رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تحقيقات «الأهرام» ترصد يوم عمل بالإدارة العامة للحماية المدنية
رجال مهمتهم «إنقاذ» أرواح المصريين

تحقيق ـ كريمة عبدالغنى:
شهدت مصر خلال الفترة الماضية حوادث متعددة بين حرائق اندلعت بالمصانع وغرق مراكب نيلية أو انهيار عقارات، بالإضافة إلى ما تتعرض له بعض المناطق من أعمال إرهابية نتيجة زرع عبوات ناسفة ، ومهمة التعامل مع كل هذه الحوادث تقع على عاتق الإدارة العامة للحماية المدنية والتى يعمل أفرادها وضباطها ويضحون بأرواحهم فى صمت.

ولذا حرصت تحقيقات »الأهرام« على إعداد ملف حى بالصور تتابع من خلاله طبيعة عمل تلك الإدارة واختصاصاتها والآليات التى تدعم عملها والمعوقات والصعوبات التى تعترض مهمتها التى تتركز فى الأساس على حماية وإنقاذ أرواح المواطنين سواء بالإنقاذ البرى أو النهرى أو بإخماد الحرائق أو التعامل مع المفرقعات إحدى أدوات الإرهاب الذى تحاربه مصر خلال الفترة الراهنة.


وللوقوف على طبيعة عمل كل الادارات فى الحماية المدنية حرصنا على التوجه فى البداية لإدارة المفرقعات للحديث مع خبراء نتابعهم ونحن نكتم الأنفاس خوفا ورعبا عليهم أثناء تعاملهم مع المفرقعات التى يزرعها الإرهابيون بالشارع المصرى ، فى محاولة لمعرفة أسلوب عملهم ومشاعرهم وقت التعامل مع تلك المتفجرات بصورة مباشرة وما المحظورات التى يجب أن يراعوها، ومن هؤلاء الأبطال التقينا خبير المفرقعات أحمد يحيى وهو من أكثر الخبراء الذين تعاملوا مع معظم العبوات المتفجرة بمناطق مختلفة سواء فى القاهرة أو خارجها، وبمحاولة الاستفسار منه عن مشاعره لحظة إبلاغه بخروجه للتعامل مع إحدى العبوات قال: نحن لدينا شعور دائم بالاطمئنان ثقة فى عون الله عز وجل لنا فى البداية ثم لتلقينا تدريبات على أعلى مستوى ولتوافر الإمكانات التى تؤهلنا للتعامل مع كافة أنواع المتفجرات

وعن أصعب المواقف التى تعرض لها أكد أنها كانت فى أول مرة كلف فيها بالتعامل بمفرده مع إحدى العبوات، ولكن بزيادة التدريبات والمشاركة فى العمليات تم صقل خبرتنا وكفاءتنا وزادت ثقتنا بأنفسنا أيضا فى المقدرة على إبطال مفعول العبوات .

وعن المحاذير التى يخشاها خبير المفرقعات أثناء التعامل مع العبوة المتفجرة أوضح يحيى أنه خلال الفترة الماضية عمد الارهابيون لتصميم متفجرات عالية الحساسية وتتأثر بأقل تعامل معها أو من حرارة الجو، ولكننا تغلبنا على ذلك بالمعدات الحديثة الموجودة لدينا والتى مكنتنا من إحراز نجاح 90% بمعظم البلاغات التى وردت لنا.

وأوضح أن إدارة المفرقعات تضم عشرة خبراء وهم من ينزلون فى البلاغات عن وجود عبوات فى القاهرة ويشاركون فى البلاغات الكبيرة خارج القاهرة ونتعاون مع الإدارات الفرعية بالمحافظات من الإسكندرية لأسوان.


وعن بذلة المفرقعات ومكوناتها ذكر أن محاولة ارتدائها فى كل بلاغ له رهبة كبيرة داخل النفس ولكنها سرعان ما تزول ونبدأ فى التعامل مع الموقف الذى أمامنا، كما أن بذلات المفرقعات الموجودة لدينا من النماذج العالمية ويصل وزنها لـ36كيلو وفيها ثلاثة أنظمة للتبريد والتهوية والاتصال، بحيث يتم وضع عبوة مياه باردة موصلة بخراطيم تهوية داخل البذلة حتى يتمكن من التنفس ، وهذه البذلة من شأنها أن توفر بعض الحماية ولكن داخل مركز الانفجار الأمر يتوقف على حجم العبوة والمادة التى تحويها.

إصابات أو شهداء

وهنا تحدث اللواء محمد جمال وكيل الإدارة العامة للعمليات بالحماية المدنية موضحا أن حدوث نسب إصابات أو شهداء أثناء التعامل مع العبوات المتفجرة أمر وارد ويحدث فى كل دول العالم ومثال ذلك ما حدث مع رئيس إدارة المفرقعات بموسكو أثناء محاولة تعطيل عمل إحدى العبوات التى انفجرت فيه وتسببت فى مقتله وهو يرتدى بذله المفرقعات وسط أحد ميادين العاصمة الروسية، رغم أنه تعامل بالروبوت والذراع فى البداية مما أشعره بالأمان وقرر التعامل المباشر بيده معها فقتلته، وتكرر ذلك مع رئيس قسم مفرقعات أنقرة بتركيا وقتل معه عدد كبير من ضباط المفرقعات والمباحث أيضا.

وأضاف أن طبيعة عمل خبير المفرقعات فى حد ذاتها تشمل خطورة تهدد حياته فى أى لحظة أثناء ممارسة عمله، والذى يقرر فجأة ومن تلقاء ذاته التعامل بيده مع العبوة المتفجرة رغم ما لديه من أجهزة ومعدات فى إمكانها أن تكمل مهمته دون مخاطرة، ورغم الاتصال المباشر بين ضابط المفرقعات وقائد الفريق والذى يتابعه ثانية بثانية ويقوم بتنبيهه بالأجواء المحيطة بالموقع والتى قد لا يلاحظها لانشغاله بمحاولة تعطيل العبوة بالإضافة إلى أن قائد الفرقة يحرص أثناء العمل على ألا يشعر الضابط بالوحدة، بل ويحذره بصفة دائمة من عدم التعامل المباشر مع العبوة، والاستعانة بكل الأدوات والمعدات التى لديه سواء كانت الروبوت أو بالذراع وفى الحالات التى لا تجدى نفعا معها تلك المعدات يتدخل ضابط المفرقعات بنفسه بعد ارتداء البذلة واستخدام البكر والحبال لجلب العبوة وتلك الطريقة تعطى فاعلية أكثر من استخدام الروبرت والذى من الوارد أن يتعطل أثناء العمل

التعامل اليدوي

وعن سر إقدام ضابط المفرقعات للتعامل بيده مع المفرقعات رغم توافر الآليات الأخرى أوضح أن التعامل باليد مسموح به فى حالتين استثنائيتين فقط لضمان إحراز النجاح فيهما رغم مخاطره ،الأولى أثناء اختطاف رهينة موثقة بالمفرقعات، وفى تلك الحالة ليس هناك حل سوى التوجه لفك أغلال المفرقعات من على الرهينة، والأخرى لوجود قنبلة داخل منشأة نووية، وبخلافهما لا نعرف حتى الآن سر إقدام ضابط المفرقعات للعمل بيده وترك المعدات التى لديه والمغامرة بحياته .

ويتذكر اللواء جمال حادث استشهاد النقيب ضياء فتوح بالطالبية بالجيزة بعد أن قرر فجأة حمل العبوة على صدره وبدأ فى التعامل معها وهو الأمر الذى نتعجب له، لدرجة أن وزير الداخلية بعد ذلك الحادث مباشرة اجتمع مع ضباط المفرقعات ليستفسر منهم عن السبب الذى يدفعه للتعامل المباشر وبيدهم مع المفرقعات رغم توافر المعدات المخصصة لذلك، وكان جواب الضباط أعجب حيث قالوا إنهم لا يعلمون ما الذى يحدث لهم بالضبط لحظة التعامل مع المتفجرات ويجدون أنفسهم يتعاملون بيدهم وليس بالمعدات.

وهنا قال خبير المفرقعات أحمد يحيي: هناك شىء ينادينا ويدعونا لعمل ذلك، رغم أننا تدربنا على العمل بالمعدات

الاطفاء والحرائق

أما عن إدارة الحرائق فوجدنا فيها سيارات إطفاء متنوعة ومختلفة فى الحجم والسعة وتستخدم كل واحدة منها حسب نوعية وموقع الحريق وفق ما أطلعنا عليه العقيد محمد عشماوى مدير إدارة الإطفاء والذى أوضح أن الإدارة تضم أحدث سيارات الإطفاء ومخصصة للحرائق الكبيرة بالمصانع وتحوى ذراعا يصل أقصى ارتفاع له 15مترا ومهمته الأساسية اقتحام الأماكن المغلقة والتى لا نستطيع الوصول إليها بالإفراد والضباط فى حال زيادة الحرارة وكمية اللهب، بحيث تتمكن الذراع من إحداث فتحة فى جدار المنشأة وإدخال المواد المخصصة للإطفاء سواء كانت المياه أو الرغاوى لإطفاء المواد الكيماوية لان تلك المادة فى إمكانها الطفو فوق سطح المياه وعزل وحصر الحريق.

واستطرد أن المعدات والسيارة فى إدارة الإطفاء تتنوع وتختلف فى استخدامها حسب الحريق الذى نتعامل معه، فالحريق الناتج عن مواد كربونية مثل الأقطان والملابس نستخدم فى إطفائها فى الأساس المياه، أما الحرائق فى المناطق المرتفعة فنستخدم معها السلالم الهيدروليك والتى يصل ارتفاعها ل55مترا وفى القوات المسلحة يصل ارتفاعها 108أمتار ونستعين بها فى بعض الحرائق الكبيرة ومنها حريق مصنع عبود الأخير بشبرا، كما تستخدم تلك السلالم كمعدة إنقاذ يستخدمها رجال الإطفاء لتوصيل مواد الإطفاء لموقع الحريق .

وعن مدى توافر وسائل الحماية لرجال الإطفاء من حوادث الحريق الذى يتعاملون معه أوضح أن الأفراد والضباط بالإدارة مدربون على مواجهة كل أنواع الحرائق، ولدينا معدات حماية لهم كالبذلات والأحذية وأغطية الرأس ولكن جميع تلك المعدات لا يمكنها أن تحميهم من التعرض للهب المباشر، فزى الحريق معالج بمواد تؤخر الاحتراق ولا تساعد على سرعة الاشتعال، وتحمى من آثار الحريق والإشعاع ومن المواد الكيماوية فقط ولذا لدينا نسب مصابين وشهداء ضحوا بأنفسهم من أجل إنقاذ أرواح المواطنين فى مواقع الحريق

الجانب العملى

إن الحماية المدنية على مستوى العالم كما يقول اللواء أيمن حلمى مدير العلاقات والاعلام بوزارة الداخلية من أهم القطاعات بالدول، ويقاس تطور وتقدم الدولة بمدى اهتمامها بهذا القطاع ،فلا يوجد شيء أغلى وأقيم من أرواح المواطنين، ودورنا لا يختلف على مدى السنين سواء قبل ثورة يناير أو بعدها رغم زيادة الجهد المبذول خلال السنوات الأربع الماضية لمواجهة التفجيرات والعمليات الإرهابية ،وهو ما أدى لزيادة العبء على إدارة المفرقعات.

ويضيف قائلا: أما بالنسبة للجانب العملى لوكالة الإطفاء والتى لا تختص أو يقتصر التعامل فيها على التعامل مع الحرائق فقط ،بل تضم أقساما أخرى، كقسم هندسة الإطفاء ،وتأمين المنشآت السياحية، والحماية المدنية للصناعة «الأمن الصناعى «بالإضافة إلى أهم شق من الأعمال و تعد الجزء الأساسى فى طبيعة العمل بالحماية المدنية هو أعمال الرقابة والاستعداد ووضع الاشتراطات الوقائية لتأمين المنشآت من أخطار الحرائق، وهذه الآليات تفعيلها أفضل واهم من الانتقال لإخماد الحرائق بعد إضرامها.أما عن المفرقعات وقبل الانتقال للتعامل معها فتسبقها مراحل عديدة من التدريب والتأهيل للضباط وحصولهم على فرق داخليا وخارجيا، ساهمت فى وجود كفاءات على أرقى مستوى فى العالم كخبراء بالمفرقعات.

التطور التكنولوجى

وعن مدى مواكبة الحماية المدنية للتطور التكنولوجى فى العالم واختلاف وتنوع وسائل الفكر الإرهابى عن مثيله فى التسعينيات أكد اللواء محمد صقر مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للحماية المدنية أن هناك ركنين أساسيين للتعامل وفق تلك المتغيرات والتى تبدأ بالجانب المادى والتى عملت وزارة الداخلية جاهدة لتوفير الإمكانات المادية بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين ، مما أتاح لإدارة الحماية المدنية امتلاك أحدث الأجهزة المتطورة فى العالم بجميع أنواعها للتعامل مع المفرقعات وتم توزيعها على جميع مديريات الأمن بالجمهورية.

أما عن الجانب البشرى فيرى صقر أن العمليات الواقعية التى يتعامل معها رجال المفرقعات تعد أكبر واقوى من أى تدريبات يمكن أن يحصلوا عليها فى أى مكان ، وتعد التدريب الحقيقى لهم، فرغم كل الفرق والتدريب القوى للضباط سواء على المستوى المحلى أو الخارجي، إلا أن نزول الضابط للشارع وتعامله مرات عديدة ومتتالية مع المتفجرات يسهم فى زيادة كفاءته وثقلها.

وعن أسباب وقوع ضحايا من خبراء المفرقعات أثناء التعامل معها رغم تطور أساليب العمل فى تلك الإدارة بالحماية المدنى اكد أن طبيعة العمل بالمفرقعات تضم نسبة إصابات وعجز وهذا أمر متعارف عليها عالميا، وأى دولة بالعالم تتعرض للإرهاب تزيد نسبة الاحتمالات فى الإصابة أو الفقد أثناء مواجهة تلك العمليات والتعامل معها، والتى لا تنتج عن سوء تدريب أو لضعف الإمكانات، بل العكس هو الصحيح فالإمكانات متوافرة لأقصى درجة والتدريب على ارقى المستويات العالمية، غير أن الحوادث التى يتعرض لها رجال المفرقعات سواء بالإصابة أو الاستشهاد تقع نتيجة ملابسات الحالة التى يتعامل معها ، فكل واقعة لها ظروف وملابسات خاصة بها.فى إطار الحرب التى نخوضها لمواجهة هذه الموجة الإرهابية الشرسة الغادرة، ورجال المفرقعات ينزلون للتعامل مع العبوات المتفجرة وهم يرتدون بذلات مجهزة وفق المواصفات العالمية، وتوفر لهم قدرا من الحماية «وليس الحماية الكاملة «فى حدود مسافة معينة أثناء التعامل مع العبوة، غير أنه فى حال تعدى تلك المساحة وتعامل الخبير بيده مع العبوة فلن تجدى تلك البذلة نفعا أو توفر حماية له، وتلك الظروف هى سبب وقوع الحوادث التى لحقت ببعض رجال المفرقعات خلال الفترة الماضية.

وعن توافر الآليات والميكنة المتطورة التى تمكن من التعامل مع أنواع المتفجرات المختلفة وإبطال مفعولها دون أذى لأحد، استطرد اللواء محمد صقر قائلا : كمسئول حماية مدنية أؤكد أن الدولة تضعنا فى مقدمة أولوياتها، لان تحقيق الأمن والاستقرار هو العامل والسبب الرئيسى وراء أى انجاز يتم تحقيقه فى أى مجال سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا، ولذا نحن نملك فى إدارة المفرقعات جميع الآليات والتقنيات اللازمة للعمل بإتقان، فلدينا الروبوت «الإنسان الآلى «الذى نستخدمه للاقتراب من العبوة المتفجرة وتصويرها والتعامل معها، ومع هذا فكل عبوة لها وضع وظروف تختلف عن الأخرى،فهناك عبوات يصعب توجيه الروبوت لها ،ويستلزم ذلك التعامل معها باليد وبصورة مباشرة.

وعن التوقيت والفترات التى ترفع فيها الحماية المدنية حالة الاستعداد القصوى، قال: إن رفع حال الاستعداد القصوى يكون فى الأوقات التى تشهد بعض الاحتقان ، وفى مناسبات معينة وفى المواسم والأعياد .

الأمن الصناعي

وعن سر زيادة نسب وعدد حوادث الحريق بالمصانع فى مناطق متفرقة خلال الأيام الماضية ومدى توفر ضوابط الأمن الصناعي، والرقابة عليها وعلى عاتق من تقع المسئولية أكد أن معظم الحرائق الكبيرة التى وقعت خلال الفترة الماضية فى المصانع، والحماية المدنية لم توافق على تشغيلها ،ودورنا فى الرقابة على المصانع والمنشآت سواء كانت سياحية أو صناعية أو تجارية أو تجمعات تخضع لنصوص القانون، وينظم عملنا قانون الدفاع المدنى رقم 148لسنة 1959، والذى يمنح ضباط الحماية المدنية اختصاص مراقبة الاشتراطات الوقائية فى المصانع ولا يسمح بتشغيلها إلا بعد موافقة الحماية المدنية، كما ينظم تلك الاشتراطات من البداية قانون البناء الموحد رقم 119، والمفترض كنظام عمل أن المصنع على قطعة الأرض المخصصة له قبل إنشائه يتقدم الاستشارى القائم بالإنشاء بتقرير بالاشتراطات الوقائية التى يجب تنفيذها وفقا للكود المصرى للوقاية من الحرائق، ويتم مراجعة ذلك التقرير من قبل الحماية المدنية وفى حال استيفائه للشروط يتم الموافقة عليها ثم يبدأ تنفيذ العمل لإنشاء هذا المصنع وفق ما تضمنه التقرير، أما فى حال عدم استيفاء التقرير للشروط الواجب توافرها يتم الحاقه بتقرير يتضمن الاشتراطات التى يحتاج إضافتها.

ولذا معظم الحرائق التى وقعت كانت فى مصانع لم تحصل على موافقة بالتشغيل فى المرحلة السابقة للإنشاء، وهنا مكمن الخطأ والمخالفة، والحماية المدنية ليس منوطا بها إصدار قرارات بوقف تشغيل تلك المصانع المخالفة، وهى مهمة الجهات الإدارية التى تملك إصدار القرارات.

ويضيف موضحا أن الدور الأصيل للحماية المدنية فى ذلك الإطار يأتى بعد الموافقة على التشغيل وبعد مخاطبة الجهة الإدارية التى يتبع لها هذا النشاط سواء كانت بالأحياء أو المدن الجديدة باستيفاء النشاط للاشتراطات الوقائية وليس هناك ما يمنع من السير فى إجراءات الترخيص والموافقة على التشغيل ،وطالما لم تصدر هذه الموافقة، فتقع مهمة التعامل مع تلك المنشآت على جهات أخرى بالدولة .كما أن هناك كثيرا من المنشآت قمنا بالمرور عليها ورقابتها حررنا محاضر بالمخالفات بها ، وأرسلنا خطابات للجهات التابعة لها بضرورة اتخاذ الإجراءات الإدارية لإيقاف النشاط لخطورته، ومع ذلك للأسف مازال النشاط ببعض من هذه المنشآت مستمرا .أما عن زيادة معدلات الحرائق بالفترة الماضية أمر لا يمكننا الجزم بوجود تعمد لإشعال الحرائق بالمصانع ،ولكن الغالب الأعم أن معظم حوادث الحريق التى تقع فى مصر بالتحديد مرجعها الإهمال وسلوك المواطن وعدم الأخذ بالأسباب، أما النتائج الدقيقة فى حوادث المصانع الأخيرة، أمر يقرره المعمل الجنائى والذى لم يخطرنا بعد بالنتائج النهائية التى توصلوا إليها، كما أن دور الحماية المدنية ينتهى بمجرد تمكننا من إخماد الحريق ، وبعدها ننسحب ونترك العمل للأدلة الجنائية لتفحص وتأخذ الأدلة الموجودة بموقع الحادث.

وعن حصر نهائى بعدد المنشآت والمصانع المخالفة قال صقر: إن إعداد حصر كامل للمنشآت المخالفة أمر صعب لوجود كثير من مصانع بير السلم والتى تمثل أزمة لمجال الأمن الصناعى نظرا لاختفائها وتعمد العمل بها تحت أجنحة الظلام خفية عن أعين الرقابة، واكتشافها يأتى مصادفة عندما نبلغ بوقوع حوادث فى مناطق عشوائية ونفاجأ أنها عبارة عن مصانع تحوى مواد كيماوية وبلاستيكية فى منتهى الخطورة لوقوعها فى مناطق سكنية ضيقة وتمثل تهديدا لسلامة المواطنين، والوقوف على مثل تلك المصانع والكشف عنها يعتمد حاليا على المجهود الذاتى من قبل ضباط الحماية المدنية فى المناطق التى يقع فيها نطاق عمله أثناء الرقابة على المنشآت، ولذا نحن فى حاجة لتعاون الجهات الأخرى كالمحليات للكشف عن مصانع بير السلم والمنشآت والمبانى المخالفة للمقاييس ومواصفات الكود المصرى فى جميع أرجاء مصر، حتى يتم التعامل مع تلك الحالات وفق مقتضيات القانون الذى نأمل تغليظ العقوبة على المخالفين فى التعديلات الجديدة به

تعديل القانون

ويضيف قائلا نحن بالفعل بصدد تعديل القانون ككل، خاصة انه صدر عام 1959ومواده أصبحت لا تلائم مقتضيات الفترة الراهنة والتى اختلفت بشكل جذرى عن حقبة الخمسينيات، فلم يعد مجديا توقيع العقاب بالحبس مدة عامين أو دفع غرامة مقدارها لا يزيد على عشرة آلاف جنيه على المخالف لشروط الأمن الصناعى والتى قد يسبب عدم الالتزام بها إهدار العديد من أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، أما فى التعديل الجديد طالبنا أن تغلظ العقوبة بالحبس عامين ودفع غرامة لا تزيد على مائة ألف جنيه بحيث سيكون العقاب رادعا ويلزم كل صاحب منشأة على الالتزام بتفعيل اشتراطات الأمن الصناعي.

وعن مدى إمكانية تدريب عمال المصانع على التعامل مع الحرائق بشكل فعال أوضح أن أى منشأة تشمل اشتراطات موافقة إدارة الحماية المدنية على السير فى إجراءات الترخيص والتشغيل، تدريب ما لا يقل عن 25% من العاملين بالمنشأة على أن تقوم بتدريبهم الإدارة العامة للحماية المدنية والإدارات الجغرافية بالمحافظات، كما يوجد بكل من هذه الإدارات مركز تدريب يتم تدريب الأفراد ومنحهم شهادة بما يفيد حصولهم على تدريب الحماية المدنية، وهذه الآليات مفعلة واقعيا.

وعن وجود نوعية حرائق يصعب التعامل والتمكن من إخمادها أوضح اللواء محمد صقر أن الأولوية بالنسبة لنا كرجال حماية مدنية حماية الأرواح بحيث يتم العمل فى البداية على أخراج الأحياء والمصابين أو الوفيات، وبعد ذلك يتم التعامل مع العنصر المادى والذى نفضل فى أحيان كثيرة ألا يحدث اقتحام لقواتنا للمبنى حرصا على أرواحهم، وهناك حرائق يرتبط أسلوب التعامل معها بطبيعة المواد الموجودة فى موقع الحريق مثل حرائق البترول شديدة الخطورة والالتهاب, أسلوب التعامل مع كل أنواع الحوادث يتم بأدق وأحدث السبل فى الدول الكبرى وتتوافر لدينا احدث الإمكانات لذلك سواء فى مجال الإنقاذ أو الإطفاء أو المفرقعات، بل الأمر الذى نتميز به هو قوة المثابرة والجرأة التى يمتلكها رجالنا أثناء التعامل مع تلك الحوادث، مع ضرورة وضع أمر مهم جدا فى الاعتبار وهو حجم وعدد وأسباب الحرائق بالمقارنة بالدول الأخرى والتى تتميز بإنشاء المدن الصناعية فى مناطق مغلقة عليها بعيدا عن الكتل الصناعية مع التزامهم بتطبيق اشتراطات السلامة وهذا بعكس ما هو قائم فى مصر حيث تتخلل المصانع وسط الكتل السكنية وهذه أمور من شأنها زيادة حجم الخسائر وصعوبة التعامل مع الحوادث بها، رغم سرعة الاستجابة والتعامل مع الحرائق ففور تلقى البلاغ بالحادث يبدأ الانتقال والتوجه للموقع خلال دقيقتين وإذا حدث تأخر فى الوصول فهذا بسبب الزحام المرورى وسلوكيات المواطنين التى تعرقل زمن الوصول لموقع الحادث بالسرعة المطلوبة .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق