على الرغم من أن النساء المصريات يشاركن فى كل الاستحقاقات الانتخابية بشكل لافت ومثلن ربع نسب التصويت فى المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، يبدو أن تحدى المشاركة السياسية وحصول المرأة على نسب عادلة فى المستويات السياسية العليا سيظل موجودا فى الواقع خصوصا أن النظام الانتخابى منح معظم المقاعد للنظام الفردى وهو الأمر الذى يجعل نسبة التمثيل السياسى للمرأة فى برلمان 2015 فى حدود قد لا تتجاوز حاجز الـ12% فقط فى البرلمان القومي، وهى نسبة ضعيفة على المستوى العالمي.
كما أن السياسات العامة استبعدت المرأة ممثلة فى المجلس القومى للمرأة خلال الانتخابات ولم تستعن بها فى لجنة الإصلاح التشريعى وتراجع تمثيلها الوزارى أيضا فى التشكيل الأخير, وكلها أمور تحتم معالجة جديدة لمشكلة التمثيل السياسى للمرأة فى مصر، والتى يلعب فيها التعليم والإعلام والبيئة الاجتماعية وأيضا ممارسة العنف ضد المرأة أدوارا سلبية فى المجال العام، وهناك عدد من العوامل المستجدة وراء تدنى المشاركة السياسية للمرأة المصرية.
كتاب «المرأة والسياسة»، الذى صدر مؤخرا من مركز بالأهرام الاستراتيجي قدم رؤية تفصيلية وشاملة حول البيئة السياسية والثقافية والاجتماعية المحيطة بالمرأة المصرية والتى تتطلب تدخلات حاسمة من الدولة حيث انقسم الكتاب إلى ثمانية فصول. وجاء الفصل الأول بعنوان: «المرأة والأحزاب فى مصر» للدكتورة أمانى الطويل، تناولت من خلاله طبيعة تمثيل المرأة فى الأحزاب السياسية، وحالتها فى برامج الأحزاب، ومستقبلها فى الأحزاب المصرية، وأخيراً آليات تطوير الموقف الحزبى من المرأة.
أما الفصل الثاني، فأعدته الدكتورة نهاد أبو القمصان، وجاء بعنوان:«الأحزاب السياسية والمجتمع المدني: حصاد التفاعل» وتناولت من خلاله دور الجمعيات الأهلية المصرية فى التأثير المباشر فى نظام الحكم والدولة، وتجربة المركز المصرى لحقوق المرأة فى التعاون مع الأحزاب لدعم المشاركة السياسية للمرأة.
وفيما يتعلق بالفصل الثالث : «المرأة فى برلمان 2012 بين التمثيل والتشريع» فقد تناول الدكتور يسرى العزباوى المرأة داخل الهيكل المؤسسى للمجلس، والأداء التشريعى للعضوات، والدور الرقابى للنائبات، والموقف من قضايا المرأة، وأخيراً، تقييم أداء النائبات.
فى حين جاء الفصل الرابع بعنوان: «المرأة فى القطاع غير الرسمى وفرص المشاركة السياسية برؤية مستقبلية» للدكتورة ثريا عبد الجواد. واستعرضت من خلاله حالة المرأة فى القطاع غير الرسمي، وفجوة النوع فى قطاع العمل غير الرسمي، وتهميش دور المرأة فى قطاعات التعليم والصحة والإسكان.
أما الفصل الخامس، فهو إسهام من الدكتورة إلهام يونس أحمد، بعنوان «معالجة الفضائيات المصرية لمحاور المشاركة السياسية للمرأة بعد ثورة 25 يناير 2015 ـ دراسة مقارنة» وركزت على قنوات الناس، والمصرية، وCBC، وON TV ، وتناولت أسلوب معالجة البرنامج، واللغة المستخدمة، ومشاركة الجمهور، ونوع فريق العمل.
تلى ذلك الفصل السادس بعنوان:«بالمناهج التعليمية ومشاركة المرأة السياسية»، للدكتور كمال مغيث، وفى هذا السياق، تم التركيز على المناهج الدراسية المختلفة والمفاهيم التى تضمنتها والمرتبطة بمشاركة المرأة السياسية، وذلك عبر الرجوع إلى كتب العام الدراسى 2012-2013-بصفة أساسية- لمختلف مراحل التعليم ما قبل الجامعي, أما الفصل السابع فهو بعنوان: «العنف السياسى ضد المرأة»، للدكتور على ليلة. وتناول العنف السياسى مع المرأة إنطلاقاً من المجتمع، وآليات ممارسة النظام السياسى للعنف ضد المرأة، والمرأة كفاعل ثورى فى مواجهة القهر والعنف.
وأخيراً جاء الفصل الثامن للدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، بعنوان: «المرأة المصرية مرآة لواقع يتطلب الإصلاح»، وإستعرض ملامح السياسات العامة كترسيخ لواقع مجتمعي، والتأثير المتبادل للسياسات ووضع المرأة، والمجلس القومى للمرأة ودعمه لقضاياها، والمنظمات النسوية وتحالفات مابعد الثورة. وفى إطار الإجابة عن التساؤل المحورى للدراسة، تم التوصل إلى مجموعة من العوامل التى تكبح المصريات عن المشاركة السياسية منذ يناير2011، لعل أهمها:
بروز تيارات دينية تحرم المرأة من حقوقها الإنسانية والسياسية المتساوية مع الرجل.
ضعف أداء النخبة النسوية المصرية داخل الأحزاب فى بلورة خطاب سياسى واجتماعى يطرح مشروعاً نهضوياً يأخذ بعين الاعتبار مركزية أدوار المرأة فى تحقيق التنمية.
ضعف الإدراك بوجود ارتباط عضوى بين تحسين أوضاع المرأة المصرية والأداء السياسى للأحزاب فى مصر. المعالجات الإعلامية والتعليمية القاصرة عن الإلمام بدور المرأة.
وبصفة عامة، خلص الكتاب إلى أن السياسات العامة للدولة هى نقطة الارتكاز الأساسية التى يجب العمل عليها لتطوير المشاركة السياسية للمرأة، كما ينبغى على المجتمع المدنى أن يهتم بتفكيك الواقع الاجتماعى والثقافى المقاوم للتمكين السياسى للمرأة.