رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

أقسم الله به وله فضل عظيم..
"عرفة".. يوم المغفرة والجائزة الكبرى

تحقيق ــ حسـنى كمـال ونادر أبو الفتوح:
جبل عرفة
هو يوم عظيم أقسم به الله عز وجل، فى قوله تعالى (والفجر وليال عشر)، ويوم عرفة يوم عظيم من أيام الله تعالي، يوم مشهود، وبعده يأتى يوم النحر، يوم عيد الأضحى المبارك، وهو يوم الحج الأكبر، ولكلٍ من اليومين أحكام تخصه.

وفى أكبر تجمع للمسلمين طوال العام، وفى مشهد عظيم يعبر عن وحدة الأمة الإسلامية، يتجمع الحجاج يوم التاسع من ذى الحجة فى وقفة عرفة، وهى ركن الحج الأعظم، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» فإن ملايين المسلمين فى أنحاء العالم تتعلق قلوبهم بهذا اليوم المشهود، يتضرعون إلى الله وهم صائمون، بأن يكتب لهم الوقوف بعرفة فى الأعوام المقبلة، وفضل هذا اليوم العظيم يشمل الأمة كلها، من حج ومن لم يحج، فإذا كان صيام يوم عرفة لغير الحجاج يكفر السنة الماضية والسنة المقبلة، فإن وقوف الحجاج بعرفة يعنى شهادة ميلاد جديدة وصفحة بيضاء خالية من الذنوب.

ونتطرق إلى بعض تلك الأحكام المهمة التى تهم المسلم، ويريد تحريها، ومعرفة أحكامها، حتى تكون عبادته لربه تبارك وتعالى على بصيرة وهدى ونور، وأعظم ما فيها من أحكام، الأحكام التى تتعلق بالصيام، ففى صيام التطوع من الفضيلة ما ذكره الله تعالى فى كتابه العزيز بقوله: «فمن تطوع خيراً فهو خير له» وقال تعالي: «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون» فكل إنسان يحتاج إلى فعل الخير والعمل الصالح تقرباً إلى الله وتعبداً له وزيادة فى الأجر والثواب فعطاء الله لا ممسك له، وثوابه لا حدود له، فعلى المسلم أن يكثر من فعل الخير والعمل الصالح

فضل صيام يوم عرفة

وأكد العلماء أنه يستحب الإكثار من الأعمال الصالحة من صلاة نفل وصيام وصدقة وذكر وغيرها فى أيام عشر ذى الحجة عموماً، وفى يوم عرفة على وجه الخصوص، ففى الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعنى أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه البخاري، فقد روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده. والحديث يدل بظاهره على أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين.

ويقول الدكتور مختار مزروق عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إن يوم عرفة هو أفضل أيام العام كما قال أهل العلم واستندوا إلى كثير من الأحاديث التى وردت عن النبي، صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء) ، ومن السنن التى سنها لنا النبي، صلى الله عليه وسلم فى يوم عرفة: صيامه لغير الواقف بعرفات، وحينما سئل صلى الله عليه وسلم، عن يوم عرفة قال (إنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية) أما الواقف بعرفات فلا يسن له الصيام، وإنما يسن له الفطر، اقتداء بالنبي، صلى الله عليه وسلم حتى يتقوى الحجاج على العبادة والذكر، ولا ننسى أيضا الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، وليس هذا فى يوم عرفة فقط، بل فى كل الأيام العشرة، ولكنه يتأكد فى يوم عرفة، فقال صلى الله عليه وسلم، (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشرة، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)، رواه الإمام أحمد بسند صحيح.

وأضاف، أنه يسن الاغتنام فى يوم عرفة بليلتها بالإكثار من الدعاء، فقال صلى الله عليه وسلم خير الدعاء هو يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

نفحات

ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، لقد أنعم الله علينا بأزمنة وأمكنة فيها نفحات، فيقول النبي، صلى الله عليه وسلم (ألا إن لربكم فى أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها)، ومما يتصل بهذا الأمر، دخول يوم عرفة فى قسم الله تعالي، فى كتابه العزيز، (والفجر وليال عشر) وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم، خير يوم طلعت عليه الشمس، يوم عرفة، يهبط الله تعالي، إلى السماء الدنيا، فيباهى بالحجيج ملائكته، ويتفضل عليهم بالمغفرة، وأما عن صيامه لغير الحاج، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (صوم يوم عرفة يكفر سنتين، سنة ماضية، وسنة آتية)، فسر العلماء بتكفير سنة مستقبلة، أن الله تعالى يحفظ العبد الذى قبل صيامه من المعاصي، ويكرهها له، ويبغضها له، فيبتعد العبد بتوفيق الله عنها، وهو يوم سنوى كما أن الله جعل ليلة سنوية، وهى ليلة القدر، فمن مجموع يوم عرفة، وليلة القدر، بالإضافة إلى أزمنة أخري، العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذى الحجة، والعشر الأول من المحرم، ثلاث عشرات منحها الله تعالى لأمة الإسلام، وكذلك يوم الجمعة، والثلث الأخير من الليل، فهى أزمنة يجب بذل المجهود لنيل المقصود من مغفرة الله ومثوبته، (ولمثل هذا فليعمل العاملون) (وفى ذلك فليتنافس المتنافسون)، أما الحكم التكليفى لصيام يوم عرفة، فهو من الصوم المسنون لغير الحاج، وليس واجبا. ولكن اتباع النبى أولي، فقد صامه، وأصحابه وآل بيته، وخلفاؤه من بعده، وصارت سنة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

من جانبه قال الدكتور طه أبو كريشة، عضو هيئة كبار علماء بالأزهر، إن هذا اليوم هو الذى يستقبل فيه حجاج بيت الله الحرام، البشرى الربانية التى تبشرهم بأنهم قد منحوا جائزة المغفرة، التى تعطيهم شهادة ميلاد جديدة، يستقبلون بها حياتهم، وليس فى صحيفتهم شىء من الذنوب والآثام، كما جاء النص على ذلك فى قول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، قائلا عن رب العزة وهو يشهد ملائكته «انظروا إلى عبادى جاءونى شعثا غبرا، جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتى ولم يروا عذابى أشهدكم أنى قد عفرت لهم».

ويوضح أن هذه المغفرة جاء تفسيرها فى قول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، وهذه هى شهادة الميلاد الجديدة، التى يحب على كل حاج أن يحرص عليها نقية بيضاء، دون أن يدخل عليها شيئا يغير من مؤهلات هذه المغفرة، وذلك من خلال مداومة الحاج على الالتزام بكل الآداب، التى التزم بها قبل أن يؤدى الفريضة، من حيث الالتزام بالمال الحلال، وفى مرحلة أداء الفريضة بالتوجيه الإلهى «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجِّ».

مشيرا إلى أن هذه الشهادة التى سجلت فيها المغفرة، يكون لها أثر كبير على المجتمع كله، حيث يلتزم كل حجاج بيت الله الحرام، بالسلوك الإيمانى فى مستقبل حياتهم، ويكونون قدوة حسنة وأسوة طيبة، لمن يعيش معهم فى مجتمعاتهم، ومن بركات يوم عرفة تشريع صيام هذا اليوم لغير الحجاج، وهناك ثواب عظيم لمن يصوم هذا اليوم، وقد بينه النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فى قوله «إن صيام يوم عرفة يغفر السنة الماضية والسنة القادمة»، ومن هنا فإن بركات هذا اليوم تشمل الأمة كلها، من حج ومن لم يحج.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق