رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الأخ الفاشل!

الخلط بين التعليم الهندسي، والتعليم الفنى الصناعى واعتبار أن الثانى

هو «الأخ الفاشل» خطأ فادح نرتكبه فى حق كلا النظامين التعليميين، ذلك أن لكل منهما فلسفته ورسالته وأهدافه وأدواته وأساليبه ومخرجاته التعليمية ومواصفاته التى تختلف اختلافا كبيرا بينهما، ولذلك لم يكن من الموفق أبدا ولن يكون موفقا فى أى وقت من الأوقات أن نأتى بأساتذة كليات الهندسة لكى يطوروا لنا التعليم الفنى الصناعي، والدليل على ذلك أننا كررنا تلك التجربة على مدى عقود عديدة مضت منذ ستينيات القرن الماضى دون أن ننجز شيئا ملموسا لتطوير ذلك النوع «المنحوس» من التعليم الفني، والمشكة لاتكمن فى تقصير أو قصور من جانب أساتذة الهندسة، وإنما تكمن فى اختلاف المقاصد والأهداف وطرق قياس تحققها فى كلا النظامين، فكليات الهندسة تعلم المهندس لكى يؤدى مهنة هندسية بما تتطلبه من قدرات ومواصفات أكاديمية، وما تلقيه على عاتق ممتهنها من مهام هندسية بحتة كوضع التصميمات والرؤى والأفكار والمخططات لمنظومات موجودة فى رأس صاحبها (المهندس)، بينما معاهد ومؤسسات التعليم الفنى الصناعى تعلم الفنى لكى ينفذ تلك الأفكار والتصميمات والرؤى التى أشرنا اليها بما تلقيه عليه وظيفته من مهام تنفيذية تتطلب العديد من المهارات والجدارات ذات الطبيعة التطبيقية العملية التنفيذية، ولذلك تبنى كليات الهندسة أساليب ومنظومات جودة تعليمية للتأكد من تحقق مخرجات التعلم فى خريجيها من المهندسين تختلف اختلافا كبيرا عن مثيلاتها فى مدارس ومعاهد ومؤسسات التعليم الفني، وعندما نأتى بأساتذة كليات الهندسة لتطوير تعليمنا الفنى الصناعى فإهم يأتون بأساليبهم الهندسية (وهم معذورون فى ذلك) ليطبقوها كما هى فى مؤسسات التعليم الفني، ليقيسوا ويقيموا بها مهارات وجدارات تختلف كل الاختلاف عن نظيراتها الهندسية، وبذلك نخطئ خطأين فى آن واحد، الأول اننا نأخذ أساتذة الهندسة من كلياتهم ومهامهم، والثانى أننا نكلفهم بمهمة لا تتوافر لها أسباب النجاح لتطوير تعليمنا الفنى الصناعي، وهو الخطأ ذاته الذى نرتكبه حين نأتى بالمهندسين للتدريس فى مدارسنا ومعاهدنا للتعليم الفنى الصناعي، فالمهندس له من المهارات والجدارات ما يختلف اختلافا جذريا عن مهارات وجدارات التدريس لطلاب المدارس والمعاهد الفنية الصناعية، وعندما نطلب من المهندس أن يزود طالب التعليم الفنى الصناعى بما يملكه فنحن نظلم الاثنين، نظلم المهندس لأننا وضعناه فى مهمة ليست له، ونظلم طالب التعليم الفنى الصناعى لأننا لم نوفر له معلما تعلم نفس مهاراته وجداراته وطرق تقييمها وتقويمها، وهو ما تداركته أو تحاول تداركه كليات التعليم الصناعى منذ خمسة وعشرين عاما ،بأن تبنت هذه الكليات سياسة تأهيل خريجى مدارس ومعاهد التعليم الفنى الصناعى أنفسهم ومنحهم درجة البكالوريوس لكى يصبحوا مدرسين ويعودوا لمدارسهم التى تخرجوا فيها ليزودوا طلابها بالمهارات والجدارات التى تتفق مع طبيعة ذلك النوع المتخصص من التعليم الفني، ويا من تطورون التعليم الفنى الصناعى بجميع مراحله لتعلموا أن مستويات المهارات والجدارات فى التعليم الفنى الصناعى وطرق تقييمها وتقويمها تتطور على مدى الساعة، وإذا لم نطور تعليمنا الفنى الصناعى بالمتخصصين فيه والملمين بأصوله ليتوافق مع التطورات السريعة وإعدادهم لهذه المهمة الشاقة، فلن يكون بإمكاننا الارتقاء بتعليمنا الفنى الصناعى مهما أتينا بأعظم أساتذة الهندسة للارتقاء به.

د. أحمد الجيوشي

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق