقابلها 4 % فى البلاد العربية الأخرى، وتصل ضريبة التأمينات الاجتماعية فى مصر إلى 40% على الأجور منها 26% يتحملها صاحب العمل ، فى حين أنها غير موجودة بالبلدان العربية الأخرى أيضا.

ويضيف البرعى أن هناك مشاكل أخرى فى المياه والكهرباء والغاز ، فهناك عدة قضايا سرقة تيار كيدية تم إقامتها على أصحاب المصانع ،تكبد المصانع مايقرب من الـ 4 ملايين جنيه وربما يتعثر صاحب المصنع فى دفعها فيغلق المصنع وربما يتم حبس صاحبه ،أما الغاز فإن المصانع كثيفة استخدام الطاقة أيضا تواجه مشاكل مع شركات الغاز ، حيث روى لنا البرعى قصة صاحب مصنع زجاج ، انخفضت مبيعاته خلال الثورة ، لكنه كان يضطر إلى أن يصنع زجاجا ثم يكسره ويعيد تصنيعه ثانية حتى يضمن استمرارية تشغيل الفرن حتى لايتجمد ، لأن هذا الفرن تصل تكلفته إلى 10 ملايين جنيه ، لن يستطيع تعويضها إذا تجمد الفرن ، فكان يضطر إلى تشغيل الماكينات "على الفاضى " ، لكن شركة الغاز لا يشغلها ذلك ، هى تريد تحصيل أجر ما استهلكه المصنع من الطاقة والذى يصل إلى مليون جنيه شهريا ، والمصنع لايستطيع أن يفى بالتزاماته بسبب خسارته ، وقطعت الشركة الغاز عن المصنع لتوقفه عن دفع فاتورتين متتاليتين، مما أدى إلى تعثره .

ويستطرد الأمين العام قائلا يواجه أصحاب المصانع أيضا مشكلة نقص العمالة وضعف المستوى الفنى للعامل، وكذلك مشكلة تراخيص الحماية المدنية والتى تجدد كل عام ، فى حين أن إجراءاتها تستغرق عاما!! وعلى ذلك يقوم صاحب المصنع ببدء إجراءات العام القادم فور الحصول على ترخيص العام الحالى ، بالإضافة إلى عدم توفر أرض صناعية إلا فى الصعيد لكنها دون مرافق، وصعوبة توفير العملة بالدولار للمستثمرين والتى نسعى لحلها مع الشركة المصرية لضمان مخاطرة الصادرات بوضع سعر استرشادى للصادرات حتى لايتم تهريب الدولار.

أوضح البرعى حقيقة مايجرى بالتصدير قائلا يتجه بعض المصدرين إلى التلاعب فى أسعار الصادرات بالتنسيق مع بعض المكاتب الخارجية للاستفادة من وجود العملة الدولارية خارج البلاد لصالحهم ، كل ذلك يأتى مع توقف التصدير لليبيا واليمن بصفتها مناطق غير آمنة الآن.

جمعية المستثمرين وضعت بعض الأسباب التى اعتبرتها عراقيل فى وجه استمرار الصناعة الوطنية ممثلة فى المصانع المصرية ، أهمها ، عدم استخدام الدولة لقواعد منظمة التجارة العالمية التى لاتحظر زيادة الرسوم الجمركية عندما تتعرض الصناعة المحلية لمنافسة غير متكافئة أسوة بما تفعله الدول الأخرى مثل تركيا ، فعلى سبيل المثال تحصل الدولة 12 % ضريبة جمركية على السجائر المستوردة ، فى حين أنه يسمح لها بضرائب تصل إلى 30 % ، فلماذا لا تفعل ذلك الدولة ؟! ، وبالمقابل بلغ التهريب الجمركى نحو 25 مليار جنيه فى عام 2012 وفقا لتصريحات رئيس مصلحة الجمارك آنذاك ، ارتفع هذا الرقم إلى 100 مليار جنيه الآن، 60 % منها مصنوعات نسجية وملابس طبقا لتصريحات رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات المصرية فى نوفمبر 2014 ، مما أدى إلى إغلاق آلاف المصانع الخاصة بهذه الشعبة ، كما تأتى التعقيدات الروتينية وكثرة الجهات للحصول على الموافقات ضمن أهم تلك العراقيل ، والحل كما تراه الجمعية فى فرض نظام الشباك الواحد لإعطاء كافة التراخيص منه ، بحيث يتم إجراء دراسة كاملة لكل محافظة تقوم بها الإدارة المحلية وكل الوزارات المختصة بالأنشطة الاستثمارية لتحديد الأنشطة التى تناسب كل محافظة وتحديد المركز أو الجزء الذى يمكن توطين النشاط الصناعى المحدد عليه ويتم تحديد نوع الصناعة وقطعة الأرض التى تناسبها فى كل محافظة وتضع الوزارات والجهات المختصة مقدما وتفصيلا الاشتراطات لإقامة المصنع أو النشاط مثل نسبة البناء وارتفاع المبنى ونسبة الاضاءة وانبعاث الغازات والتلوث والأسوار والتهوية ، بحيث يتقدم المستثمر إلى الشباك الواحد لإقامة مصنعه ويتم قبوله أو رفضه بهذه المحافظة جملة واحدة وتراقب المحافظة عملية الإنشاء للتأكد من مطابقتها من خلال لجنة خاصة بها ، بالإضافة إلى أهمية استمرار برنامج مساندة الصادرات وتطوير خطط المعارض والاعتماد على الشركات المتخصصة فى التسويق الدولى وحظر استيراد أى سلع لها مثيل من الإنتاج الوطنى على أن يكون للحكومة الحق فى تسعير الإنتاج لمنع الاستغلال ، كما يجب النهوض بالعمالة والاهتمام بالتعليم الفنى والتدريب المهنى المستمر وتوفير الدعم الكافى لإنشاء معامل حديثة للبحوث الصناعية فى الجامعات ومراكز البحث العلمى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق