شارك بالأمسية جمع من المثقفين ومحبيه؛ كان من بينهم ابنة الأديب الراحل «ريم خيرى شلبي» التى تحدثت عن خيرى الإنسان والأب, ووصفت كيف كان اباً ليس لها فقط بل كان والدا لأغلب الجيل الحالى من المبدعين من كُتاب الرواية والقصة القصيرة, وكيف أنه لم يكن فظاً غليظ القلب وهو يعطى النصيحة أو يمد يد العون, بل كان العباءة التى يحتمى بها كل موهوب حتى يصبح قادراً على مواصلة إبداعه والتصدى لأى عقبات تعترض ذلك الإبداع، وأضافت ريم فى أثناء الاحتفال أن الإبداع لن يتوقف عند جيل خيرى شلبي، بالعكس الجيل القادم ممتلئ بالحيوية والإبداعية.
كما تحدث الناقد الدكتور محمود الضبع عن تجربته معه, وكيف كان لقاؤه الأول مع شيخ الحكائين سبباً فى أن يدرك أن الأدب لايحتمل معياراً نقدياً واحداً بل معايير متجاورة تستوعب العمل مهما كان متواضعاً، وحكى كيف اخذ خيرى شلبى بيده ليضع قدميه على أول الطريق بشكل صحيح، بالرغم من تواضع عمله الأول. لم ينظر خيرى للمعيار الأدبى الحاكم الحاسم على العمل, بل نظر لما يعكسه من إمكانية صناعة أديب، فلا أحد يمكنه الحكم على الإبداع وفقاً لمعايير ثابتة, وإلا كان انتهى الابتكار والتجريب والتجديد ومن ثم اندثر الأدب. كماحكى الضبع كيف اختزل خيرى تاريخ الجوع فى مصر فى أعماله؛ فلم يكن خيرى مجرد قارئ أو حكاء ولكن كان ايضاً متعمقاً فى التاريخ، يرصده ويعيد صياغته بفتنة الحكى عنده لينسج أدباً يروى من خلاله أحداثاً وتواريخ، مثلما رصد تاريخ الجوع المصرى من خلال روايات « لحس العتب» و «الوتد» و«صالح هيصة».
وعن إعطائه الشباب الفرصة للإبداع والنشر تحدث بعد ذلك الدكتور هيثم الحاج علي, نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب والقائم بأعمال رئيس الهيئة, عن تجربته معه وكيف نشرت له مجلة الشعر حين كان يرأسها خيرى شلبى أول أشعاره «أغنية فى محاور الموت» عندما اختارها شلبى من ضمن الكثير من الأعمال الأخرى. كما تحدث عن تجربته الثانية معه عندما كان خيرى رئيس اللجنة التحضيرية لملتقى القاهرة الأول للقصة القصيرة عام 2010 واختار أن يكون لهذا الملتقى محور خاص عن الجماعات الأدبية المستقلة باعتبارها معبرة عن الوجود الجديد للشباب ضد المؤسسة فى ذلك الوقت. فقد كان خيرى دائما يواصل جهده الدائب فى متابعة الشباب وتنميتهم واحتضانهم بأبوة وبتواضع شديد. كما وجه الحاج الدعوة لدراسة شلبى, لا كروائى فحسب بل كمحرك مميز لتيار الأدب فى زمنه أثرى العديد من الجوانب الثقافية المتنوعة على مر تاريخه المشرف والقيم؛ فهو القاص والصحفى والمحرر الأدبى وكاتب البورتريه وكاتب السيناريو والباحث الأدبى الذى استطاع أن يكتشف وينير العديد من النصوص المجهولة أو المهملة.
ومن جيل الشباب تحدث القاص الشاب محمد علام عن تجربته مع أعمال خيرى شلبى وكيف تأثر بها بشكل كبير؛ فلدى خيرى شلبى - إلى جانب الإبداع الروائى والقصصى - تجارب وإبداعات فى ميادين عديدة: فى نقد الشعر والنقد الإذاعى والمسرحى والسينمائى.. العديد من التجارب المثمرة التى تجعلنا نفكر: لماذا دائما نهتم بوضع المسميات, مثل ماركيز الأدب العربى أو مؤرخ طبقة المهمشين أو صانع الدهشة, بدلاً من أن نهتم بالبحث فى أعماله المتنوعة وجمعها؟ ما هذه الا مسميات لا تزيده بل تخنق ابداعه وتسجنه فى قوالب وأطر ضيقة تجعلنا نغفل أعمالاً كثيرة. خيرى شلبى أديب متمرد يتجاوز نفسه باستمرار, فهو كما قال «أنا الكاتب المبدع وهذا يشمل كل الأوصاف، لأنى كتبت عن المهمشين والبيت المصرى و الريف والمدينة, وعن الحياة المعاصرة بكل جوانبها ومظاهرها الاجتماعية والفكرية والسياسية».