بحيث تتحاكي بها الاجيال مثلما تحدث من سبقهم عن تاج محل وفرساي الشهير وآخر ساكنيه من ملوك فرنسا الذين كانت نهايتهم مقصلة السفاح ماكسميليان روبسبير .
فالألسنة لا تتوقف في التندر والحديث عنه ، تنسج حوله القصص والحكايات التي لا تخل من خيال وطرائف ، يشجعها في ذلك المعلومات التي تتسرب بين الحين والآخر ، وتجد طريقا لها إلى وسائل الاعلام سواء كانت سيارة أومرئية ، خصوصا المناوئة والرافضة له ولصاحبه رجب طيب ردوغان ، وهي بالتالي متعطشة لهذا النوع من العجائب لاستغلالها للتعبير بها عن سخطها ومقتها لمن إستباحوا المال العام فيما يضر ولا ينفع .
في الاساس صلاحيات الرئيس محدودة وفقا لما رسمه له الدستور ، وعندما انتخب للمرة الاولي كما صار يتشدق بأنه أول رئيس منتخب فقد تم نتخابه كي يؤدي تلك المهام المنصوص عليها ولايتجاوزها ، وبالتالي ما هي الحكمة في الانتقال لهذا البناء الشاسع الذي كان في الاصل مخصصا ليكون مقرا لرئاسة الوزراء صاحبة السلطة التنفيذية التي تدير البلاد والمفترض في أن من يعتليها جاء بالانتخاب الحر المباشر.
وهكذا لن تكون هناك ادني مبالغة في القول أن سراي «بيش تبة» أو «الخمس هضبة»، كما تسمي ياللغة التركية ، والتي نكلت من أجلها بجزء عزيز من حدائق أتاتورك الغناء ، تأتي متصدرة لقائمة الموضوعات المثيرة للجدل في أوساط الرأي العام ليس لتكلفته الباهظة التي بلغت مليارات الليرات بل للغرائب التي تتوارد على مسامعهم.
فبحسب معطيات غرفة المهندسين المعماريين التي تتولي حملة القصر غير الشرعي، بلغت مصاريف الكهرباء والماء والغاز الطبيعي والتدفئة والتبريد والتنظيف نحو 21 مليون ليرة شهريا (8 ملايين دولار) منها 10 ملايين ليرة (4 ملايين دولار) للتدفئة والغاز الطبيعي وأوضحت أن تخطيط مشروع البناء فقط تكلّف 200 مليون ليرة على الأقل اي 75 مليون دولار ، وبالمناسبة هذه الارقام رصدت قبل شهرين اي قبل تراجع الليرة التي تدنت لمستوبات قياسية عقب تمكن اردوغان من عرقلة تشكيل الحكومة إئتلافية.
وكان تيزجان كارا كوش جاندان رئيس شعبة غرفة المهندسين المعماريين في العاصمة أعلن في وقت سابق أن سعر الكأس الواحد من الكؤوس المطلية بالذهب الموجودة على مائدة أمينة أردوغان يبلغ نحو 1000 ليرة (400 دولار لحظة استيراده) كما أوضح أنه تمت حياكة سجادة للقصر مساحتها 4 آلاف متر مربع من السجاد الذي يتم تصنيعه خصيصًا في مدينة مانيسا غرب البلاد، وأن تكلفتها بلغت مليونا و200 ألف ليرة.
وإمعانا في تكريس جنون الترف ، كشف مصطفى دستيجي زعيم حزب الوحدة الكبرى اليميني المعارض عن أن الرئيس رجب طيب أردوغان جلب 60 شاحنة محملة بالأشجار والزهور من هولندا لتزيين قصره وتبلغ تكلفة الشاحنة الواحدة 23 ألف يورو يعني بحسبة بسيطة بلغت تكلفة الاجمالية مليون و380 الف يورو.
وحتى تتكمل صورة عرش الطاووس ، فقد دشن بناء آخر بجواره ، ففي الوقت الذي يعاني فيه الاناضول من أزمة اقتصادية طاحنة أفردت الصحف ووسائل الإعلام المحلية مساحة واسعة لصور القصر الصغير الملحق بنظيره الرئاسي والذي من المقرر أن تقيم فيه عائلة الرئيس ونشرت صحيفة "حريت " على صدر صفحاتها خبرا قالت فيه إن مقر إقامة رئيس الجمهورية مع أسرته المعروف "بالقصر الصغير" الجاري حاليا بناؤه داخل ساحة القصر الأبيض في أنقرة ينتظر اللمسات الأخيرة بعد أن تم الانتهاء من الواجهة الخارجية له ، وصممت الأنوار فيه على ذات الشكل في القصر الأبيض ، ومن المنتظر أن يقوم كل من أردوغان وزوجته السيدة أمينة اللذين لا يزالان يقيمان في مقر وزارة الخارجية بالانتقال اليه قريبا ولمزيد من مظاهر البذخ قالت مصادر أن المطبخ الخاص بهذا القصر الصغير تكلف 6.5 ملايين ليرة اي ما يعادل 2.5 مليون دولار .
وبطبيعة الحال لابد وان يكون لمن وجه التعليمات كي تخرج هذه الصروح بتلك الفخامة والأبهة ، اسطول نقل في البر والسماء يليق بمقامه، فبعد أن استحوذ على عشرات السيارات المصفحة رفع الستار مؤخرا عن مسعي اردوغاني لتكوين أسطول جوي لخدمة الرئيس، وقيل أن الأخير طلب شراء طائرة شحن أمريكية من طراز" شينوك" تقدر قيمتها بنحو 60 مليون دولار، وفي السياق ذاته قامت رئاسة الجمهورية بتوجيه توجيهات محددة للحكومة ( وهو عمليا يرأسها اردوغان ) بتحويل ملكية الطائرة النفاثة ذات المدى البعيد للقصر ومعروف عنها انه يمكنها التحليق على مدى 12 ألفا و501 كم. وبإمكانها الطيران من إسطنبول حتى لوس انجلوس دون أن تتزود بالوقود أثناء السفر إضافة إلى المروحيات من طراز VIP Sikorsky ، التي تطير بسرعة 300 كم في الساعة وتتسع لعدد 6 إلى 8 أشخاص وهي ذات مقاعد تتحول إلى أسِرة كما أنها تحتوي على طاولة للعمل وحماما ومغسلة ومطبخا. ومداها الأقصى 1000 كم ويمكنها التحليق من إسطنبول إلى ديار بكر دون توقف للتزود بالوقود.
ومن ناحية أخرى فإن طائرة أردوغان الخاصة بزياراته بلغت تكلفتها 300 مليون دولار وهي من طراز إيرباص A330 ومزودة بشبكة إنترنت فضائي ونظام دفاعي ذاتي مضاد للصواريخ ، وكان هو نفسه قد قال عنها "إنهم اقترحوا علي تصميمات مختلفة ، لكنني صممتها بنفسي" وقد تم تقديم الطلب لشراء هذه الطائرة عندما كان رئيسا للوزراء وبحيث تكون بصحبته حينما يعتلي رئاسة الجمهورية التركية.