رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

وماذا بعد أداء الحج؟

◀ د. عبدالفتاح إدريس
الحج شعيرة من شعائر الله تعالي، تلزم المحرم به بكثير من التكاليف الشرعية الزائدة على التكاليف التى يلزم بها من لم يحرم بالحج، فالمحرم يلتزم بالإحرام من الميقات وفى وقت معين، وأن لا يلبس مخيطا أو محيطا ببدنه إن كان رجلا، ولا يغطى وجهه أو رأسه بلباس، كما تلتزم المرأة بعدم تغطية وجهها أو يديها بما يسترهما، ويلتزم المحرم من الجنسين بعدم وضع الطيب أو استعمال ما فيه طيب فى البدن أو الثياب، كما يمنع من الجدال والمراء والخلاف والرفث والفسوق، ونحو ذلك، بمجرد إحرامه حتى يتحلل منه..

 هذا التكليف يولد لدى المحرم التزاما بعدم مخالفة ما ألزمه به الشارع، وإلا كان مخالفا فيلزمه فدية، وحتى إذا لم يفسد حجه فقد لا يكون حجه مقبولا عند الله سبحانه، وهذا الالتزام شبيه بالتزام المسلم بالامتناع عن المفطرات خلال نهار صومه ولو كان طويلا صائفا، والتزامه بالاستيقاظ لأداء الصلاة ولو عند شدة البرودة، والتزامه بمراقبة الله تعالى فى كل أعماله وسلوكه، وهذا كفيل أن يولد لديه التزاما إسلاميا فى كل شئون حياته، فحياة المسلم التزام كامل بالتكاليف الشرعية فى جانب الأوامر أو النواهي، ليكون مسلما طائعا لخالقه، والحج ولادة أخرى لمن أدى مناسكه كما شرع الله تعالي، والتزم بما ألزمه الشارع فيه، حيث يعود الحاج من حجه نقيا من ذنوبه وخطاياه، كما يفيد حديث: »من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه«، وليتصور المسلم العائد من أداء مناسك الحج أن صفحة ذنوبه صارت نقية، فليحرص على أن تظل كذلك، ولا يكون هذا بالأمانى أو الانخراط فى الأعمال المشبوهة التى يداوم عليها بعض من ضل سعيهم فى الحياة الدنيا، وإنما ينبغى أن يعمل على أن تظل صفحة سيئاته نقية، وأن يزيد من عمله الصالح، بحسبان أنه سبب رضوان الله تعالى على العبد، قال تعالي: » والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون »، وأن يجتهد قدر استطاعته أن لا يكون إلا فى طاعة خالقه ما تبقى له من عمره، وأن يعيد النظر فى سلوكه مع غيره، والنهج الذى كان يتبعه فى كسب عيشه، وتعامله مع الناس، ليفعل من ذلك ما فيه مرضاة الله سبحانه، ولا ينبغى أن يظن ظان أن بوسعه معصية الله تعالى ردحا من الزمن، ليذهب بعد لأداء الحج فتمحى عنه الذنوب والسيئات، ثم يعود بعد حجه إلى ما كان عليه من الضلال، إذ لا يعد الحج ماحيا للذنوب بمجرده، إلا فى حق من عقد العزم مع نفسه، وعاهد ربه على مداومة الطاعة بعد أداء المناسك، وجاهد نفسه لإثنائها عن ميلها لفعل السيء من العمل، فمن فعل ذلك كان قمنا أن يغفر الله له، وأن تمحى ذنوبه ليعود من حجه كيوم ولدته أمه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق