وأعتقد أنه يجب نقل المفاوضات الفنية إلى مفاوضات سياسية وهى ستكون شاقة وطويلة مع تحديد هدف رئيسى لهذه المفاوضات السياسية هو (اكتفاء إثيوبيا بما تم من سدود على الأنهار الدولية ـ 4 سدود حتى الآن ـ وانشاء ما تشاء على الأنهار الداخلية وروافدها سواء للطاقة أو للزراعة أو سدود مشتركة الغرض) وهذا الهدف يلبى مصالح الجميع فهو يحقق لاثيوبيا توزيع الطاقة والمياه على أنحاء الدولة مما يقلل من تكاليف نقلها وتوزيعها، وبالتالى يحقق للسودان تقليل مخاطر انهيار السدود الحدودية على حافة الهضبة الاثيوبية ويحقق لمصر استمرار كمية المياه المحددة طبقا للاتفاقيات السابقة. وليكون المفاوض السياسى على علم بالآتي:ـ
1 ـ ان ما نحصل عليه من المياه حق لنا وليس منحة من أحد لأنه هبة من الله منذ آلاف السنين وليس هبة من دول المنبع، وأن هناك اتفاقيات وقواعد دولية تحكم ذلك.
2 ـ ان ما يحدث حاليا له أبعاد سياسية واستراتيجية وليست تنموية أو فنية فقط، كما تحاول اثيوبيا وبعض الدول الأخرى أن تروج له.
3 ـ ان مصر تسعى دائما للتعاون مع دول الحوض ولا تقف أمام تنمية أى دولة فى منابع النيل ويشهد على ذلك تاريخنا منذ قيام ثورة 23 يوليو عام 1952.
4 ـ ان ابتعادنا عن افريقيا خلال الفترة الأخيرة لما قبل ثورة 25 يناير 2011 سهل لإسرائيل أن تكون وسيطا للتوغل فى افريقيا ولتكون اداة للغرب بهدف اعطاء دور الزعامة لاثيوبيا فى منطقة القرن الافريقى وحوض النيل لمساعدة الغرب وامريكا فى مواجهة الحركات الإسلامية وتعزيز انفصال الجنوب بالسودان والضغط على مصر من اتجاه الجنوب بالتأثير على أمنها المائي.
5 ـ ان ايراد الأنهار الداخلية فى باثيوبيا نحو 92 مليار م3، بالإضافة إلى 20 مليار م3 من المياه الجوفية والأمطار، أى ان اثيوبيا لا تعانى على الاطلاق من أى مشكلة فى مواردها المائية.
6 ـ كما أن هناك تخطيطا لبناء 32 سدا مختلف الأغراض أختيرت اماكنها بواسطة مكتب استشارى أمريكى عام 1959 وسد النهضة لم يكن من الأماكن المخطط لها سدود، حيث تم تنفيذ 3 سدود مخططة على روافد عطبرة والسوباط، فلماذا بدأت اثيوبيا فى السنوات العشر الأخيرة فى بناء سدود على الحدود السودانية ولم تقمها داخل بلادها.
7 ـ إن المطالب الفنية المصرية الخاصة بسد النهضة والمتمثلة فى تقليل حجم التخزين وزيادة مدة ملء بحير السد وتوقيتات الملء هى مطالب عادلة وتوفر الأمان للسد الرئيسى والسد المساعد، حيث ان كمية الطمى من النيل الأزرق تصل إلى الحدود السودانية فى حدود 140 مليون م3 فى الموسم المطرى الواحد والمطالب السابقة تعطى الفرصة لاثيوبيا لاختبار منشآتها المائية.
8 ـ إن اهتمام السودان فقط بتقليل حجم الإطماء فى بحيرة سد الروحيرص وامكانية شراء الكهرباء من سد النهضة لشرق السودان لا يعادل خطورة انهيار السد أو السد المساعد وغرق منتصف السودان بالكامل بما فيها منشآتها المائية على النيل الأزرق.
9 ـ ان مستقبل المياه لمصر ليس فى اثيوبيا بل فى جنوب السودان، لذا يجب من الآن البحث عن البدائل لزيادة مواردنا المائية من خلال مشروعات مشتركة مع جنوب السودان وأعتقد ان هناك مشروعات مخططة سابقة قابلة للتنفيذ فورا تحقق زيادة فى الموارد المائية لكل من مصر والسودان شماله وجنوبه، وتوفر أراضى شاسعة قابلة للزراعة بجنوب السودان (مثلا بحر الغزال، وبحر الزراف يهطل عليهما 500 مليار م3 أمطارا يصل الينا منها نصف مليار م3 فقط ويضيع الباقى فى المستنقعات).
10 ـ ان المستغل من مياه النيل نحو 5% فقط من ايراد النهر البالغ نحو 1600 مليار م3 ويمكن استقطاب الفواقد الهائلة من خلال مشروعات مشتركة لمصلحة جميع شعوب الحوض.
11 ـ ضرورة عمل مجلس قومى للمياه وتشكيل فريق تفاوضى قوى وتوضع قضية المياه على قمة الأجندة السياسية للدولة.
لواء متقاعد ـ هشام عارف