رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فرنسا.. ومعضلة التعامل مع قضية المهاجرين

◀ باريس - نجاة عبد النعيم
بين الواجب والانتقادات تغوص حكومة الاشتراكيين الفرنسيين في اعماق الجدل المشتعل حاليا،والناجم عن ازمة توافد المهاجرين، وذلك بعد ان وصلت المشكلة لأوجها، ليس فقط بمصير هؤلاء النازحين في مراكب الموت بالمتوسط، وانما الآلاف علي أبواب أوروبا سواء فى اليونان او المجر أومقدونيا وغيرها.

ففي آخر لقاء لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس-الاحد الماضي- خلال الاجتماع السنوي في مدينة لاراشال مع اتباع حزبه الاشتراكي، تناول موضوع الهجرة مبديا تأييده لاستقبال بلاده للمهاجرين غير الشرعيين، الفارين من تبعات الحروب والاضطهاد والتعذيب، واعدا ان تتم دراسة طلبات اللجوء في اسرع وقت، بغية استقبالهم ورعايتهم بطريقة لائقة ومحترمة، ومن اجل هذا الغرض عقد رئيس الحكومة في اليوم التالي للقائه في لاراشال(غرب البلاد)مؤتمرا بمدينة لاكاليه(شمال فرنسا)بحضور مفوضين أوروبيين، وكان من نتائجه تخصيص 5 ملايين يورو كمنحة اضافية من الاتحاد الاوروبي، لبناء  مساكن لائقة للإيواء في منطقة «كاليه» التي يعيش فيها 3000 مهاجر غير شرعي بمخيمات دون المستوي، والجدير بالذكر ان هؤلاء المهاجرين اختاروا كاليه نظرا لموقعها، وترقبا لفرصة عبور نفق بحر المانش الي المملكة المتحدة، ولم يغفل فالس التأكيد علي ان بلاده ستستقبل المتضررين من الحروب والقمع دون نظرائهم من المهاجرين غير الشرعيين لاسباب الفقر والاحوال الاقتصادية.

ويبدو أن مأساة هؤلاء الفارين من الحروب الطاحنة بالشرق الاوسط والقارة الافريقية، حركت جمعيات المجتمع المدني في عدة دول اوروبية -بينها فرنسا وايطاليا والمانيا- التى نظمت عدة مظاهرات تطالب بإيجاد حلول لاستقبال المهاجرين المتضررين بطريقة ولائقة. ففي فرنسا على سبيل المثال قام المتظاهرون بالتنديد بالعبارات ونشر لصور الضحايا الذين لقوا حتفهم علي اعتاب اوروبا.

وفى آخر تقرير للمفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين اعلنت ان اكثر من 300,000 مهاجر عبروا المتوسط فرارا من النزاعات المسلحة في الشرق الاوسط وافريقيا منذ يناير 2015، دون ان تغفل الاشارة الي اعداد اللاجئين في المخيمات بتركيا ولبنان والاردن. واشارت المفوضية كذلك الي ان 2500 مهاجر اخرين لقوا مصرعهم غرقا في قواب الموت اثناء عبورهم المتوسط بغية الوصول لأوروبا.

وفي هذا الشأن لايجب ان ألانغفل الدور المشين الذي يقوم به تجار البشر الذين يتربحون من عمليات النقل غير الانسانية والخطيرة التي تودي بأرواح اغلبيهم رغم المبالغ الطائلة التى تصل  الى 20 ألف يورو من الشخص الواحد مقابل الوصول لمدينة كاليه الفرنسية او أي حدود لدولة عضو بالاتحاد الاوروبي.  

وفي المقابل تقوم بعض الدول بغلق حدودها كالمجر أقامت أسلاكا شائكة من ثلاثة طوابق يصعب اختراقها، وذلك علي امتداد حدودها مع صربيا البالغة 175 كلم، بالاضافة الي تشديد الحراسة مستخدمة شرطة الحدود والكلاب ودوريات مزودة بسيارات دفع رباعي مع اعتزامها اقامة جدار بارتفاع اربعة امتار معلنة انها ستشدد العقوبات على الاشخاص الذين يدخلون اراضيها بطريقة غير شرعية،وذلك بعد ان تواصل تدفق اللاجئين علي حدودها مع صربيا ليسجل فى اليوم الواحد 3080 مهاجرا.

وقد أثارت تصرفات المجر حفيظة وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس واصفا ما قامت به بالموقف المشين واستكمل فابيوس انتقاده لموقف بعض دول شرق اوروبا بشأن عدم تعاونها في حل أزمة المهاجرين الذين يتدفقون بالآلاف على دول الاتحاد الاوروبي. فهناك من المهاجرين من يسعى للوصول الى اليونان وتمر اعداد كبيرة منهم عبر دول غرب البلقان  للدخول الى المجر لذا دعت مقدونيا-هي الآخري-الى اعلان حالة طوارئ قبل اسبوعين.

والواقع ان الموضوع برمته قوبل باستياء شديد ليس من الاشتراكيين بفرنسا وجمعيات حقوق الانسان والمجتمع المدني فقط بل من قبل باباب الفاتيكان، حيث دعا البابا فرنسيس الي تعاون فعال في مواجهة هذه الجرائم المسيئة للإنسانية جمعاء.وعلي الصعيد السياسي وجهت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا دعوة مشتركة لعقد اجتماع عاجل لوزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي-خلال الأسبوعين المقبلين-لاتخاذ ما أسموه بالتدابير الفورية لإحراز تقدم ملموس بتوزيع إعداد اللاجئين غير الشرعيين علي دول الاتحاد الأوروبي الـ28 دولة.

وبالرغم من هذا الاستياء الدولي الإنساني الواضح إلا ان مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف نددت بسياسية الحكومة الاشتراكية الراهنة متهمة إياها بالتسبب فى تدهور الاحوال الاقتصادية والمعيشية للفرنسيين، معللة ذلك ان ازدياد اعداد النازحين المتوافدين علي فرنسا ايا كان بحرا او برا يأتي من منطلق التسهيلات المعيشية التي ينعم بها اللاجئ، معتبرة ان فرنسا هي التي تفتح الباب امام هذا التدفق بمنحها امتيازات ومساكن مجانية، فضلا عن المساعدات الاجتماعية والتأمينات الصحية لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين،ضاربة بعرض الحائط ما يتعرضون له من ذبح اوقتل او ابادة هم واطفالهم مطالبة الحكومة بغلق باب المساعدات الاجتماعية والصحية للحيلولة دون استقبالهم بالبلاد.

وهو هجوم ضد الحكومة يبدو مألوفا من المعارضة الفرنسية ايا كانت يمينية او يسارية  تحت اي ذرائع خاصة ونحن علي اعتاب التحضير للحملات الانتخابية الرئاسية لخوض سباق الاليزيه المرتقب في مايو 2017، وغالبا ماتكون الهجرة والمسلمين كبش الفداء فى هذه المعركة الانتخابية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق