لكان رسول الله أولى بذلك، ولكنه حج مرة واحدة، ولايفقه ذلك إلا العالمون، بينما عبد ربه حتى تورمت قدماه، وبذلت يداه الخير حتى كان أجود به من الريح المرسلة، وجاع يوما وشبع يوما، وقال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فتكاسل بعض أمته عن هذا وهو جوهر الدين، واستبدلوا به ما لم يأمر به ولم يفعله من حج وعمرات.
أيها الحاج عاما من بعد العام، أتراك تقدم بين يدى الله ورسوله، أم هداك تأدبك أن يحج نبيك مرة واحدة، وتحج أنت مثنى وثلاث ورباع، دع عنك الأحاديث التى يروج لها أصحاب شركات السياحة لتكرار الحج، ودعاوى أرباب دعوات الحج السنوية التى تأتيهم من الأمراء والوجهاء بأنه من تيسير الله، فالحج مرة واحدة، وكل دم أريق بسبب التزاحم والتدافع، إنما يقع كفل منه على معتادى الحج كل عام، الذين لو لزموا ديارهم ومابرحوها للحج، لأفسحوا المكان لغيرهم يؤدون شعائرهم فى غير تزاحم وتدافع يزهق الأرواح ويريق الدماء، ولنفعوا بأموالهم من وراءهم من المسلمين فى بلادهم، فهم أحق بها من إنفاقها على تكرار الحج.
د. يحيى نور الدين طراف