من الضرورى أن تتناسب العقوبة مع درجة الذنب الإدارى هكذا يقول الدكتور شريف عبد الحميد حسن الخبير القانونى قائلا " فإذا كان لسلطة التأديب تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها فى ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أى سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو – ومن صور الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء أو مقداره ففى هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة المحكمة، ويضيف فإذا كانت الجزاءات التأديبية واردة على سبيل الحصر وهى تتدرج من عقوبة الإنذار ، اللوم والتنبيه لشاغلى مستوى الإدارة العليا ، والخصم من المرتب ، وتأجيل الترقية وانتهاء بالفصل من الخدمة طبقا لنص المادة- 58- من قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015.
فان شرعية العقوبة التأديبية عدم قيام علاقة بين كل جريمة تأديبية و ما يلائمها من عقوبات مما جعل سلطة التأديب تتولى تقدير هذه الملاءمة و لذا فالمبدأ المسلم به أن السلطات التأديبية إنما تستقل بتقدير مدى هذا التناسب وفقا للظروف المعروضة عليها، وهى فى ذلك تملك حرية التقدير، فالتناسب بين الذنب الادارى و بين نوع الجزاء ومقداره يتوقف على ظروف كل حالة على حدة، وعلى ملابسات كل مخالفة ، فعلى سبيل المثال إذا كانت هناك مخالفة خروج بدون إذن، وأن الموظف مرتكب المخالفة صحيفة حالته الوظيفية بيضاء، ولم يقع عليه ثمة مخالفات من قبل فمن الممكن تقدير عقوبة الإنذار بحقه، فى حين لو أن هناك موظفا آخر قد ارتكب ذات المخالفة وهى خروج بدون إذن ولكنها ليست أول مرة وإنما ارتكبها كثيراً، فضلا عن أن صحيفة حالته مليئة بالجزاءات، فمن الممكن توقيع جزاء عليه خصم يوم من راتبه، فهنا نجد تناسبا بين الجزاء والمخالفة فى المثالين لاختلاف ظروف الحالتين، فإذا زاد الجزاء فى المثال الأول من الإنذار إلى خصم يوم من الراتب يكون هناك غلو فى الجزاء وعدم تناسب ، وفى هذا قالت المحكمة الإدارية العليافى حكم مهم لها ، "وأن ركوب متن الشطط من القسوة يؤدى إلى إحجام عمال المرافق العامة عن تحمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة فى الشدة - بينما الإفراط فى الشفقة يؤدى إلى الاستهانة فى الواجب طمعًا من هذه الشفقة المفرطة فى اللين - وأن معيارا موضوعيا قوامه أن درجة خطورة الذنب الإدارى لا تتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره - وأن تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية يخضع لرقابة هذه المحكمة ".