فاتفق الجميع علي أنه سواء تدهورت حالته المادية أو ازدهرت ومهما إختلف البعض حول أدائه ، فسيظل ماسبيرو قلعة إعلامية تاريخية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية ، وسيظل كنزاً لتراث مصر وأرشيفاً لتاريخها المعاصر وبنكاً لأقوي الأعمال الفنية المصرية حيث يحتفظ داخل جدرانه بنوادر الإبداع الفني من أعمال فنية بإختلافها وتنوعها المسرحي والغنائي والسنيمائي والدرامي ، ورغم تعثره في السنوات الأخيرة وخصوصاً في أعقاب الأحداث السياسية التي مرت بها مصر ، إلا أن خبراء الإعلام يؤكدون وجوب إصلاحه سواء بإعادة الهيكلة أو خطط الإصلاح بإعتباره ثروة قومية وجزءا من الأمن القومي للبلاد خصوصاً في خضم الأحداث الكثيرة في مصر والشرق الأوسط رافضين الحلول السهلة التي تشير إلي البيع أو الخصخصة بعيداً عن إعتبارات الأمن القومي، ومع خبراء الإقتصاد كان هذا الموضوع لاستطلاع آرائهم.
يقول أستاذ الإعلام بجامعة فاروس بالإسكندرية د.فوزي عبدالغني: من الغريب أن أغلب مديري القنوات الخاصة وأغلب الإعلاميين الناجحين في تلك القنوات هم من أبناء ماسبيرو، ومع ذلك يتعرض للخسائر بينما تلك القنوات تحظي بنسبة مشاهدة وإعلانات، وبالمقارنة بين تلك القنوات ومؤسسة عريقة مثل ماسبيرو لها أهميتها القومية والوطنية فإن هناك عدة أمور يجب أن توضع في الحسبان حتي يتحول ماسبيرو من مؤسسة خاسرة إلي مؤسسة رابحة، أهمها إغلاق حنفية التعيينات الجديدة تحت أي مسمي سواء كتدريب أو أبناء عاملين ، إضافة إلي تدريب الكوادر الموجودة للإرتقاء والقدرة علي المنافسة علي مستوي الصورة ومايشملها من تقنيات ومهارات أو علي مستوي المضمون المميز بعيداً عن الرتابة والروتين والموضوعات المكررة التقليدية بشكلها النمطي وديكوراتها التي تخلو من الإبتكاروالصورة الباهتة.
وأضاف: يجب أن يكون ماسبيرو نفسه أكاديمية تدريب لشباب الإعلاميين كما تفعل معظم القنوات الخاصة حديثة العهد والتي إفتتحت أكاديميات إعلامية تدر عليها ربحاً، فماسبيرو ملئ بالقامات الإعلامية ، والعمل علي جذب متدربين ليس فقط من مصر وإنما من الدول العربية والإفريقية حتي تدر عائداً من المتدربين الأجانب ورفع سقف الحرية والتنوع في المضمون ومجاراة الواقع ومنافسة محتوي القنوات الخاصة الناجحة ، فالمعلن يبحث عن البرامج الناجحة والمميزة وليس المكررة التقليدية لذلك أعتقد أن هذا هو سبب هجر المعلنين ماسبيرو وتعرضه للخسائر .
وأخيرا علي ماسبيرو أن يحصل علي بدل إعارة من كل العاملين خارجه بدلاً من إعطائهم إجازة بدون مرتب ويجب عدم مد سن المعاش بعد إنتهاء الخدمة تحت أي مسمي سواء كمستشارين أو غيره بالتحايل علي القانون وبالتجني علي فرص الأجيال الجديدة
ويقول الإعلامي عمر بطيشة : ماسبيرو مؤسسة وطنية عملاقة يجب النهوض بها بدلاً من إستسهال حلها أو بيعها، فتليفزيون الدولة والإعلام الوطني له دور مهم جدا في هذه المرحلة تحديداً وسط التغيرات السياسية التي تمر بها مصر، ولأهميتها يجب العمل لتحويلها لمؤسسة رابحة عوضاً عن الخسائر التي تتعرض لها ، ويمكن مثلاً إلغاء العديد من الخدمات الإذاعية والتلفزيونية المكررة في مضمونها ، وترشيد الاستهلاك والإنفاق وضغط العمالة وإعادة توزيع الموظفين بشكل يتناسب مع حجم العمل في القطاعات المختلفه لأن الأعداد الكبيرة ليس عبئاً مادياً فقط ، بل تؤدي إلي تعطيل العمل ، فالعمل الذي يقوم به شخص واحد في القطاع الخاص يقوم به سبعة أشخاص داخل ماسبيرو، أما داخل الاستوديوهات فتجد خمسة أشخاص يقومون بعمل شخص واحد ، ويتسببون في إزدحام الاستوديو وإعاقة الحركة ، وعلي إتحاد الإذاعة والتليفزيون النظر نحو الإستثمار في عدة مجالات ، مثل المشروعات السكنية والأراضي غير المستغلة ، وبيع الترددات ، وأهم شئ هو إعادة النظر في قطاع الأمن وعدم التوسع فيه أكثر بشكل يجعله عبئا علي الإتحاد مادياً ، حتي أصبح هناك فرد أمن لكل موظف ، وعلي الإتحاد العمل علي إلحاق بعض الخدمات الإذاعية والتليفزيونية المحلية بالمحافظات ، وإلغاء إذاعة القنوات المحلية من النايل سات فليس شرطاً أن يكون لكل القنوات المحلية تردد علي النايل سات فالقناة المحلية الواحدة إيجار ترددها نصف مليون دولار سنويا وبلا جدوي ولا تتمتع بنسب مشاهدة عالية في الخارج ، أما علي مستوي المضمون فهناك العديد من الدراسات المهمة التي وضعت في الأدراج بها دراسات وافية ومفصلة عن كيفية النهوض بالمضمون ، وأهمها بإختصار ، الإرتقاء بالآداء والتخلص من التكرار في الموضوعات والبحث عن مايهم المشاهد وإتقان فنون الحوار ووضع ضوابط لضمان الموضوعية والعدالة في عرض المعلومات المختلفة وانتقاء الضيوف.
كما أرجعت د.يمن الحماقي أستاذ الإقتصاد بجامعة عين شمس أسباب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها اتحاد الإذاعة والتليفزيون، إلي عدم اتخاذ الحكومة البعد الإقتصادي، وإهمال الأنشطة التي تدر دخلا وعدم اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة تفيد الإتحاد وتعبر به أزمته.
ولفتت الحماقي الإنتباه إلي أن مرتبات العاملين تعد من أهم المشكلات التي تواجه اتحاد الإذاعة والتليفزيون بسبب إهدار الموارد والطاقات غير المستغلة, ودعت إلي تشكيل فريق فني يضم اقتصاديين ومحاسبين وخبراء في الإدارة والموارد البشرية بهدف إعادة الهيكلة واستغلال كل الطاقات المعطلة في أعمال وأنشطة تدر دخلا للإتحاد، إضافة الي هيكلة الموارد البشرية داخل كل قطاع، وضبط المصروفات وترشبد النفقات.وشددت علي أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يمتلك كل القدرات التي يستطيع من خلالها تجاوز الازمة، مشيرة في هذا الصدد الي الطاقات المهدرة والعمالة الزائدة وسوء الإدارة والفساد، التي تعتبر من أهم أسباب الأزمة.
بدوره، طالب د.محمود عبد الحي أستاذ التخطيط بمعهد التخطيط القومي، بضرورة الاهتمام بموارد اتحاد الاذاعة والتليفزيون، والعمل علي استغلالها من خلال تنظيم عملية الانفاق داخل التليفزيون وأشار في هذا الصدد إلي وجود بعض الموارد غير المستغلة مثل شركات الانتاج التي يجب عودتها بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، وتأجير الاستوديوهات للقطاع الخاص، وتقييم عمل المذيعين والمخرجين والمعدين، والعمل علي رفع كفاءتهم من خلال الدورات والبرامج التدريبية.
وأكد ضرورة أن تقدم برامج التليفزيون استشارة جادة لاتخاذ القرارات من خلال برامج تهتم بالإقتصاد ونمط التنمية والمشروعات في مصر، عبر المتخصصين في هذه المجاﻻت لبث الثقة عند المواطنين.
وشدد عبد الحي علي ضرورة الحوار الراقي ذى المصداقية، من أجل نشر الوعي لدي المواطن والرجوع إلي الإبداع في كل المجالات كي يستعيد اتحاد الاذاعة والتليفزيون ريادتة ويتغلب علي عثرته المالية.