وقال الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن من خرج في أداء حج مفروض أو تطوع فقد خرج في سبيل الله، ومن ثم فإذا مات أو أصيب فهو سبيل الله، فيدخل الجنة بغير حساب، ويوقى ظلمة القبر وفتنته، ويرى مقعده من الجنة أول ما يدفن، ويبعثون يوم القيامة بثيابهم التي كانوا يحرمون بها، ويؤدون بها المناسك ملبين يوم القيامة قائلين لبيك اللهم لبيك، وفي هذا حديث صحيح عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرجل الذي وقع من فوق بعيره فمات وكان محرما بالحج، وكفنوه في ثيابه التي مات فيها، فإنه يبعث على هيئته تلك يوم القيامة ملبيا. ولا ينبغي لأحد أن يجزع لموت أحد من هؤلاء أو لغيرهم، أولما أصابهم لأن الله تعالى قدر ذلك لهم منذ الأذل، وقال تعالى: ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) ولذا فإنه كله من قدر الله تعالى، والإيمان بالقضاء خيره وشره، مبدأ من مبادئ الإيمان لا يكون الإنسان مؤمنا إلا به.
وفي سياق متصل يقول الدكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إن هؤلاء الحجاج قدر الله سبحانه وتعالى أن يموتوا على هذا الحال، حتى يبعثهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وهم يلبون، كما أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، كما أن لهم من البشرى ما لا يخطر لأحد على بال، فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديث ما معناه أنه قال: (ما من مسلم يموت في غير بلده إلا قيس لهم من البلد الذي ولد فيه إلى البلد الذي مات فيه في الجنة)، وبناء على هذا نقول لهؤلاء الذين توفاهم الله تعالى في هذا الموضع، هنيئا لكم هذا الثواب الذي أخبر به النبي، صلى الله عليه وسلم، ونقول لأهاليهم وذويهم، (اصبروا فإن الله عز وجل سيعظم لكم الأجر)، وحينما تعلمون بعظم جزاء الذين توفاهم الله عز وجل هناك سيخفف عنكم المصيبة، لأن الله تعالى قد اختار هذه المجموعة للقائه سبحانه وتعالى وللموت في أقدس الأماكن وفي أعظم البلاد، وهم يؤدون أعظم الأعمال، فهنيئا لهم الثواب الكامل، لأن حجهم سيكتب لهم كاملا علاوة على ما ذكرناه من ثواب، وأنتم سيكتب لكم الله عز وجل الأجر العظيم لصبركم على فقد أحبابكم وأهاليكم.
وفي سياق متصل أوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أنه في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم والصحابة، رضي الله عنهم حدثت حوادث مثل الرجل الذي وقصته ناقة فمات، فأمر النبي، صلى الله عليه وسلم بتغسيله وتكفينه وعدم تغطية شعر رأسه، وعدم تطييبه، لأنه لقوله صلى الله عليه وسلم، يبعث يوم القيامة ملبيا، وحوادث أخرى منها غرق أحد الحجاج في بئر زمزم وغير ذلك، وما حدث فهو أمر قدري، فمن قدر الله له أن يموت في الحرم فقد مات شهيدا، ووقع أجره على الله بنص القرآن الكريم، لأنه خرج في سبيل الله عز وجل، وبنية وفعل، قربى من القربات وطاعة من الطاعات، إلا أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وبفضل الله له أجر الشهداء، أما المصابون فلهم أجر البلاء، ونسأل الله عز وجل أن يعجل لهم الشفاء، فهؤلاء أصيبوا في سبيل الله عز وجل، فلهم أجر من أصيب فصبر وابتلي فشكر، وأما ذووهم للشهداء والمصابين فمع المواساة والتعزية وشد الأزر، نقول لهم إن هؤلاء الأحباب في ذمة الله وضمانه، سواء الشهداء أو المصابون، وكلهم مأجور إن شاء الله، وأنتم بصبركم والرضا بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، بإذن الله تشاطرونهم الأجر والمثوبة.