رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى معرض يضم رحلته الإبداعية بقاعة أفق
ثلاث محطات ..فى حياة ابن الفسطاط

د.محمد الناصر
الأمير تشارلز يبدي اعجابه بأحد أعمال مندور
من الطين خلق الإنسان، ومنه بدأ يصنع أدواته لعمارة الأرض التى استخلفه الله فيها ليكون تشكيل الطين أول صناعة عرفها الإنسان.


هذا الطين الأسمر الساخن كان أول شيء داعبته أنامل محمد مندور فى سنوات عمره الأولى ابنا للفسطاط معقل الفواخير فى مصر القديمة منطقة التاريخ والإرث الحضارى العريق والممتد، نشأ فيها مستنشقا دخان فواخيرها الأسود، معجونا بطينها الذى حمله إبداعا لابد وان ينفرد به، صبيا تميز بين أقرانه بذكائه الفطرى رغم انه كان يفعل مثلما يفعلون، يخلط الطين ثم يعجنه بقدميه العاريتين ثم يرطبه بالماء إلى أن يقوم بحمله بعد ان ينقيه من الشوائب الى "المعلم" وبعينيه الثاقبتين كان يرقب ولادة ما يتشكل بمهارة فائقة مبهرة من آنية وقدور فوق دولاب دوار، ليتأملها متراصة بعد ذلك ساعات فى انتظار جفافها تحت أشعة الشمس، ويرقبها ثانية أثناء احتراقها ويقوم بصفها مرة أخرى لتتشكل لديه صورة لعالم أسطورى خاص شديد الإيحاء لما له من نظام هندسى متناسق يتخذ من السكون والصمت لغة فى حوار لا يفك طلاسمه إلا الصانع.


هذه هى المحطة الأولى التى بدأ بها مندور، واستطيع أن اسميها "المعايشة" وهى أول مفردات التكوين الفنى وأحد أسس التجربة الإبداعية على مختلف أدواتها.. مازلنا فى رحاب المحطة الأولى لنصل فيها إلى نقطة محورية حينما جاء دوره للجلوس على كرسى " المعلم" ذلك الدولاب الدوار الذى أكمل معه اكتشاف الأسرار ..ليبدأ المشوار.. مع أولى خطوات الإبداع فى تشكيل الطين وصناعة الفخار.

المحطة الثانية انتقل فيها الغلام الموهوب من مرحلة الصنعة فى إنتاج الاوانى الفخارية ذات القوالب النمطية المعروفة ليخطو أول خطواته فى عالم الخزف. أنها محطة "هجرس" او "حلوان" التى وصل إليها فناننا ليدخل محترفه الابداعى من أوسع أبوابه، "هجرس" هو محمد حسين هجرس النحات الشهير و"حلوان" هو الحى الذى يقع فيه مرسمه حيث استقطب إليه الشاب محمد مندور بعدما جذب انتباهه أثناء إحدى زياراته للمنطقة واستشعر تميزه وموهبته ليتبناه ويصبح هذا المرسم هو جامعته ومعهده وعالمه الأثيرى الذى تفرغ فيه لاستكمال كشف أسرار فن الخزف بين صفحات الكتب وكتالوجات المعارض والمتاحف وزياراته لها من خلال توجيهات هجرس، بالإضافة إلى الممارسة العملية المتتابعة والمستمرة فى كل محطاته الإبداعية، واستطيع أن أطلق على هذه المحطة "الثقافة والاطلاع" كأحد المحاور المهمة فى التجربة الإبداعية.

وصل الفنان محمد مندور الى فهم أعمق فى استكمال اكتشاف أسرار الخزف فى المحطة الثالثة التى أتاحت له الطين والأكاسيد والأفران وكل الأدوات التى تساعد الخزاف على القيام بعمله، وذلك فى محطة "سجن ليمان طرة" الذى التحق به فى فترة تجنيده لتدريب المساجين على صناعة الخزف ويتم اختياره بعد ذلك من قبل اليونسكو مدربا للخزف فى جمعية التنمية الفكرية بالمطرية.

هذه مقدمة ليست موضوعا عن قصة الفنان العصامى محمد مندور، بل مدخل لقراءة أعماله المتجددة والمتنوعة فى معرض نظمه الفنان ايهاب اللبان المشرف على قاعة «افق» لتحتضن القاعة هذه الرحلة الابداعية الفريدة حيث تقف أوانيه رابضة متصاعدة فى شموخ ومهابة وجلال، تحمل الروح التراثية والشعبية فى الأشكال والرسوم والزخارف التى تزين أطباقه الخزفية الحائطية وبعض أوانيه بجانب الرؤية الواعية لمتطلبات التشكيل فى بانوراما تحمل معنى الوجود والتواصل والإنسانية والسمو والحنين تضعه كواحد من أقطاب فن الخزف المصرى الحديث ، وسوف يفتتح المعرض خلال شهر أكتوبر الحالى .

بقى ان نقول أن الفنان محمد مندور حصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية كما أن اعماله تزين العديد من المؤسسات والقصور والفنادق والمتاحف فى مصر وسوريا والبحرين وايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأقام العديد من المعارض بها بالاضافة الى اليونان والنمسا واقتنى الأمير تشارلز بعض أعماله اثناء زيارته لمصر عام 1996 حينما طلب منه المركز الثقافى البريطانى تقديم عرض لأعماله فى مقره بهذه المناسبة، واقتنت من أعماله أيضا الدكتورة هدى عبدالناصر وافتتحت له احد معارضه .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق