رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

.. وفى بلجيكا مخيمات الإيواء فى انتظار القادمين

بروكسل ــ محمد بركة:
مخيمات الإيواء فى بلجيكا
منظر لم يألفه سكان العاصمة البلجيكية بروكسل منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل : طوابير هائلة تمتد أمام «مكتب شئون الأجانب» على رصيف أنيق لم يعد يستوعب هؤلاء القادمين من عرض البحر والناجين من قوارب الموت ، فاضطروا الى النزول من الرصيف الى الشارع وعلى الفور استدعت السلطات المزيد من عناصر الشرطة المسلحين لحفظ الأمن و ضمان عدم الخروج على النص .

و فى سابقة هى الاولى من نوعها ، تتزايد أعداد مقدمى طلبات الهجرة و اللجوء الى الحد الذى لا تكفى معه جميع التجهيزات اللوجستية و مخيمات الايواء المؤقت المعتادة فتعلن سلطات الاقليم عن حاجتها الى المزيد من الكوادر و الموظفين للمساعدة فى إنجاز العمل المطلوب من تصنيف الطلبات و البت فيها .

و ترى أهالى المدينة يتطلعون مندهشين الى الحديقة الممتدة أمام المكتب و قد اكتظت عن آخرها بخيام الهاربين من جحيم الحرب فى سوريا ولم تعد تكفى نساءهم و أطفالهم رغم ضخامتها! هذا المشهد الذى بات يطارد مثل كوابيس اليقظة السلطات المحلية و الفيدرالية على حد سواء فى بروكسل التى تعد العاصمة السياسية للاتحاد الاوروبى و مقر صناعة القرار السياسى بالقارة العجوز يلخص المأزق الذى تعيشه اوروبا الحائرة بين التزاماتها الأخلاقية و القانونية تجاه الكوارث الانسانية فى العالم و بين تصاعد مذهل فى اعداد الوافدين على نحو بات يضغط على اعصاب البلاد هنا و هناك أمنيا و اقتصاديا ، فضلا عن تصاعد المخاوف من تغيير التركيبة الديموغرافية و مجىء يوم يصبح فيه الاوروبيون أقلية فى بلادهم بينما أصحاب الملامح الشرق أوسطية « مضافا اليهم الافارقة» هم الاغلبية ! فى بلجيكا التى ينظر البعض اليها باعتبارها «جنة» طالبى اللجوء و الهجرة ، ظهرت الدعوة صريحة الى التحلل من الالتزامات الاوروبية تجاه الوافدون على لسان وزير الدولة لشئون الهجرة و اللجوء ثيو فرانكين، الذى انتقد بعنف قرار المفوضية الاوروبية توزيع عبء اللاجئين السوريين على الدول الاعضاء بالاتحاد الأوروبى بالتساوى مؤكدا أن هذه «سياسة غير منصفة» ولابد من اعادة النظر فيها فى اشارة الى ضخامة الاعباء الاقتصادية التى تتحملها بلاده، حيث تقدم خدمات كاملة بالمجان من المأوى و التعليم و الإقامة و العمل و برامج الادماج بالمجتمع لكل من تقبل أوراقه كلاجيء هو و اسرته علما، بأنه جرت العادة أن تقبل جميع طلبات من أسعدهم الحظ و ارتموا أخيرا على شواطىء الاوروبيين .

الوزير فرانكين محسوب على حزب اليمين المتطرف المعروف اختصار بـ «إن فى آى» الذى يحظى بشعبية جارفة فى اقليم الفلمنك الثرى ولا يخفى نزعته الانفصالية أو مواقفه المعادية من المهاجرين، وحقق فوزا ساحقا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة .

ويحذر فرانكين من أن بلاده استقبلت فى شهر أغسطس فقط اكثر من اربعة آلاف طلب هجرة ولجوء ولن يكون باستطاعتها استقبال المزيد من طالبى اللجوء «بسلاسة» فى المستقبل القريب إذا استمرت وتيرة أعداد القادمين بالمعدلات «المفاجئة» التى شهدتها أخيرا .

ويعد هذا الرقم الأعلى فى تاريخ المملكة منذ توقيع اتفاقية جنيف لتنظيم شئون الهجرة أوائل الخمسينيات من القرن الماضى بحسب مراقبين . يواصل فرانكين تحذيراته فيحاول هذه المرة تقريب الصورة بالأعداد يوميا مؤكدا أن أعداد من سوف يصلون فى الفترة القليلة المقبلة لن تقل عن مائتين وخمسين وافدا فى اليوم الواحد ! « ينبغى أن نفعل شيئا إزاء هذا الوضع . لا يمكننا السكوت » .

يقول الرجل الشهير بتصريحاته المثيرة للجدل و الذى ينتظر اكتمال دولاب العمل فى مؤسسات الاتحاد الاوروبى ببروكسل و التى لا تزال تنفض عنها تثاؤب الإجازة الصيفية الطويلة مثل المفوضية الاوروبية و البرلمان والمجلس الاوروبيين، حتى يثير هذه الازمة على نطاق واسع و بشكل مؤسسى .

و تؤكد الاحصائيات المحلية أن الاماكن المعدة لاستقبال طالبى اللجوء والتى يبلغ عددها ستة عشر ألفا لم تعد تكفى كمخيمات ايواء ببلجيكا، واضطرت الحكومة الى اضاقة الفى مكان جديد خلال الايام القليلة الماضية ، غير أن الازمة لا تزال متفاقمة .

ويرى مراقبون أن الحكومة الفيدرالية فى البلاد و التى يسيطر عليها اليمين المتشدد سوف تجد نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات صعبة فى هذا السياق .

وفى تصريح خاص لصحيفة الأهرام ، توقع جيوفرى بليث ، عضو واحد من الائتلافات الحزبية المعارضة ، أن تكون أزمة الهجرة على رأس القضايا الساخنة التى سيناقشها البرلمان فى البلاد عقب العودة من الإجازة الصيفية، مشيرا الى أن أعداد طالبى الهجرة و اللجوء بالفعل غير مسبوقة، محذرا فى الوقت ذاته من أن تتحول الأزمة الى مبرر بيد أحزاب اليمين المتطرفة للتنكيل بالاجانب عموما و الانحراف بعيدا عن سياسة التعايش والاندماج التى تتبعها بروكسل منذ عقود فى هذا الاتجاه .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق