لكن الأمر لم يدم طويلا إذ تجرأ بلطجية المبانى على الدولة والقانون وأعادوا بناء مبانيهم المنكسة ذاتها ـ من جديد ـ دون تراخيص، وأمام أعين الجميع، دون أن يحرك مسئول ساكنا، أو يندد، أو يستنكر، أو يشجب التصرفات المشينة والمهينة المنغمسة فى أهواء هؤلاء البلطجية ومنافعهم.. وفى يقينى أنه لولا غياب الإحساس بالإنضباط القانونى ما جرؤ أحد بلطجية هذه المبانى على تجهيز الدورين الأرضى والأول من عقاره ـ الكائن أمام مبنى حى شرق الإسكندرية مباشرة ـ زريبة للخراف والماشية، وعددها يتجاوز أربعمائة رأس، وهكذا، بين عشية وضحاها أصبح علينا أن نذعن، صاغرين، لجحيم الروائح الخانقة المسمومة المنبعثة من المخلفات الصلبة والسائلة لحيوانات تلك الزريبة، مع أن تنفس الهواء عديم الرائحة، يمثل للإنسان، والحيوان كذلك، المبدأ الأساسى للبقاء والحياة.
إننى أهيب بالمسئولين أن يلبوا للمواطنين حاجتهم لإنفاذ القانون من أجل المحافظة على ما تبقى لهم من حيزهم المدنى المفترض، حتى لا يضطروا ـ بدورهم ـ إلى انتزاع حقوقهم من خلف القانون، وهو ما قد يحول مجتمعنا ـ للأسف ـ إلى ما يشبه حلبة المصارعة الحرة بين الديوك.
محمود حمدى عبدالغني
أستاذ الأنثربولوجيا المتفرغ بآداب حلوان