رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الأمـن والاحـتـرام.. ســـر «تـركيبـــة» النجـــاح اليـابـانيـة

طوكيو - مروى محمد إبراهيم
شوارع هادئة ونظيفة..وإن ازدحمت بالسيارات والمارة يمينا ويسارا وعلى أرصفة المترو..ولكن القاسم المشترك الذى يجمع بينهم هو التزام الجميع بقواعد المرور بغض النظر عن العجلة والجدية التى تعلو الوجوه.. ربما تكون الجدية والالتزام هما أهم ما يميز الشارع اليابانى فى ساعات الذروة.


فخلال زيارتى القصيرة التى شملت عددا من المدن اليابانية، انتابنى شعور بأن هناك خيطا رفيعا غير مرئى يجمع بين أفراد الشعب الياباني. فعلى الرغم من أن السمة الغالبة هى عدم التطفل أو التدخل فى شئون الغير، إلا فإنك يمكن أن تلاحظ أن كل فرد فى الشارع- يسير بخطى سريعة وبجدية واضحة- أو داخل المؤسسات الحكومية أو حتى جهات العمل الخاصة تجده وقد حمل فى يديه «منشفة» صغيرة يجفف بها عرقه، فى أجواء اتسمت بالرطوبة العالية والأمطار الغزيرة المتواصلة.

وقطعة القماش الصغيرة هذه ما هى إلا دليل على مدى التزام المواطن اليابانى بقرار الحكومة بـ»توفير الطاقة». فداخل المؤسسات العامة أو الخاصة أو حتى الفنادق لا يمكن خفض مكيف الهواء عن الـ25 درجة مئوية وفى بعض الحالات 28 درجة مئوية. كما أن القرار الحكومى سمح للمسئولين والموظفين الرسميين بعدم ارتداء رابطة العنق لتقليل الشعور بالحر. وبالرغم من اعتراض البعض على هذا القرار الذى يتزامن مع أجواء الصيف الحارة ، فإن الجميع ملتزم بتنفيذ القرار حرصا على الصالح العام للبلاد وبغض النظر عن المواقف الشخصية.

والمواطن اليابانى شخص عملى بشكل عام، فلا تجد أن أحدا يتضرر من استخدام المترو والقطار وغيرهما من وسائل المواصلات العامة ، التى عادة ما تزدحم بالمواطنين فى ساعات الذروة الصباحية والمسائية .

ولكن هذا الازدحام يتسم بحالة مميزة من النظام والهدوء واحترام الخصوصية إلى أقصى درجة. فالجميع يقف، بدون ملل ولا تذمر، فى صف طويل ولكن منتظم للغاية فى انتظار الصعود إلى قطار المترو ، ويراعون طوال الوقت راحة بعضهم البعض فلا يوجد تدافع أو سب أو حتى تضرر من الازدحام المفرط فى كثير من الحالات.

فاحترام الغير مبدأ يلتزم به الجميع ، كما لو كان ميثاقا تم التوقيع عليه بشكل مسبق.

وربما هذا الاحترام هو ما ساعد المرأة اليابانية على الالتزام بأناقتها المتناهية ، بما فى ذلك ارتداء «الكعب العالي»، أثناء استخدامها للمترو.

فعدم القلق من التعرض للتحرش سمح للمرأة اليابانية بالتمتع بالحرية فى مواكبة أحدث خطوط الموضة، بدون أن يساورها القلق من احتمال التعرض لأى مضايقات خلال رحلة الذهاب والعودة من العمل. وربما يكون هذا هو أيضا أحد الأسباب الرئيسية فى أن تكون المرأة اليابانية أحد العناصر الهامة المحركة للاقتصاد اليابانى ، فشعورها بالراحة والاطمئنان ساعداها على أداء دورها داخل المنزل وخارجه بشكل أفضل.

ومن أهم وسائل المواصلات التى تجدها فى بعض الأحياء اليابانية ، هى الدراجة العائلية. فتجد أن الرجل أو السيدة يستخدمان دراجات مزودة بمعقدين للأطفال أحدهما أمامى والآخر خلفى وسلة للمشتروات.

والدراجة مزودة بأحزمة أمان، وتجدها تسير على جانب الطريق ، بحيث لا تعترض السيارات طريقها.

ويبدو أن هذا الشعور بالأمن هو ما ساعد الشعب اليابانى على أن يكون مضيافا ، ومرحبا بالأجانب فيما يعتبر أكبر تشجيع ممكن لحركة السياحة فى اليابان بشكل عام. وهذا ما يمكن أن تلاحظه من خلال زيارة مقاطعة «مييه» اليابانية ، والتى من المقرر أن تستضيف قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى فى مايو 2016.

وهذه المقاطعة قد خصصت كل مقدراتها لخدمة هذا الغرض، ولاستعراض ثروتها الطبيعية من غابات وأنهار ومناظر طبيعية خلابة تخطف العقول .

والطريف أن الحكومة لم تتلاعب بالطبيعة وحرصت على المحافظة على هذه الثروة التى حباها بها الله، حيث حرصت على ألا تتعارض المنشآت الحديثة مع الطبيعة الساحرة .

كما أن هذه المدينة تجمع بين جمال الطبيعة وعبق التاريخ ، حيث يقع فيها ضريح «إيسيه «، وهو واحد من أهم الأضرحة الخاصة بطائفة «الشينتو» اليابانية. وهناك أيضا «غواصات الاما» وهن غواصات مسنات تتجاوز أعمارهن الستين عاما -اشتهرن بالغوص بدون أى معدات إلى عمق يصل إلى 18 مترا لصيد القواقع والأعشاب البحرية التى يشتهر بها المطبخ الياباني.

وعلى الرغم من أن هذه المهنة بدأت فى الاندثار فى اليابان ، إلا أن القائمين على المقاطعة حرصوا على الاحتفاء بهن ، من خلال إنشاء متحف خاص لهن ، ومطعم يمكن لأى سائح أن يستمتع بأطمعتهن التى يعددنها بكل حفاوة أمامه وهن يحكين عن مغامراتهن وشغفهن بالغوص.

إن الأمان والاستقرار واحترام القانون والجدية فى العمل واحترام المواعيد..هى ببساطة التركيبة اليابانية للتقدم على جميع الأصعدة. فالبداية من المواطن نفسه وليس من الحكومة أو القيادة السياسية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق