رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الحرب النفسية.. عدو خفى وأسلحة غير تقليدية
"الدعاية الرمادية" و"الشائعات" و"مواقع التواصل الاجتماعى" أهم وسائل تخريب الدول من الداخل

إسماعيل جمعة
جاءت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي في الكلية الحربية الاسبوع الماضي لتحذر الشعب المصري من الحروب النفسية والمعلوماتية وتأثيرها على الامن والاستقرار الداخلي، لتؤكد لنا ان مصر مستهدفة في الوقت الحالي، فكلما تقدمت الدولة ونمت اقتصاديا وعسكريا، اشتدت حروب الجيل الرابع على الدولة من اجل اسقاطها، او عرقلتها حتى لا تقف مرة اخرى.

ان القيادة السياسية المصرية تعي تماما المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها مصر في الوقت الحالي وتتعامل معها بمنتهى الجدية والحسم، في ظل التطور السريع والمذهل في وسائل الاتصال التي هي السلاح الوحيد والقوي في حرب الجيل الرابع. ان الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يتم بثها في اطار تطور الحرب النفسية التقليدية يؤكد مما لا يدع مجالا للشك ان مصر مستهدفة وبقوة من اتجاهات مختلفة فبعد جميع المشروعات العملاقة او مع بداية الاحداث المهمة يتم تصدير الشائعات، فمصر حققت انجازا حقيقيا في قناة السويس، ومن بعدها الجولات المكوكية للرئيس لجذب الاستثمار، واكتشاف اكبر حقل للغاز، وتزامن ذلك مع تنفيذ اضخم عملية عسكرية في سيناء لتطهيرها من الارهاب مع الاستعداد للانتخابات البرلمانية ، كل ذلك جعل مصر في بؤرة الضوء لذلك تشن حملة اكاذيب بكثافة في الوقت الحالي لخلخلة التماسك الوطني. لذا فان الرئيس يعلم جيدا المخططات تلك، فهو يؤكد باستمرار على الشعب بعدم الانصياع والدخول في تلك الحرب وبخاصة المرحلة الحالية، فالهدف زعزعة الاستقرار وايقاف التقدم ، وث الفتنة والفرقة بين طوائف الشعب المختلفة .

 بالرغم من وجود تعريفات كثيرة للحرب النفسية إلا أن أكثر تلك التعريفات شيوعا هو أنها "الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة، بهدف التأثير على عواطف وأفكار وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق أهداف الدولة التى توجهها أو العدو".

ويلاحظ من هذا التعريف أن الحرب النفسية لا توجه فقط إلى الدول المعادية أو لا تنحصر فقط في نطاق الصراع بين الدول المتحاربة أو المتنافسة، وانما تشمل أيضا الدول الصديقة والمحايدة، ولعل هذا هو ما جعل الخبراء يفضلون لفظ "الدعاية" بدلا من "الحرب النفسية"، كما أن "الحروب النفسية" أو "الدعائية" تختلف باختلاف "وضع" الدولة التي توجه إليها في العلاقات الدولية، فإذا كانت الدولة معادية، كان الهدف تحطيم الروح المعنوية والإرادة القتالية وتوجيهها نحو الهزيمة، وإذا كانت الدولة محايدة، فيكون الهدف توجيهها نحو الانحياز للدولة الموجهة أو التعاطف مع قضيتها، أو على الأقل إبقاءها في وضع الحياد ومنعها من الانحياز إلى الجانب الآخر،أما إذا كانت الدولة صديقة، كان الهدف توجيهها نحو تدعيم أواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق أهدافها.

المهام

أصبحت الحروب النفسية علما ومنهجا تستخدمه الدول فى هدم أعدائها بدلا من اللجوء الى استخدام المتفجرات والرصاص لاعتبارات كثيرة، وفى مجال الصراع الدولى نستطيع أن نقول إن الخبراء الذين يخططون لحملات الحرب النفسية لتدمير الروح المعنوية وتحطيم الإرادة القتالية، يسعون إلى تحقيق هذا الهدف من خلال المهام الرئيسية التى تتمثل فى التشكيك في سلامة وعدالة الهدف أو القضية، وزعزعة الثقة في القوة "من كل عناصرها" والثقة في إحراز النصر، وإقناع الجانب الآخر بأنه لا جدوى من الحرب أو الاستمرار في القتال أو المقاومة، وبث الفرقة والشقاق بين صفوف الشعوب، والتفريق بين الجانب الآخر وحلفائه ودفعهم إلى التخلي عن نصرته، وتحييد القوى الأخرى التي قد يلجأ إليها الجانب الآخر للتحالف معها أو لمناصرته.

الأساليب

ثمة عدة صور وأساليب تستخدم لتحقيق نتائج ايجابية فى الحروب النفسية لاسيما مع التطور الهائل الذى شهده العالم خلال أوائل القرن الـ21 فى تكنولوجيا الاتصالات وسرعة تداول الأخبار، ومن هذه الأساليب الكلمة المسموعة أو المقروءة التي من شأنها التأثير على العقول والعواطف والسلوك، وهو مجال تتعدد فيه الأشكال والوسائل كمواقع التواصل الاجتماعى على الانترنت والكتب والصحف والمنشورات واللافتات والإذاعة والتليفزيون والسينما والمسرح.. الخ.

وأيضا فإن الشائعات تعتبر من أهم الأساليب التى يتم استخدامها فى الحروب النفسية، وهي أخبار مشكوك في صحتها، ويتعذر التحقق من أصلها، وتتعلق بموضوعات لها أهمية لدى الموجهة إليهم، ويؤدي تصديقهم لها أو نشرهم لها "وهذا هو ما يحدث غالبا" إلى إضعاف الروح المعنوية.

كما أن التهديد بواسطة القوة " تحريك الأساطيل - إجراء المناورات الحربية بالقرب من الحدود - تصريحات القادة - إعلان التعبئة الجزئية.. الخ " يعتبر أيضا أحد أهم هذه الأساليب، وأيضا الخداع عن طريق الحيل والإيهام، وبث الذعر والتخويف والضغط النفسي وكذلك الإغراء والتضليل والوعد لاستدراج الجانب الآخر لتغيير موقفه.

الألوان

توجه الحرب النفسية فى ثلاثة ألوان بحسب مصدرها، فهناك الدعاية البيضاء، وهي نشاط الدعاية العلني والصريح، الذي يحمل اسم الدولة التي توجهه مثل الإذاعة ووكالات الأنباء والتصريحات الرسمية، ولذلك تسمى أحيانا بالدعاية الصريحة أو الرسمية، وهناك أيضا الدعاية الرمادية، وهى الدعاية الواضحة المصدر، ولكنها تخفي اتجاهاتها ونواياها وأهدافها، أى التي تعمل وتدعو إلى ما تريد بطريق غير مباشر، كالكتاب الذي يحتوى على قصة أو رواية عادية، لكنه يدعو - بين السطور - وبطريق غير مباشر إلى اعتناق مذهب سياسي معين أو التعاطف معه، وأخيرا الدعاية السوداء وهي الدعاية التي لا تكشف عن مصدرها مطلقا، فهي عملية سرية تماما، ومن أمثلتها الصحف والإذاعات والمنشورات السرية والخطابات التي ترسل إلى المسئولين غفلا من التوقيع أو باسم أشخاص أو منظمات وهمية أو سرية.

وبالمقارنة بين تلك الألوان الثلاثة للدعاية، يتضح لنا أن الدعاية الرمادية هي أخطرها على الإطلاق: فالإنسان بقليل من الوعي والفطنة، يستطيع أن يكشف بسرعة ما وراء الدعاية البيضاء والسوداء، أما الدعاية الرمادية فهو يتجرعها قبل أن يكتشف أهدافها، ويتعرض لتأثيرها دون أن يشعر، لأنها "تتسلل" إلى عقله ووجدانه مستترة وراء شيء ظاهري لا غبار عليه.. أي أنه "يتناول السم في العسل".. والمعروف أن حملات الدعاية تضم عادة الألوان الثلاثة، ولا تكتفي بلون واحد منها، لكننا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الدعاية الرمادية تحظى بالنسبة الأكبر، وأنها هي الأكثر استعمالا والأوسع انتشارا، وذلك تأكيدا لكونها أقوى أثرا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق