رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

اليونان بين الأزمة المالية ومشكلة اللاجئين

أثينا: عبدالستار بركات
فى الوقت الذى تعانى فيه اليونان أزمة مالية ما زالت تهدد مستقبل البلاد، فى ظل الخلاف القائم بين أثينا والدائنين فى عدة ملفات، تواجه البلاد مشكلة اللاجئين الذين يتوافدون عليها بالآلاف يوميا عن طريق التهريب من شواطئ تركيا المجاورة، حيث تكتظ الجزر اليونانية فى بحر ايجة باللاجئين فى غياب الظروف الملائمة والإمكانيات المناسبة لاستقبالهم، سواء من نقص الأموال أو العتاد بسبب الأزمة المالية.


الأزمة المالية دخلت عامها السابع تقريبا، ويعانى منها البشر والحجر فى اليونان ، وبالرغم من التوصل لحزمة الإنقاذ المالية الثالثة من حيث المبدأ خلال شهر يوليو الماضي، فى القمة غير العادية واستمرار المفاوضات وقتها 17 ساعة متصلة، و منح اليونان مبلغا إجماليا قيمته 86 مليار يورو على مدار ثلاث سنوات ومن هذا المبلغ تخصيص نحو 25 مليار يورو لإعادة رسملة البنوك، إلا أن الخلاف ما زال قائما ولم يتم التوصل لشيء إيجابى على الأرض يقنع المراقبين بأن الأزمة فى طريقها للحل.

البنوك اليونانية عانت أزمة خانقة لأكثر من ستة اشهر بسبب تسرب الودائع بعيداً عنها نتيجة القلق من الخروج المحتمل من منطقة اليورو عندما فاز «سيريزا» اليسارى فى الانتخابات الأولى يناير 2015، التى توجت بإغلاق لمدة ثلاثة أسابيع فى نهاية يونيو وبداية يوليو واستفتاء شعبى لم يكن ضروريا ولم تستفد منه البلاد سوى زيادة القلق والتوتر فى الأسواق العالمية عموما ومنطقة اليورو خصوصا.

وقد تضررت البنوك اليونانية بصورة أكثر جراء عدم التوصل السريع لاتفاق مع الدائنين، حيث استمر التماطل فى المناقشات من يناير حتى يوليو من العام الجاري، وأيضا تأثير إغلاق البنوك على الاقتصاد، وفرض حظر على سحب الودائع وعدم استطاعة المودعين سحب أكثر من 60 يورو يوميا مما كان له التأثير السلبى على الأسواق المحلية وتجميد النمو الاقتصادى والتنموي، كما أن الفكرة بضخ 25 مليار يورو للبنوك لتعويض الضرر ووضعها على طريق التقدم , هى فكرة ربما تبدو متفائلة للبعض إلى حد مفرط.

وليس معروفاً حتى الآن ما هو المبلغ المطلوب لإعادة رسملة البنوك، ففى الوقت الذى يقال فيه انها تحتاج إلى 25 مليار يورو، ذكر تقرير للبنك المركزى الأوروبى أن الأمر لا يحتاج إلا إلى 15 مليارا، وذلك بعد إجراء اختبار ثقة فى سجلات البنوك الأربعة الكبيرة فى اليونان التى يشرف عليها البنك المركزى الأوروبى منذ نهاية عام 2014 .

ووفقاً لخط التنبؤ الأساسى الذى فيه ينخفض الناتج الإجمالى المحلى لليونان إلى 2٫7 فى المائة هذا العام وإلى 1٫3 فى المائة عام 2016 ثم يرتفع إلى 2٫7 فى المائة عام 2017، فقد تحتاج البنوك الأربعة الكبيرة فى اليونان إلى 4٫4 مليار يورو. وفى السيناريو المختلف وفق ناتج إجمالى محلى ينخفض إلى 3٫3 فى المائة و 3٫9 فى المائة فى عامى 2015 و2016 ومن ثم يرتفع فقط 0٫3 فى المائة فى عام 2017، فسيكون عجز رأس المال للبنوك 14٫4 مليار يورو.

وحتى الآن، ما زال الأمر معلقا، وتترقب اليونان بقلق شديد اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو، والذى يقرر فيه وزراء المالية ما إذا كان سيتم تسليم أثينا دفعة مساعدات بقيمة مليارى يورو ضمن خطة المساعدات الثالثة وقيمتها 86 مليار يورو، أم سيتم تأجيل ذلك نظرا للخلافات التى ما زالت قائمة بين أثينا والدائنين، و تعتبر فرص اليونان ضئيلة للحصول على الضوء الأخضر اللازم للحصول على هذه المساعدات.

وكان المفوض الأوروبى للشئون الاقتصادية قد خلال زيارة الى اليونان عن ثقة أكبر بين الدائنين واليونان، وعن اعتقاده أن تتوصل مجموعة اليورو إلى نتيجة إيجابية موضحا أن العمل بين أثينا ودائنيها مستمر على الصعيدين التقنى والسياسي، ويتم إحراز تقدم يومي.

والخلاف بين اثينا ودائنيها يتعلق بوضع اليد على المساكن الرئيسية وسبل تسديد الضرائب المستحقة والتأخر فى دفع المساهمة الاجتماعية، وتطالب الجهات الدائنة بتدابير لتسهيل استرداد المساكن الرئيسية فى حين تصر أثينا على إبقاء العمل بالتدابير التى تحمى معظم الأسر المثقلة بالديون، وفى هذا الصدد أجرى رئيس الوزراء اليونانى ألكسيس تسيبراس مؤخرا اتصالا هاتفيا مع كل من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

أما على صعيد أزمة اللاجئين و التى ألمت باليونان فى الأشهر الأخيرة، جراء استمرار الصراع فى سوريا و الوضع المتأزم فى العراق و أفغانستان، وبسبب شواطئ اليونان الشاسعة حول جزرها المتناثرة فى البحر المتوسط وبحر ايجة، كل ذلك جعل اليونان هدفا سهلا للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين الذين يغامرون بحياتهم للوصول إلى اليونان و هى إحدى دول الاتحاد الأوروبي، و يأتون إليها عبر قوارب مطاطية و مراكب متهالكة من الشواطئ القريبة لها عبر الدولة الجارة تركيا.

ففى هذه الأثناء تكتظ الجزر اليونانية الواقعة فى بحر ايجة والقريبة من تركيا بعشرات الآلاف من اللاجئين معظمهم من سوريا والعراق وافغانستان، كما تعمل السفن اليونانية بالرغم من الأزمة على نقل هؤلاء اللاجئين من الجزر المختلفة إلى العاصمة أثينا والتى منها يتوجهون إلى جهتهم الأخرى و هى الدول الغنية فى الاتحاد الأوروبي.

ودائما ما يعقد رئيس الوزراء اليونانى تسيبراس اجتماعات سواء مع وزرائه أو مسئولين من أوروبا لمناقشة ملف اللاجئين، و كان آخر اجتماع فى هذا الشأن موسعا، حيث شارك فيه رؤساء بلديات الجزر المعنية وأيضا أساقفة الكنيسة فيها، للتنسيق بشأن تدفقات اللاجئين و أيضا مناقشة موضوع ضريبة القيمة المضافة على الجزر التى تعانى مشكلة اللاجئين وذلك للتنسيق مع الشركاء فى أوروبا والدائنين الذين يصرون على زيادة الضرائب فى الجزر اليونانية.

وتقرر خلال الاجتماع تعيين منسق لكل جزيرة يعمل جنبا إلى جنب مع رؤساء البلديات، والعمل جديا لخلق ألف فرصة عمل جديدة فى مجال الخدمة الاجتماعية لمساعدة اللاجئين فى الجزر المختلفة، وتوفير مبلغ 380 مليون يورو من مؤسسات أوروبية من أجل تنفيذ برنامج خاص لدعم الاقتصاد المحلى فى كل جزيرة. وسوف تلعب الكنيسة اليونانية دورا مهما فى معالجة مشكلة اللاجئين، حيث تستضيف الأطفال دون السن القانونية والأطفال اليتامى أو هؤلاء الذين غرق ذووهم فى أثناء عبور البحر أو الأطفال غير المصحوبين من أهاليهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق