رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المترو يدخل محطة الإهمال !

تحقيق: وجيه الصقار
صفحات بطاقة التعارف عليه تؤكد أنه صاحب مسيرة عطاء طويلة للمصريين تمتد لأكثر من ربع قرن منذ أن وطأت قطاراته أرض مصر بالتحديد فى عام 1987 .. نقلة حضارية رائعة استقبلناها بفرحة عارمة مثل سلوك الصغار والذى سرعان مايتحول إلى لامبالاة بل وإستهتار بالجديد بعد أن يفقد بريقه , للأسف كان هذا هو رد الجميل والمقابل الذى تلقاه مترو الأنفاق منا حتى أصابته الشيخوخة المبكرة فى حين أنه فى دول العالم – حتى الأقل تقدما – لايزال فى عنفوان شبابه رغم أنه أطول عمرا. كان لابد من الاستماع إلى شكواه من خلال معايشة كاملة قمنا بها على خطوطه الثلاثة لننقل الصورة دون تهويل أو تهوين وهى معاناة مزدوجة لركاب المترو مابين الإستجداء من متسولين ، والتعاطف مع شباب بعضهم من حملة المؤهلات العليا من الباعة الجائلين ظلمهم طابور البطالة، كلاهما يثير التساؤل نحن مسئولية من؟! وعلى الجانب الآخر صورة لقارب النجاة الذى يجذب عربات المترو ويضعها فى غرفة العناية المركزة ليعود إلى رونقه من جديد من خلال خطة إنقاذ تحددها وزارة النقل والخبراء ...

خريطة الطريق إلي الإصلاح


أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا إلى وجود عدد من مرافق الدولة بحاجة إلى الصيانة والتطوير، وأن مترو الأنفاق فى مقدمة المرافق الحيوية التى سجلت خسائر تقدر بنحو 150 مليون جنيه خلال العام الماضى، موضحا أن تكلفة إنشاء  خطوط المترو بلغت نحو عشرين مليار جنيه وأن الحكومة قد وقعت اتفاق تمويل مع الاتحاد الأوروبى وفرنسا بقيمة 940 مليون يورو لتمديد شبكة مترو القاهرة ، إلا أن الإهمال تزايد منذ سنوات وتحتاج إلى تطوير.وكشفت خطة وزارة النقل عن جهود للنهوض بمرفق المترو و تحسين الخدمة من خلال تطوير المحطات وتزويدها بمصاعد وسلالم كهربائية، بالإضافة إلى التعاقد على توريد 20 قطاراً مكيفاً للخط الأول، و4 قطارات مكيفة للخط الثانى،  والتعاقد على 13 قطارًا مكيفًا للخط الثانى أيضا وتتكلف هذه المشروعات ما يتجاوز 6 مليارات جنيه .

من المهم وضع حلول تحقيق الاستغلال الكامل لخطوط المترو فى مجالات الدعاية والإعلان ، وحقوق الانتفاع للمساحات التجارية، ليصل إجمالى الإيرادات للعام المالى الأخير إلى نحو 35 مليون جنيه، من بينها نحو 18 مليونا من حقوق الانتفاع للمساحات التجارية، ونحو 7 ملايين جنيه من الإعلانات، إضافة لتوقيع عقد لحق الامتياز الإعلانى بدءا من مارس الماضى لمدة خمس سنوات بقيمة 175 مليون جنيه، لتوجيه هذه المبالغ للنهوض بخدمة المترو وتوفير الصيانة اللازمة.

وأكد  اللواء طارق جمال الدين - رئيس الهيئة القومية للأنفاق ، أن خطة الوزارة لإصلاح مترو الأنفاق تتمثل فى زيادة عدد الخطوط مع  اقتراح للزيادة فى سعر التذكرة لتعويض الخسائر ، و التطوير والتحديث الذى يشهده الخط الأول يتم لمواكبة الزيادة المطردة و السريعة فى أعداد الركاب والذين تضاعف أعدادهم إلى أكثر من ( 10 مرات ) منذ إنشاء المترو وافتتاحه عام 1987 وحتى الآن ، والتى بلغت نحو  3 ملايين نسمة يوميا .
 

كما أن  الهيئة القومية نفذت 83 كيلومترا من أنفاق المترو والسيارات ففى الخط الأول للمترو به 45 محطة تخضع جميعها لخطة التطوير ، إضافة زيادة عدد القطارات إلى 56 قطارا لنقل 2 مليون راكب ، وزيادة سرعة التقاطر إلى 4 دقائق ، لتبلغ جدواه الاقتصادية 1,76 مليار جنيه ، توفيرا فى الفاقد من الوقت والكهرباء .و نفس الأداء بالنسبة للخط الثانى والذى يربط شبرا الخيمة والمنيب ، فإن هناك تطويرا مستمرا على مستوى 23 محطة، مع زيادة عدد القطارات لتبلغ 35 قطارا ، لتنقل مايقرب من 2 مليون مواطن يوميا أيضا ، وبلغت نسبة التوفير بالخط نحو مليار جنيه فروقات وقت وطاقة ، وذلك ضمن الخطة  الثالثة لتطوير  خطوط المترو والتى تستمر حتى عام 2032 ، أما  الخط الثالث فيبلغ طوله 17.7 كيلو متر موزعا على 15  محطة. وتسهم مراحله  فى زيادة ركاب المراحل الثلاث إلى 1.5 مليون راكب يومياً. ،كما يجرى مد  هذا الخط من إمبابة للمهندسين غرب النيل مارا أسفل النيل إلى جزيرة الزمالك ،ثم ميدان العتبة والعباسية ، وإستاد القاهرة إلى مصر الجديدة ، ثم مطار القاهرة ،وبتكلفة بلغت  نحو 1,9  مليار يورو  للتنفيذ فى 3 سنوات.

الخط الرابع

وأضاف رئيس الهيئة أنه نظراً لطبيعة المنطقـة الجغـرافية والسكنية وكـذلك طبيعة التربة فى طريق الخط الرابع فإن الدراسات توصى بأن يتم تنفيذ هذا الخط  والذى  يعتبر أفضل الوسائل لربط مـدينة الســادس مـن أكتوبر بـوسط العاصمة وأطـرافها الأخـرى بشبكة مترو الأنفاق ويقدم خدمة نقل الركاب ويربطها بالمناطــق ذات الكثافات السكانية العالية فـى الهرم وفيصل والعمرانية والجيزة  وأن يتم التنفيذ فى نفقين مستقلين ( نفق لكل مسار) بدلاً من نفـق واحد للمسارين ، حيث تشمل المرحلة الأولى من الخط الرابع : ربط مدينتى السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة ، ويبلغ طول المرحلة الأولى منها 19 كيلومترا ، ثم تمتد المرحلة الرابعة من محطة هارون بمصر الجديدة فى مسار نفقى حتى محطة النزهة بطول 5,15  كيلو متر ثم مسار علوى حتى محطة السلام ( المستشار عدلى منصور) بالقرب من موقف العاشر بطول 6,37 ، وتفريعة أخرى من محطة هارون حتى صالة الركاب 3بمطار القاهرة فى مسار نفقى بعدد 15 محطة .وأن التنفيذ يبدأ من الشهر الحالى ولمدة 6 سنوات. بتوفير الإعتمادات المالية من قرض يابانى، وآخر محلى من موازنة الدولة ، كما تشمل الخطة قطار العاشر ـ بلبيس : بطول 83.4 كيلو متر تقام عليه 11 محطة  ويزود ب 6 عربات وبسرعة  100 كيلومتر فى الساعة، ليستوعب 1500 شخص  فى الرحلة  وأشار إلى إن مايميز المرحلة القادمة هو اختيار تحالف مصرى بنسبة100% لتنفيذ الجزء الثانى من المرحلة الرابعة بالخط الثالث الممتد من محطة النزهة 2 حتى محطة عدلى منصور بمدينة السلام ، ويكون الربط بالقطار المكهرب الواصل للعاصمة الإدارية الجديدة والعاشر من رمضان ،وبذلك بتحالف شركة المقاولون العرب وأوراسكوم بطول 6,37 كيلو متر بعدد 5 محطات سطحية هى : النزهة 2 ،وقباء،وعمربن خطاب ،والهايكستب ، وعدلى منصور ، وذلك بتكلفة تبلغ نحو 4 مليارات جنيه ، وللاستفادة  من الخبرات لدى شركات مصرية اكتسبتها من مشروعات المترو السابقة كما أن التطوير القادم يتمثل فى رفع كفاءة  المحطات التبادلية الخمسة الرابطة لخطوط المترو، وأشار رئيس الهيئة إلى أنه فى سبيل تطوير ورفع الصيانة جهزت ورش طرة البلد لأعمال الصيانة الدورية للقطارات . وحول مشكلة تعطل ماكينات الدخول بالمترو أكد رئيس الهيئة  أن  الكروت الذكية تعمل بالنظام المزدوج dual (تذاكر مغناطيسية وكروت ذكية)  وفى إطار خطة الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق لتطوير نظام التذاكر وعبور الركاب من خلال بوابات الدخول والخروج بالمحطات فان الغرض من هذه العملية هو  إحلال وتجديد النظام الحالى الذى يعمل بالتذاكر الممغنطة (MS) واستبدالها بنظام (RF) الذى يستخدم الكروت الذكية "وذلك على مراحل وبتكلفة 8 ملايين جنيه ، والهدف من هذا المشروع هو تقديم أعلى مستوى ممكن من الخدمة للركاب وتسهيل عملية مرور الركاب بين  المحطات.  وقال: إنه بالنسبة للأعطال الذى شهدها المترو أخيرا فإن الهيئة تبذل قصارى جهدها الآن لتوفير ضمانات استمرار  التيار الكهربائى لقطارات المترو خاصة من محطة الضغط العالى فى طرة ، وتغذى المسافة من حلوان حتى رمسيس وهناك محطة أخرى فى رمسيس تغذى الخط الأول بالكامل من حلوان إلى المرج، وهناك محطات تحويل احتياطية وكل محطة تعمل أوتوماتيكيا فى حالة انقطاع التيار، وأنه فى حالة الطوارئ نستخدم بطاريات تكفى لمدة ساعتين. لأن المترو يعمل على التيار الكهربى المستمر. 

قصور بالخطوط

وللخبراء رأى حيث يرى الدكتور على عبد المنعم حسن أستاذ تخطيط النقل بهندسة الإسكندرية أن هناك قصورا شديدا بمترو الأنفاق برغم اعتباره الوسيلة الحضارية الأولى بالمدن ، فهو الحل الوحيد لمشكلة التكدس واختناقات المرور ، وحركة النقل بالعاصمة لا تقل عن ثمانية ملايين بمن فيهم الوافدون من خارج القاهرة  ، وتبلغ طاقة المترو بخطوطه الحالية نحو 3 ملايين نسمة فى اليوم وسط عدد سكان يبلغ 20 مليونا ، وهو يغطى أماكن محدودة ، لذلك هناك ضرورة قصوى لزيادة خطوطه الطولية والعرضية لتغطية أنحاء المدينة ، ففى مدينة مثل باريس يوجد على جانبى الطريق خطان للمترو حتى تكاد لا تجد مشكلة مواصلات نهائيا مع الكثافة السكانية العالية، أما مشكلات مترو الأنفاق الأساسية فترتبط بإمكانية توفير الصيانة الدورية وقطع الغيار لأن أى تعطل فى حركته ينتج عنه مشكلات يعانيها الركاب يوميا ،فالحكومة تدعمه بنحو 300 مليون جنيه وهو الحد الأقل من الأدنى ، ذلك لأنه يخسر مع وجود رواتب وعلاوات ، وطلب دائم  على قطع غيار وصيانة مستمرة بينما سعر التذكرة منذ عشر سنوات لم يزد على جنيه واحد ، وفى باريس تبلغ 2,5 يورو أو ما يساوى 20 جنيها مصريا ، أى أن سعر التذكرة لدينا يساوى 5 % من السعر الأوروبى ، ذلك إضافة إلى أننا نستورد ما لا يقل عن 80% من قطع الغيار والصيانة للمترو وهى عبء إضافى ، فنحن نشترى وحدات القطارات من الخارج والقضبان والطاقة المحركة والإشارات بالسعر العالمى ، فى الوقت الذى تزيد فيه العلاوات وإعداد الشباب للتشغيل ، فنحن نركز على التعريفة الاجتماعية التى تراعى الفقراء  دون التعريفة الاقتصادية التى تراعى التكلفة الحقيقية لضمان استمرار خدمة المترو . أما الدكتور أحمد فرج أستاذ السكة الحديد بهندسة القاهرة وخبير مترو الأنفاق ، فيؤكد أن أول حلول مشكلات المترو لا بد أن تكون برفع سعر التذكرة ولو بنصف جنيه ، فالعجز الدائم  فى موارده الأساسية يجعله ينهار يوما بعد يوم ، ويمكن للعين العادية أن تكتشف نقصا شديدا فى مستوى الصيانة والخدمة والنظافة ومظهر القطار نفسه على الخطين الأول والثانى لم يختلف عن ذلك منذ أكثر من عشر سنوات، ودعم الحكومة شبه معدوم ، وإيرادات الإعلانات هزيلة للغاية ، وحتى شركة سيماف التى تصنع بعض الوحدات تستورد 60 % من الأجهزة بالسعر العالمى ، لذلك يجب توعية المواطن بواجبه القومى نحو زيادة سعر التذكرة بجنيه أو نصف جنيه ، مما يعد أقل من  الحد الأدنى للمواصلات العادية الحالية التى يستخدمها .

 

يوم فوق القضبان

تحقيق : مي الخولي


"يافتاح ياعليم .. يارزاق ياكريم " .. بهذه الكلمات دخل صبى لم يكمل بعد عقده الثانى عربة السيدات فى المترو حاملا بين يديه أوراقا طبع عليها أذكار الصباح ، يمنحها لكل الجالسين داخل العربة مقابل هبة يمنحونها له ، ثم أغلق الباب ليسير المترو من محطته الأولى بالخط الثانى المنيب ، مر سريعا بمحطات عدة، فتحت فيها أبوابه وأوصدت خلال دقائق معدودة ,وحتى فتح أبوابه مرة أخرى فى محطة فيصل بنفس الخط، فإذا بطفل صغير يعرفه رواد المترو جميعا يتسلل بين أرجل الركاب الذين ازدحم بهم القطار يمنحهم علب المناديل بكفه الصغير ثم يعاود ويقبلهم ملاطفا إياهم حتى يمنحوه جنيها ، أمه معه فى نفس العربة تخفى ترقب عينيها لطفلها الذى لم يتجاوز ال 4 سنوات حتى لا تحرمه إشفاق الناس على نعومة أظافره وظنونهم فى أنه ربما يكون شريدا وحيدا فى هذا الكون دون أسرة تكفيه تسول طعامه الذى لا يطمع فى سواه أو لعلها تختبر ماعلمته إياه عن قرب ، وما أن تمتليء يداه الصغيره بالجنيهات حتى تومىء عيناه لأمه ليخرجا من أبواب متفرقة يخفى كلاهما صلته بالآخر

من الممكن أن تغفو عيناك من قبح ما ترى ، لكن هذا محال فى سوق متحرك يعرف بالمترو ،فعلى صوت أجش ووجه عبوس لا يستطيع إخفاء تذمره من صعوبة العيش ، سوف تفزع من غفوتك وانت تسمعه يصيح فى السيدات : "ضهرك يا آنسة .. ضهرك يامدام " ، فى إشارة منه لهن بأن يفسحوا أمامه الطريق ليعلق أقطانه وملابسه بماسورة فى أعلى العربة ليراها الجالس والواقف.

لكن يبدو أن أحد الأبواب الأخرى قد حمل له هدية غير سارة ، ففى المقدمة آخر ينادى "بيعة وهدية ومكسبنا فيها صلاة النبى " ، حاملا بين يديه مفروشات للسفرة والمطبخ ، وهذا الأمر ليس من أعراف البيع بالمترو.. فوفقا لقانون بائعيه "العربة لمن سبق" .. إلا بائعة فطير الشرقية فهى وحدها التى لايتذمر منها البائعون الاخرون ، فهى تدخل العربة بعباءتها الفلاحى و"تشت " تملؤه عن آخره بالفطير الفلاحى وتنادى قائلة "مفيش بنت حلال تنفعني؟ " ..وحامل البطاطس والكوسة ، هو لايبيعهم ، لكنه يجرب لزبائنه جودة وطريقة تشغيل"المقشرة الصينى "التى يبيعها لهم .

وبين هذا وذاك ، مشاهد لا يمكن أن تمحى من ذاكرتك ، منها ذلك الرجل الذى دخل العربة مبرزا أنبوب التنفس العنقى المار داخل حنجرته ويحمل كيسا ممتلئا بالإفرازات يخرج من الأنبوب ، يمنحك علب المناديل لتمنحه عنها هبتك ،وأخر صعد إلينا وقد قطعت يده ورجله من خلاف فى صحبة رجل فظ شديد يسأل الناس مساعدة صاحبه وتلك المرأة المدعية ووليدها اللذين يتمارضان أمامك متى دخلوا عليك ولعلك لا تستطيع كشف سرهم لولا عجلة أبواب المترو التى فضحت خبيئتهم حين جروا مسرعين ليلحقوا عربة أخرى قبل مضى الوقت القصير المسموح به بين فتح الأبواب وإغلاقها ، ولا أولئك الذين يتحصنون بأوراق وفاة أزواجهم أو أوراق فحوصات أبنائهم المرضى ، وأوراق إيجارات منزلهم المهددين بالطرد منه ، و" أنا اسمى .... توفى أبى وأختى مريضة وليس لدى دخل لأعول اسرتى " .. تلك الورقة التى ستراها ولو مررت بالمترو لمرة واحدة فى حياتك مع تغيير الأسماء والوجوه التى توزعها عليك فى المترو ، سترى أوراقا كثيرة ليقنعوك أنهم أصحاب حاجة وليسوا مدعين وقد ترى المرأة "المحروقة " التى ستريك بعض من فاجعتها لتستعطفك وتتمكن من إخراج جنيهاتك من جيبك ، ومعها ستخرج الأمل والإبتسامة من قلبك .. فكيف لمن صُبح بهذه المآسى أن يبقى البسمة على وجهه وأن يلملم جراح قلبه المفجوع بها حينما رآها خلال رحلته الى عمله أو جامعته ؟!

وفى الرحلة حتى محطة السادات _المحطة الأهم لأنها تربط الخطين الثانى بالأول ، سوف تدرك أن ركاب المترو أصبح لزاما عليهم أن يشتروا مع التذاكر الكمد والألم من تلك الجماعة التى احترفت مهنة التسول ، حتى تنزل منها ويغلق المترو أبوابه متجها الى شبرا نهاية الخط الثانى ، على الرصيف هناك بنت تمسك بيديها علبة عصير فارغة تتلفت يمينا ويسارا محاولة إيجاد سلة مهملات لكنها تبدو فى حالة سخط شديد ، فقد سحبت هذه السلات منذ عامين ولم يتم اعادتها ثانية حتى الآن !!

"من فضلك العربة مخصصة للسيدات فقط " .. نحن الآن فى مترو الخط الأول " حلوان _المرج " ، وهذا صوت امرأة فى عقدها الثانى تحاول إخراج رجل دخل من توه الى عربة السيدات ، والرجل يحملق فى وجهها لايعجبه ماتقول ، فتخبره البنت أنها أرادت أن تحذره حتى لا يتعرض لدفع غرامة ركوب عربة السيدات المحددة ب 15 جنيها ، فإذا به يرد عليها بغلظة "ملكيش دعوة هادفعها لو 100 جنيه " ، وكأن هذه كانت إشارة البدء للمرأة التى معه والتى يبدو أنها زوجته ، قائلة : "وإنت زعلانة ليه هو جه جنبك ولا هياكلك ؟ " ، وهو ما استفز البنت فأخبرتهم أنها ستنادى على الشرطى عند توقف المترو فى المحطة القادمة لينزل هذا الرجل من العربة غصبا عنه ، السيدات اللاتى يركبن الى جوار البنت يضحكن منها ويخبرنها أنه لم يعد أحد يبحث عن الرجال المخالفين بركوب عربات السيدات ، لكن البنت أصرت وعندما فتح المترو أبوابه نزلت البنت لتحضر شرطيا وأغلق المترو أبوابه على الرجل والنساء الساخرات سائرا بهم الى محطة أخرى ، فلاكوا جرأة البنت بألسنتهم ، وربما هذا فرق ثقافة بين أشخاص إعتادوا رؤية الخطأ وتمريره لعدم تضررهم منه وآخرون يريدون الإصلاح والتصحيح مهما كلفهم الأمر غير عابئين بثقافات اخرى اعتادت الخضوع لمن يخالفهم نهجهم ، وطالما أنك فى مواصلة عامة فانت لاتستطيع أن تطوع الناس جميعا لثقافتك ولا أن تجبرهم على اتباع النظام إلا إذا كان هناك عقاب رادع لمن يخالف القانون ، وليس وجود رجل بعربة السيدات هو فقط ما يخالف قواعد المترو فأثناء إنتظارك للقطار ستستمع الى إذاعة المترو تحث الركاب على اتباع الأسهم المرسومة على الأرض فى الصعود والنزول ، بحيث يصبح البابان الثانى والثالث للصعود والاول والرابع من كل عربة للنزول منعا للتكدس والتدافع بين الركاب والذى غالبا مايتسبب فى الكثير من المشاجرات بين الركاب الذين يريدون الصعود ويصطدمون بمن يتدافعون للنزول بسرعة خشية أن تغلق أبواب المترو المسرعة قبل نزولهم ، ومع أن الحل موجود وتسمعه فى إذاعة المترو ليل نهار، إلا أن أحدا لا يطبقه !!

وإذا كان المتسولون هم العلامة المميزة لمترو الخط الثانى ، فإن الباعة الجائلين هم العلامة الأميز فى مترو الخط الأول ، ولعل ذلك يعود الى إزدحامه الشديد فى أغلب محطاته وهو ما يسهم فى تحقيق الرواج التجارى لمرتاديه من الباعة ، ولعل أهم مشهد فارق فى هذا الخط هو الصبى الذى دخل بائعا فخرج وقد أقيمت عليه حفلة من الباعة الآخرين عندما سألوه : "إنت تبع مين ؟ " ، ويبدو أنه لم يكن يتبع زعيمهم الذى يسيطر على التجارة بهذا الخط ، فنبذوه وقرروا تلقينه درسا لن ينساه حتى لايتخطى حدود سوقهم الذى صار حكرا عليهم بالقوة ، وفيما يبدو أننا أمام زعيم له "سريحة " ينشرهم على أرضه التى قسمها الكبار فيما بينهم واحتكروا السوق فيها وصار غير مسموح لسريحة أحد بالتعدى على منطقة سريحة كبير آخر ..

عند الخروج من المترو .. ستجد ماكينات إلكترونية مفتوحة، يقف على كل واحدة منها موظف ، لايقول لك سوى شيء واحد وهو "سيب التذكرة على الماكينة وعدى " ، ويتم الخروج فى أغلب المحطات من خلال ماكينتين يخرج عبرهما الجميع ، وإلى جوارهم ماكينات الدخول ويمكنك إدخال التذكرة بها ومن ثم تفتح الماكينة لك إلكترونيا دون تدخل من الموظف وتصل فى كل محطة من محطات الخطين الأول والثانى الى 4 محطات ، وهناك الى جوارهم ماكينات الإشتراكات وهذه الأفضل فهى تعمل دخولا وخروجا لأصحاب الإشتراكات دون تكدس للمواطنين عليها

وفى رحلة منفصلة الى الخط الثالث للمترو ، بدأت من محطة العتبة ، صرت أغبط راكبى قطاراته ، فهذا المترو بدأ فى محطة العتبة بفتح أبوابه من جهة اليمين لإنزال الركاب الذين إنتهت رحلتهم من العباسية الى العتبة ، وبعدها يغلق أبوابه من جهة اليمين ، ثم يفتح أبوابه من جهة اليسار لصعود الركاب الذين سيبدأون للتو رحلتهم ، مجنبا الركاب التدافع والمشاجرات التى تنتج عن تدافعهم فى الخطين الاول والثانى ، القطارات به جميعا مكيفة ، محطاته وعربات قطاراته شديدة النظافة، لا متسولين ولا جائلين ، فهذا الخط تنتشر قوات الأمن فى كل محطاته ، وفى مدخل كل محطة من محطاته بوابة إلكترونية للتفتيش تم استحداثها مؤخرا فى اعقاب العمليات الإرهابية التى تشهدها المنطقة لتشديد التأمين ، و هذه البوابات هى الميزة الوحيدة التى يتشارك فيها مترو الخط الثالث مع الخطين الأول والثانى .. انتهت الرحلة على أمل رواية يوم جديد فى المترو أفضل حالا من سابقيه.

 

 

البائع الجائل .. متهم أم بريء ؟


" انأ مش طالعة اسرق، انأ عايزة آكل لقمة عيش" قالتها بائعة مستحضرات تجميل بصوت خافت ينتابه بعض الخوف والقلق كلما اقتربت عربة المترو من المحطة وبدأت تخفى بضائعها تحت المقاعد بمساعدة الركاب بعيدا عن أعين رجال الشرطة. ثم انطلق المترو من محطة البحوث وعادت البائعة إلى طبيعتها مرددة الجمل المعروفة للفت انتباه الناس وحثهم على الشراء.

وبالحديث معها قالت ان العديد من الباعة الجائلين حاصلين على شهادة بكالوريوس تجارة. وأن سبب اتجاهها للبيع فى المترو هو خوفها من البيع على الرصيف بسبب البلدية.وأنها ليست بائعة فقط بل انها أم لطفلتين تؤدى عملها طوال اليوم فى المترو. وأوضحت ان للبيع مواسم، ففى فترة الدراسة تبيع أدوات مدرسية، أما فى ساعة الذهاب والعودة للموظفين تبيع أدوات منزلية.

ومن خلال حديثنا مع أحد أفراد الشرطة قال انه طبقا للقانون فهم ليسوا مجرد بائعين بل متهمين ومخالفين للقانون بسبب بيعهم بدون ترخيص وأن هناك فرصا عديدة للعمل خارج المترو ولكنهم فضلوا تلك الوظيفة لتميزها بعدم الالتزام بمواعيد محددة ،وأيضا لهم نسبة عالية من الربح، ولا شك ان الجوانب السلبية لهذه الظاهرة تتمثل فى البضائع غير المعلومة المصدر.

وبالرغم من تباين الآراء حول الباعة الجائلين فقد اجمعوا انه يجب على الدولة الوصول الى حل لتلك الأزمة إما بإعطائهم تصاريح،أو بتوفير أكشاك لبيع المنتجات داخل محطات المترو وحصول الدولة على الضرائب اللازمة.

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    Egyptian Dr
    2015/09/12 11:46
    0-
    1+

    البلطجيه احتلوا مصر !!!!!
    كل مرافق مصر اصبحت تحت سيطره البلطجيه !!!! شوارع مصر اصبحت ملك لهم !!!! رصفان مصر بيأجروها !!!! لابد للمواطن ان يدفع نظير وقوف سيارته فى اى شارع من شوارع مصر !!!! احتلوا الانفاق والنواصى والمحطات !!!! وكل هذا تحت بصر شرطه المرافق وامام المحليات !!!!! حولوا مصر الى سوق ليبيا كبير !!!! اضاعوا المعالم الحضاريه لمصر !!!!!! اى سياحه نرجوها !!!! واى مستثمر يأمن على ماله فى مصر !!!! الجواب يبان من عنوانه !!!!!! أنا اتفق مع تعليق رقم واحد !!!! المشكله ليست فى الحكومه أو الرئيس !!!! المشكله فى الشعب الذى لاينتمى الى مصر !!!! ويسعى لخرابها بقصد أو بجهل !!!!! لا حول ولا قوه الا بالله العلى العظيم !!!!!
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    salah
    2015/09/12 07:29
    0-
    3+

    the only hope
    the only hope now is to change the quality of people living in Egypt. They are not Egyptians but they are people living in the country. They have no sense of belonging to Egypt.
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق