كمحاولة لتحليل التغير الذى طرأ فى الواقع المصرى وتحديدا منذ الثورة المصرية التى اندلعت فى 25 يناير 2011 باستخدام مفهوم جديد هو «الجسدس», فيربط الكتاب بين انتقال حقل النظرية السياسية من دراسة الجوانب العقلانية إلى الجسدية وبين التطور السياسى الذى طرأ على مصر مع ثورة 25 يناير التى سطّر الجسد فيها عنواناً جديداً للمقاومة, فكانت مشاهد انتهاك الجسد والعدوان عليه مُشعلةً للكثير من الأحداث الثورية، حيث تجلت قوة الأجساد المادية فى مواجهة أسلحة النظام السياسى مما دفع إلى تشكل جسد ثورى فى الثمانية عشر يوماً الأولى للثورة.
وقد حاولت الدراسة استكشاف توظيف الجسد كمفهوم فى تحليل الثورة من خلال دراسة إشكالية حضور وغياب الجسد الإنسانى فى العملية السياسية، وتحول إدراك الذات الفردية للجسد من كونه منتهكاً معذباً ومقيداً قبل الثورة إلى كونه فاعلا ومحركا.
فى هذا الكتاب هناك عدة مستويات لتعريف الجسد منها تعريف الجسد معنوياً أى تشبيه شىء ما بالجسد من حيث وظائفه ومكوناته وعلى نحو آخر تعريف الجسد مادياً أى الوجود المادى للإنسان، فيتناول الكتاب بالتحليل الجسد السياسى بالتركيز تحديدا على سقوط الجسد السياسى الهزيل والمريض لدولة مبارك، الجسد الثورى وهو الجسد الذى تشكل فى الثمانية عشر يوماً الأولى للثورة الذى تفكك فيما بعد 11 فبراير 2011، مع عرض لمؤشرات هذا التفكك، منها تصاعد الاحتجاجات المطلبية العمالية والفئوية, فبعد أن كانت المظاهرات سياسية بالأساس ضد نظام مبارك فى الثمانية عشر يوماً، سرعان ما أضحت مظاهرات هدفت لتحقيق مطالب فئوية، فقد تفكك الجسد الواحد الذى تكون فى المشهد الثورى لنرى صراعات واستقطابات بين القوى الثورية والمجتمعية والسياسية، الجسد الفردى وهو جسد المواطن الفرد وكان من ضمن القضايا المرتبطة بالجسد الإنسانى التعذيب والذى كان مُشعِلاً لكثير من الاحتجاجات.
يتكون الكتاب من ثلاثة فصول، ناقش الفصل الأول الجسد فى مُختلَف العلوم الاجتماعية والإنسانية والفنون، بالإضافة إلى نظرة مختلف الأديان السماوية إلى جسد الإنسان ونظرتها للعلاقة بين الروح و الجسد والقيود التى وضعتها على جسد الإنسان من أجل تحقيق الصلاح له فى الدنيا و الآخرة.وتناول الفصل الثانى العلاقة بين النظرية السياسية والجسد وتناول العلاقة بين الجسد السياسى والجسد الفردى، والانتقال من مفهوم الجسد السياسى إلى الجسد الإنسانى الفردى وكيفية تحليل الثورة من خلال كيفية تجلى الجسد الإنسانى فى الثورة.
أما الفصل الثالث فأتى بعنوان «خصوصية الجسد فى الثورة المصرية» ليرصد كيفية تشكل الجسد الثورى وما تعرض له من تفكك فيما بعد الثمانية عشر يوماً الأولى للثورة ، وقد تطرقت الكاتبة فى هذا الفصل إلى العلاقة بين الجسد والثورة المصرية من خلال إلقاء الضوء على قضايا المرأة والاستشهاد والأقباط والجسد الإلكترونى. والكتاب يمثل نقلة جديدة فى دراسة الجسد وعلاقته بالسياسة, كما جسدته الثورات العربية.
الكتاب: الجسد والسياسة
المؤلف: مريم وحيد
الناشر: مكتبة الاسرة 2015