رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

‏جمال الغيطانى
..‏ الخروج إلي نهار جديد

أنور عبد اللطيف
في كل أعماله كان جمال الغيطاني يبشر بنهار جديد‏,‏ حتي وهو يؤلف أو ينقب أو يقرأ أو يتغزل في جمال نقش أو حياة أثر‏,‏ كان يفخر بكونه مجرد ماسح للغبار عن مجد وتاريخ‏..‏ عن نهار خبأه الزمن أو نهار آت من وراء الضباب‏,‏ منذ أيام خرج الغيطاني من دنيانا الي نهار أبدي استعد له‏,‏ وكان علي يقين ان الله منحه فرصة إضافية ليقول كلمته ويمضي‏,‏ بعدما شاهد الموت في تجربة الحرب ورحلة المرض‏..‏

نفس النهار الذي بشر به رغم القمع الشديد في رائعته الزيني بركات وهو من أهم الأعمال الأدبية التي امتزج فيها الحس الإنساني والدفقة العاطفية مع الوعي الكامل بالتاريخ, دفقة لم تتوافر لكبار العربية إلا في أعمال محدودة, منها الحرافيش والف ليلة لنجيب محفوظ والبيضاء ليوسف ادريس,وتلك الأيام لفتحي غانم, وواحة الغروب لبهاء طاهر.. وفي قمة أعماله ظل صاحب' التجليات' دءوبا ومنظما وعاشقا ومؤمنا وواثقا أن النهار الذي شاهده الأبنودي يختفي بعد نكسة1967 مجرد استثناء في تاريخ وطن الأصل فيه أن تنطلق الي رسالته الإنسانية ونهارها المحتوم, رغم أنف احتلال عثماني أو غربي ولو طال قرونا ولا توقفها هزيمة عسكرية ولا احتكار سياسي واقطاع اقتصادي, ولا تخضع لاستبداد جماعة دينية عقيدتها تاريخ دموي وقوتها شبكة مصالح دولية وذراعها ميليشيات طائفية مسلحة.
..............................
تجمعت لدينا أربعة أعمال صحفية تعشق جمال الغيطاني, لم تكن رد فعل لخبر الانتقال الي الرفيق الأعلي, بل كتبها هو أو كتبت معه وعنه في لحظات حالكة اليأس للتبشير بأن مصر خارجة حتما الي نهار جديد, العمل الأول دراسة معمقة كتبها الروائي طلعت رضوان تأمل فيها معني كلمة' خرجة' التي استهل بها جمال الغيطاني الفصل الأول من دفاتر التدوين وقال إن كلمة خرجة اذا نسبت الي الميت تعني أنها اللحظات التي تعود فيها الروح الي الجسد لتكون له الطاقة اللازمة علي الحياة السفلي بعد الخروج الي الضوء النهائي, أما العمل الثاني فكان خواطر لقاء عابر للزميل ابراهيم فرغلي أحد خلصاء الغيطاني المقربين عن حوار بلا عنوان بعد حصول الغيطاني علي جائزة الدولة التقديرية منذ سبع سنوات, وكشف خلاله الغيطاني عن ليلة قضاها في ظلمة الأهرامات وسر انشغاله بالحضارة المصرية القديمة علي أساس أنها بنيت علي فكرة رفض الموت والاستمرار في الحياة بعد خلق عالم بديل, وقال فيه إن حضارة الفراعنة لم تترك أي دلالة علي قصر من قصور الحكم, وما بقي منها كان الجانب المعبر عن العقيدة وآثار الخلود الدائم ورفض الموت والاندثار, أما العمل الثالث فكان عبر التليفون مع الزميل سمير الشحات عبر خلاله الغيطاني عن عشقه لأدب الصين ووصفها بأنها منجم لا ينضب, وارتعش قلبه عندما ذكر أستاذنا يحييحقي, والعمل الرابع كان حوارا لم ينشر أجراه الزميل محسن عبد العزيز عام..2012 وقد وجه فيه صاحب التجليات قذائفه إلي صدر الإخوان في قمة صعودهم وبشر في الحوار أن مصير هذه الجماعة مرهون بعودة المصريين الي الحياة, وكأنهكان يقرأ من كتاب مستقبل مصر بعد عام.. أو يقلب في أوراق وطن عاش عصيا علي التفكيك منذ أكثر من سبعة آلاف عام,
وتنبأ الغيطاني في الأيام الأولي لاعتلاء مرسي وإخوانه الحكم إنه بفضل التطورات التكنولوجية والإنترنت سوف تعبر مصر هذه المرحلة السوداء خلال سنوات قليلة, لأن ما كان يستغرق مائة عام قد يأخذ عاما أو أقل وأن مأساة مصر و سر المؤامرة الدولية عليها ليست بسبب عبقرية المكان ـ كما قال جمال حمدان ـ ولكن بسبب مصيبة المكان وحمد الله أن الموقع الذي عرض مصر لعواصف السياسة العالمية هو نفسه الذي حماها من التطرف الديني, فمصر هي جوهرة التوازن في التاريخ الإنساني, ومن يقرأ تاريخ مصر جيدا لا يمكن أن يكون متطرفا أو إخوانيا. وإلي تفاصيل رسالتنا إلي الرجل العائش الآن في الحقيقة..

 

الله أهداني وقتا إضافيا بعد أن تهيأت تماما للرحيل
الموت خروج للأبدية وسبق لي أن جربته!
من يقرأ تاريخ بلادنا لا يمكن أن يكون متطرفا أو إخوانيا
أمنيتي المستحيلة أن أمنح فرصة أخري للعيش.. أن أولد من جديد لكن في ظروف مغايرة أجيء مزودا بتلك المعارف التي اكتسبتها من وجودي الأول الموشك علي النفاد.. أولد وأنا أعلم أن تلك النار تلسع.. وهذا الماء يغرق فيه من لا يتقن العوم.. وتلك النظرة تعني الود وتلك تعني التحذير. وتلك تنبئ عن ضغينة.. كم من أوقات أنفقتها لأدرك البديهيات.. ومازلت أتهجي بعض مفردات الأبجدية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق