يعلق علي ذلك د.عمرو هاشم ربيع, نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قائلا: إن نظام الفردي في الانتخابات قتل الحياة السياسية, فالنائب يعتبر نفسه نائب الدائرة وليس نائب الأمة, خاصة وان بعضهم يسعي للوصول للبرلمان بطرق غير مشروعة, إما بالرشاوي أوالعلاقات أوالعصبية, ولذلك للحصول علي الحصانة والوجاهة الاجتماعية.
فقديما كان النظام الفردي يفرض نوابا محترمين ومثقفين ومؤهلين بالقدر الكافي لمناقشة مشاكل مصر من خلال برلمانها, أما حاليا وفي ظل انتشاربرامج التوك شو التي تنتشر علي الفضائيات ووسائل التواصل الأجتماعي المتعددة, أصبحت تفرز مرشحا فاسدا, ويسعي الناخب لتأييد المرشح الذي سيحصل منه علي خدمة شخصية, متجاهلين المرشح الكفأ القادر علي تمثيلهم والتعبير عن مشاكلهم.
وعن التركيبات البرلمانية السابقة خاصة في عهد الرئيس الاسبق مبارك قال الدكتور عمرو: بعض النواب الذين تم انتخابهم عن الحزب الوطني كانوا وصمة عار علي حد وصفه, من أمثال نواب الكيف والقروض ومارينا ونائب الرصاص, هو النائب الذي أبدي رأيه المخالف للدستور والقانون وطالب بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين, ونائب النقوط وهي واقعة شهيرة فعندما كان يزور وفد من مجلس الشوري الذي كان هو أحد أعضائه مدينة الغردقة داخل الملهي الليلي الملحق بالفندق قام هذا النائب بالرقص مع الراقصة وأخذ يلقي عليها بالأموال, لذا أحاله المجلس للجنة القيم, وتم حرمانه من حضور جلسات المجلس دورة برلمانية كاملة, وأخرين غيرهم.
أما عن البرلمان القادم ومازال الكلام علي لسان الدكتور عمرو: البرلمان القادم برلمان مهم في تحديد مستقبل مصر, ورغم أننا نطلق علي كل برلمان أهم برلمان ولكن الحقيقة أن مجلس النواب القادم هو بالفعل أهم برلمان, فهناك صعوبات ومهام جسيمة, تقع علي عاتق نوابه, من مناقشة الميزانية ومشاكل الصحة والكهرباء والطاقة وسد النهضة, كما أن علي جدول أعماله تشريع24 قانونا وفقا للدستور, وبالنسبة لتركيبة البرلمان القادم فمن خلال الرؤية الحالية فان النواب القادمين سيحولون المشاكل العامة إلي فردية, أي مشاكل التعليم ستتلخص في المدارس التي لم يستكمل بناؤها, ومشاكل الزراعة ستكون عدم الحصول علي السماد علما بأن هذه المشاكل أكبر من ذلك, كل هذا يرجع لعدم وجود أحزاب قوية,فهناك102 حزب سياسي في مصر أغلبهم لا وجود لهم علي أرض الواقع وليس لهم أي شعبيه, وهو ما يدفع لظهور عدد من الأحزاب يترأسها أو يشرف عليها أو يمولها رجال الأعمال, وهذا أسوأ شيء فهم يقتلون العمل الحزبي, وفي حال دخولهم المجلس القادم لن يخدموا البلد بل سيخدمون مصالحهم وأعمالهم الخاصة.
قانون الانتخابات السبب
اما الدكتور عاصم الدسوقي استاذ التاريخ الحديث فيقول: إن ظهور تركيبة برلمانية معينة في برلمان ما يتحكم فيها قانون الانتخابات وشروط الترشح, فمثلا مجلس الشيوخ في عهد الخديو اسماعيل, كان قانون الانتخاب يفرض علي من يريد الترشح له أن يدفع ضريبة اطيان قدرها150 جنيها مصريا بمعدل50 قرشا عن كل فدان يمتلكه وهذا معناه أنه يجب أن لا تقل ملكيته عن300 فدان كحد أدني للترشح لعضوية البرلمام, وبعد دستور1923, كان مجلس النواب يشترط علي المرشح لعضويته أن يدفع150 كتأمين لا يرد إلا إذا حصل علي5% من أصوات الناخبين, وبالتالي كان يتشكل البرلمان في ذلك الوقت من طبقة اصحاب رأس المال ومن أصحاب النشاط الصناعي والتجاري, وظلت هذه هي صفة البرلمان حتي قيام ثورة1952, ومن يراجع التشريعات التي صدرت عن هذا البرلمان حتي هذه الفترة يجد أنها كانت لحماية مصالح الطبقة العليا من التجار وكبار الملاك والاقطاعيين, وبعد ثورة1952 تم الغاء العمل بالدستور وحل الأحزاب التي كانت قائمة قبل ذلك, بعدها تم انشاء مجلس الأمة والذي مر بمراحل كثيرة, لكن كانت أهم ما يميزه هو أن قانون الانتخابات نص علي أن يكون نصف أعضاء المجلس علي الأقل من الفلاحين والعمال, وهذا كان بداية دخول أبناء الطبقة الوسطي إلي البرلمان لأول مرة.وهذا الوضع استمر خلال فترة حكم الرئيس انور السادات, وبداية حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك, والذي تغير في منتصف فترة حكمه شكل التركيبة البرلمانية وظهور نواب القروض والكيف وسميحة, لتكتمل الصورة السيئة للحياة البرلمانية في مصر ببرلمان الاخوان عام2012, مشيرا إلي أن تركيبة النواب في البرلمان القادم غالبا ستكون من عناصر تنفذ اجندة رجال الاعمال الذين لا يهمهم سوي مصالح, لذلك يجب علي الناخبين التدقيق في اختيار مرشحين لديهم رؤية, خاصة وان هذا البرلمان سيحدد مستقبل مصر في الفترة المقبلة.
4 عناصر تتحكم في شكل العضوية
ويتفق معه في الرأي رامي محسن, مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية في أن قانون الانتخابات هو من يحدد تركيبة النواب في أي برلمان, بالاضافة إلي4 عناصر اخري تتحكم في هذه التركيبة وهي مهنة المرشح وتعليمه وصفته ونوعه. مشيرا إلي أن قانون الانتخابات الحالي لايدعم الشباب والمرأة.
وأضاف ان البرلمان القادم سيواجه تحديات كثيرة, منها ضرورة ان يكون هناك لائحة جديدة لمجلس النواب وتشكيل الحكومة, وقوانين شديدة التعقيد ومكان انعقاد جلسات البرلمان حيث ان التجهيزات المكانية واللوجيستية غير معدة لاستيعاب كل هذا العدد من النواب.
رابط دائم: