رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«هدى زكريا» أول سيدة تحاضر فى «مصنع الرجال»:
ننفرد بظاهرة «الشعب المحارب والضابط المثقف»!

حوار : محمد أبو العينين
الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسى والعسكرى ، أول استاذ يُدرس بجامعة ألفريد بولاية نيويورك , وأول سيدة مصرية يتم اختيارها للتدريس فى الكلية الحربية ، لها آراء وتحليلات للعديد من القضايا والاحداث الجارية تبعد فيها كثيرا عن الحياد متحيزة لهموم الوطن , اختيار الدكتورة هدى للتدريس بالكلية الحربية لم يأت من فراغ , لاهتمامها منذ طفولتها وخلال المراحل العمرية المختلفة بالبدلة الكاكى , التى تقدسها , لذا اتجهت بعد دراستها لعلم الاجتماع بالكتابة فى أحد أفرع علم الاجتماع السياسى ألا وهو علم الاجتماع العسكرى , حيث اهتمت بالعلاقة الخاصة بين الجيش والشعب ، وأبدت اهتماماً خاصاً بانعاش الذاكرة الوطنية ,والخصوصية التاريخية للمؤسسة العسكرية المصرية , وملامح الشخصية المصرية .

 ..................................................................

> علم الاجتماع لم يكن فى دائرة الضوء من قبل . لماذا الاهتمام بتحليلات وآراء علماء الاجتماع فجأة بعد ثورة 25 يناير ؟

علم الاجتماع صورته الى حد ما محدودة عند الناس، على أنه العلم الذى يُعنى بقضايا الأسرة، فيقولوا عليه بتاع الجواز والطلاق، ويخلطوا بينه وبين الخدمة الاجتماعية، مع انه علم له منهج علمى، ويعتمد على نظريات ويسعى للتعرف على القوانين التى تحكم حركة المجتمع، وبالتالى جميع الظواهر التى تنشأ فى المجتمع كالدين والسياسة والأسرة والقانون، ومشكلات المجتمع وأمراضه كل ذلك يحظى باهتمام علم المجتمع، وهناك فروع لعلم الاجتماع منها السياسى والدينى والقانونى والجريمة والعائلى.

 > أسباب اهتمامك بالعلاقة الخاصة بين الجيش والشعب ؟

بحكم انتمائى للجيل نشأت وتربيت فى المناخ الاجتماعى الذى كان يتم فيه تجييش الشعب المصرى، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية فى بوتقة واحدة، فانبهرت وأنا فى المرحلة الابتدائية بالضابط كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم عندما حضر لمدرستى، وفى عام 56 شاهدت التلاحم بين الشعب والجيش، وخلال المرحلة الثانوية تدربت فى المدرسة على بندقية « حكيم «، وفى 67 كنت فى قسم الاجتماع بجامعة القاهرة وتوقفت الامتحانات، وتدربت على مدفع رشاش «بور سعيد» وعلى القنابل المولوتوف، كانت الدولة فاعله اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، واستقر فى  ذهنى أن الناس تستطيع الاعتماد على جيشهم فى أمورهم الحياتية ومشكلاتهم , ويستطيع الفقراء بالقدرة والموهبة أن يصعدوا اجتماعيا  , وبدأت أربط بين الجيش المصرى وحماية السلام والامن الاجتماعى فى الداخل , وأن رجل العسكرية هو الرجل الذى يُمسك بيد أبناء الوطن بالدعم والمساندة . 

> متى بدأتى الكتابة فى علم الاجتماع العسكرى ؟

علم الاجتماع العسكرى أحد أفرع علم الاجتماع السياسى وأحدثها، فهو نشأ عقب الحرب العالمية الثانية فى الولايات المتحدة الامريكية، عندما عاد الجيش الامريكى من الحرب ظهرت مشكلات نفسية لدى الجنود وأسر ضحايا الحرب، فبدأت الحكومة الامريكية تستعين بعلماء النفس والاجتماع لدراسة تلك المشكلات التى نجمت عن الحياة العسكرية وهمومها، وهنا وُضعت أسس علم الاجتماع العسكرى . 

وفي أوائل السبعينات لاحظت كباحثة اجتماعية أن هناك ما يدبر لٌٌٌٌإزاحة الجيش عن الحياة السياسية خاصة بعد الصلح مع «اسرائيل» ، و أن البطولات و الحروب العظيمة التى خاضها الجيش لم تؤت ثمارها، وأن السلام هو الخيار الوحيد، ومنذ ذلك التاريخ بدأت آليات تفكيك الضمير الجمعى، واستبعاد الجيش عن الحياة السياسية ، وحاول الاخوان المسلمين تشويه صورة الجيش وبطولاته، وتشويه صورة الزعيم جمال عبدالناصر .

 اهتمامى بعلم الاجتماع العسكرى يعود الفضل فيه للدكتور أحمد خضر، تلميذ الدكتورة حكمت أبو زيد، وهو أول مصرى يتخصص فى علم الاجتماع العسكرى الذي انتهز فرصة تجنيده ستة سنوات وأعد رسالة الماجستير، والفضل الأكبر لـ» جمال حمدان» الذى أوحى لى بالتاريخ الاجتماعى والسياسى والثقافى للمجتمع المصرى وعلاقته بالجيش .

بدايتى فى الكتابة عن علم الاجتماع العسكرى فى أوائل الثمانيات كانت بالاشتراك فى كتاب بعنوان «الجيش والديمقراطية « مع أحمد عبدالله زعيم الحركة الطلابية بكلية اقتصاد والعلوم السياسية وعدد من الباحثين، وكان هناك فى ذلك الوقت نغمة استعلائية  تجاه من يرتدون البدلة الكاكى، وأوجدت النخبة نوع من تعميم الاحكام ودمج الجيش المصرى فى دائرة ما يسمى بجيوش العالم الثالث، ومحاولات لتفكيك اللُحمة الوطنية بين الشعب والجيش، فكان بحثى بمثابة ردود على كل ذلك بلفت النظر الى منطقة الخصوصية التاريخية والاجتماعية لعلاقة الجيش المصرى بالشعب، وتناولت الدور الاجتماعي للجيش المصرى، فكانت أول جملة « اللون الكاكى ليس لوناً واحدا فى دول العالم «  وبينت دور الجيوش فى بعض دول العالم الثالث ، وكيف لعبت دوراً سلبياً تجاه شعوبها لأنها تكونت من طبقة المرتزقة أو بطريقة عرقية،على عكس الجيش المصرى الذى خرج من رحم الامة و يحارب على مر التاريخ من أجل الوطن .

> كيف تم اختيارك لتكونى أول سيدة و فى الكلية الحربية ؟

 أثناء استضافتى بأحد البرامج التلفزيونية، وُجه لى سؤال « لماذا يحظى المشير السيسي» بكل هذا الحب ؟ فأجبت بأنه يملك كلمة السر مفاتيح هذا المجتمع، وتحدثت عن الجيش ودوره وعلاقته بالشعب ، بعض القيادات العسكرية شاهدت هذه الحلقة ، وفوجئت بأن أحد القيادات يدعونى للمشاركة بتقديم ورقة بحث في ذكرى احتفالات نصر أكتوبر عام 2013 , فقدمت الدراسة عن ملامح الشخصية المصرية , ولمست ملمح الشعب المحارب ، وتناولت ظاهرة الضابط المثقف الوطنى بمقارنة تاريخية ، فضابط الحاكم فى اوربا لا يهتم بالثقافة والقراءة ، بينما لدينا من أيام أحمد عرابى شعراء وكتاب , الضابط ثروت عكاشة والشاعر محمود سامى البارودى وشاعر النيل حافظ إبراهيم اللذان كانا ضابطين في الجيش المصرى ، ولدينا علماء وأطباء ومهندسين يرتدون البدلة الكاكى , اضافة الى وجود أعداد كبيرة من الضباط مسجلين رسائل ماجستير ودكتوراه فى مختلف المجالات مما يعكس فكرة الضابط المصري المثقف  .ألقيت البحث وسط عدد من الأبحاث التي قدمها الباحثون وبعد انتهائى من قراءة ورقة البحث خلال الاحتفال، أُعجب الفريق صدقى صبحى رئيس الأركان آنذاك، الذى كان حاضرا بصحبة عدد كبير من القيادات العسكرية ، وفوجئت بتكريمى واعطائى درعاً باسم القوات المسلحة .. فبكيت .. وقلت هذه أول مرة يتم تكريمى ، وأنا لا أستحق هذا التكريم لأننى لم أنل شرف الكفاح أو الاستشهاد فى سبيل الوطن ، فرد الفريق صدقى صبحى قائلاً: أنت بنت الجيش من الآن فصاعداً، وأنت لا تقلين وطنية عن أى ضابط فى هذه القاعة فبكى عدد من الحضور لسماع هذه الكلمات النبيلة  .

> من صاحب قرار اختيارك للتدريس بالكلية الحربية ؟

اتصل بى  اللواء عصمت الزيادي مدير الكلية الحربية وأبلغنى بقرار وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي بتغيير القواعد المطبقة فى الكلية ، لأكون أول سيدة تُدرس بالكلية الحربية، بناء على طلب المدير والقادة العسكريين، وهو ما يعد حدث فريد من نوعه .

> ما هو شعورك بعد اختيارك ودخولك الكلية الحربية لأول مرة، والجلوس أمام زهور شباب مصر؟ وماذا تناولتى فى أول محاضرة ؟

اختيارى للتدريس بالكلية الحربية شرف أكبر من أحلامى . شعرت بفخر واعتزاز شديدين عندما رأيت مبانى الكلية الحربية ، وأحسست بالهيبة وبالمسئولية الكبرى التى ألقيت على عاتقى .

قدمنى مدير الكلية الحربية ، وكانت أول محاضرة عن ملامح الشخصية المصرية , وصُورت أول محاضرة كتاريخ جديد للكلية الحربية بأول سيدة تُدرس بها، رأيت نموذج الرجولة مجسدة، وشعرت بالحب ، ووجدت التفاعل بعدما كان لدى احساس بالخوف من المسئولية، لأنى لم أحلم قط بأن أصبح جزء من الحادثة التاريخية، ولأنه يترتب على حجم الشرف الذى مُنح لى قدر هائل من المسئولية .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق