رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

التكافل .. فريضة غائبة!

تحقيق ـ نادر أبو الفتوح:
أولت الشريعة الإسلامية الطبقات المحتاجة والفقيرة عناية كبيرة، حيث شرعت أحكامًا من شأنها سد حاجة هذه الفئات ويحقق عدالة اجتماعية تُقَرِّب الفجوة الطبقية بينها وبين الأغنياء،

ومن بين هذه الأحكام الشرعية إيجاب الزكاة على الأغنياء فى أموالهم، والتى تعطى لمصارف ثمانية محددة ومنضبطة، يحتل فى المقام الأول منها الفقراء والمحتاجون الذين ضاق بهم العيش، قال تعالي: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة: 60) ولم يقف الأمر عند الزكاة الواجبة فحسب، بل أوجبت الشريعة كذلك الكفارات فى الأيمان النذور والظهار، لحِكَمٍ كثيرة، وجعلت مصارف هذه الكفارات للفئات المحتاجة. وحببت الشريعة إلى المسلمين التصدق والتبرع والتهادى فيما بينهم فوسعت لهم طرق الخير حتى شملت وجوها متنوعة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له «.

وقد لا يصدق البعض أن عشرات الآلاف من الأسر المصرية، تعيش اليوم على مصدر رزق واحد، هو من عائد ريع الأوقاف التى تركها الأغنياء من مئات السنين، لتسد حاجة الفقراء والمحتاجين، وإذا كان الأغنياء فى الماضى قد تركوا بعض أملاكهم، ليأكل منها من يأتى من بعدهم، فكيف يغيب دور الأغنياء فى عصرنا، عن مشاكل الواقع وأزمات الحياة اليومية ؟!، علماء الدين من جانبهم طالبوا بضرورة قيام رجال الأعمال والأغنياء، بمساعدة الدولة فى مشروعات البنية الأساسية، وأكدوا أن هذا واجب وطني، وليس تفضلا من الأثرياء.

وأكد العلماء أن مصر فى هذا الوقت تحتاج لجهد الشرفاء والمخلصين، لتحقيق التكافل والترابط بين أبناء الوطن، فيقدم الأغنياء بعض أموالهم لدعم مشروعات البنية الأساسية، ومساعدة الدولة من أجل الانتهاء من مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي، وغيرها من المشروعات الخدمية، منعا لتكرار الأزمات، كما حدث فى محافظة الإسكندرية منذ أيام. ودعا علماء الدين لشكر الله على النعم حتى تدوم. وقال تعالى «وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ». مؤكدين أن العطاء من النعمة، والبذل منها لمن يحتاجها ويستحقها، يبارك فيها ويزيدها، فما نقصت صدقة من مال، وإنما على العكس الصدقات تحفظ المال وتبارك فيه.

وحول مشروعية التبرع من أموال الزكاة لدعم المشروعات العامة أكدت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية أنه يجوز دفع زكاة المال والصدقات لعمل مشاريع استثمارية وإنتاجية بأموال الزكاة والهبات والصدقات لدعم الاقتصاد المصري، وذلك عن طريق إقامة مشروعات استثمارية وإنتاجية تؤمن وتوفر فرص العمل للشباب أو عن طريق معالجة الأزمات للمحتاجين والمضطرين، وتجهيز المستشفيات الخيرية بالمعدات والأدوية التى تسهم فى علاج المرضي.

وأوضحت أمانة الفتوى أن الشرع الإسلامى قد نوع وجوه الإنفاق فى الخير، وحض على التكافل والتعاون على البر، وجعل الزكاة ركنا للدين، وحث على التبرع، ورغَّب فى الهدية، وندب إلى الصدقة، وجعل منها الصدقة الجارية المتمثلة فى الوقف الذى يبقى أصله وتتجدد منفعته؛ وذلك لتستوعب النفقة وجوه البر وأنواع الخير فى المجتمع.

وأكدت أمانة الفتوى أن مساهمة جمهور المواطنين فى مثل هذه المصارف المختلفة من شأنه أن يسهم وبفعالية فى تقوية الاقتصاد المصرى وأن الإسلام قد رتب لكل مصرف منها وجهًا من وجوه الخير والبر من أنواع الصدقات والتبرعات والأوقاف فى منظومة تنهض بالمجتمع وتعزز أسباب التكافل والتعاون فيه.

التبرعات ليست تفضلا

ويقول الدكتور رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء، أن إسهام الأثرياء فى المشاريع التى تسهل على الناس حياتهم، يعد نوعا من أنواع الصدقات يثاب عليها أصحاب الأموال إذا قصدوا من تبرعاتهم أن يقدموا خدماتهم لمجتمعهم الذى نمت فيه ثرواتهم، ولابد أن يلاحظ الأثرياء أن أموالهم لم تتكاثر إلا لأنهم استثمروها فى المجتمعات التى يعيشون فيها، فالمال لا يولد من الهواء، والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، إنما هو نتيجة للاستثمار فى المجتمع وبأيدى أفراده وبإمكانيات الدولة، فتم الاستثمار فى مشروعات تدر دخلا على أصحاب الأموال، فالدولة قدمت خدمات من رصف الطرق والإنارة وتوفير الغاز للمصانع والمؤسسات، وخدمات أخرى لا يوجد من يقدمها غير الدولة. وأشار إلى أننا فى مصر نحتاج إلى حث الأغنياء على خدمة الوطن، وذلك يكون من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومناهج التعليم وقبل ذلك دور الأسرة، لأننا نجد الأثرياء فى الدول الغربية يسهمون بأموالهم فى الخدمات التى يقدمونها للطبقات الفقيرة، ولكننا لا نسمع فى مصر عن من يتبرع بمشروع كبير يتناسب مع حجم ثروته، وهناك خلل فى التركيبة الاجتماعية فى مصر حاليا، كما هو الحالى فى نواح أخرى كثيرة، ويجب أن تجبر الدولة - بالقانون الأثرياء بالإسهام فى المشروعات التى تخدم هذا الشعب، كما أن تبرع الأثرياء لهذه المشروعات ليس تفضلا منهم، إنما هو واجب وطني.

من جانبه أوضح الدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر، أن الإسلام يحث على التكافل، والوقوف إلى جوار الدولة عند الشدائد من فروض العين، وها هو سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه أنفق كل ما يملك فى رحلة الهجرة، من أجل نصرة الدين وتمهيدا لتأسيس الدولة فى المدينة، كما تبرع سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه بالإنفاق على جيش العسرة من ماله الخاص، حتى قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم « ما على عثمان ما فعل بعد اليوم «، كما تبرع الأنصار بنصف ما يملكون للمهاجرين، وقد أمرنا أن نقتدى بالصحابة رضى الله عنهم، ولابد أن نسير فى هذا الطريق، لأن الله عز وجل وعد بأن يخلف على من ينفق، كما قال عز وجل « وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ «.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    Mohamed Saleh
    2015/11/09 13:14
    0-
    0+

    هذا هو مايمنع تدفق الخير
    الانسان يحب الخير بطبعه. ولكنه يحب نفسه اكثر من حب الخير. اذن العائق من حب الخير للغير هو الانانيه. والانانيه توجد بكثره فى مجتمعات الندره. فكيف تحارب مجتمعات الندره الانانيه؟. الاجابه تكمن فى القدوه الحسنه وهى قدوه الدوله فاذا رآى الناس القدوه فى السلطه لتعودا عليها. الناس تخاف الغد وتخاف امثال ملوك مصانع الحديد واصحاب المنتجعات واصحاب مقاعد البرلمان من امثال الحزب الوطنى. هذا هو مايمنع تدفق الخير. اذن محاربه الفساد والفاسديين هى آمان للمجتمع. ومن يلعب فى المجتمع باسم الدين للعوم فى بحر السياسه يجب ايقافه. ولتكن السلطه عادله الى اقصى حد لان العدل يعطى الامن. فاذا امن الناس السرقه والرشوه والمحسوبيه واستغلال النفوذ لااعطوا الزكاه والصدقات. ولينظر كل منا الى نفسه اولا وليتذكر بان النفس اماره بالسوء الامن رحم ربي.
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق