أن الأمة العربية التى خرجت منتصرة على إسرائيل فى تلك الحرب هى نفسها التى تكتوى الآن بنار التدمير والتقسيم الموجهة من الصهيونية الأمريكية ولهذا أقول لجيل الشباب العربى الذى لم يشهد هذه الحرب إن امتكم العربية من المحيط الى الخليج وقفت كلها قادة وشعبا وجيشا خلف مصر وسوريا وكتب الله لنا النصر المبين وانهت الحرب الادعاء الكاذب وقتها للجيش الإسرائيلى بأنه لا يقهر لقد قهرته وحدة الأمة العربية كلها على أرض سيناء والجولان وبالتوازى قاد الملك فيصل رحمه الله مبادرة وقف ضخ البترول العربى للدول الداعمة لإسرائيل واعطت الامة العربية درسا للعالم كله بأنها أمة لديها من الامكانات ما يؤهلها لتكون القوة السادسة فى العالم وهو ما أزعج الداهية الماكر اليهودى هنرى كيسنجر وزير خارجية أمريكا الذى قاد حربا سياسية وخلفه الدعم العسكرى الأمريكى المباشر لإنقاذ إسرائيل، وقد كان له ما أراد بمجرد أن وطئت قدماه أرض القاهرة والرياض فى الاسبوع الأول من نوفمير 73 وكانت زيارات كينسجر المكوكية المشئومة هى البداية لتفتيت وحدة الأمة العربية وضمان عدم تكرار ذلك مستقبلا ضد إسرائيل وكعادة العرب دائما التى تغريهم غنائم الحروب وتلهيهم نظرات انكسار العدو عما يضمره لهم من دهاء الخطط لتفتيت وحدتهم التى هى سبب النصر وقد نال العدو ما أراده بدءا من اتفاقية وقف اطلاق النار التى التزم بها العرب وخالفها العدو وتتابع مسلسل الفرقة والتشرذم العربى لنصل الى ما نحن فيه الآن. واستخدمت أمريكا أسلوب الجزرة والعصا وسياسة فرق تسد مع العرب وتشهد الاحداث التى جرت على الارض العربية بذلك ومنها اغتيال الملك فيصل ملك السعودية عام 1975 على يد ابن اخيه الذى عاش بأمريكا لمدة 5 سنوات قبل عودته لتنفيذ جريمته، الحرب اللبنانية الاهلية من 1975 حتى 1990، زيارة الرئيس الراحل انور السادات لإسرائيل نوفمبر 1977 وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل سبتمبر1978 وحصول الزعيمين السادات وبيجين مناصفة على جائزة نوبل للسلام، توقيع معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية مارس 1979، الحرب السوفيتية فى أفغانستان وتطوع المجاهدين العرب «داعش الاولى ضد روسيا» بدعم أمريكى عربى 1979 الى 1989 تعليق عضوية مصر بجامعة الدول العربية ونقل المقر الى تونس من 1979 حتى 1989، الحرب الايرانية ـ العراقية من 1980 حتى 1988 التى خلفت مليون قتيل وخسائر 400 مليار دولار أمريكى الغزو العراقى للكويت واحتلالها فى اغسطس 1990 وتبعها حرب تحرير الكويت يناير 1991 والحرب الاهلية فى الصومال 1990 حتى الآن، أحداث 11 ستبمبر 2001 نفذها 19 شابا عربيا من المنتمين للقاعدة وتدمير العراق وسقوط نظام صدام حسين مارس 2003 وبداية الصراع الطائفى وتقسيم العراق وتقسيم السودان الى دولتين 2011 ثم ثورات الشعوب العربية على حكامها 2011 بتونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ولم تنج إلا مصر وتونس وتدمير الثلاثة الاخرى وظهور داعش الثانية بدعم أمريكى غربى لتدمير العرب.
ونجح العدو بدهائه ومكره فى تغيير خريطة الأمة العربية واستباحة ارضها وكرامتها وعلينا أن ندرك ان السبيل الوحيد للنجاة ان كان لنا مخرج لذلك لن يكون إلا بالاتحاد والعلم والعمل ونبذ الفرقة والتخلص من الخونة والادراك التام بأن دائرة الخطر اتسع قطرها من الخليج للمحيط ولن ينجو منها أحد.
د. حمدى عبدالسميع محمد
أستاذ بطب بيطرى ـ بنها