رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى ماليزيا..الشارع ينتفض لمواجهة الفساد

إيمان عارف
"التغيير لن يحدث بين ليلة وضحاها ولكنه بالتأكيد سيكون خطوة على طريق بناء ماليزيا جديدة" عبارة قيلت على لسان أحد المشاركين فى المظاهرات الحاشدة التى شهدتها العاصمة الماليزية كوالالمبور ولكنها ربما تلخص الوضع المعقد والمرشح للتصاعد.

فالمظاهرات التى شهدتها العاصمة احتجاجا على الاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق بالفساد تطورت من المطالبة باستقالته الى إجراء اصلاحات فى النظام الانتخابى وفى بعض مؤسسات الدولة التى يرى المتظاهرون أنها فى حاجة الى اصلاح جذرى.

ومع أن معظم تحليلات المراقبين تصب فى اتجاه أن نجيب وحكومته سيتمكنون فى النهاية من النجاة وعبور هذه الازمة السياسية التى بدأت ارهاصاتها الشهر الماضى عقب تقارير صحفية تناولت سوء الادارة والفساد فى أحد الصنايق الحكومية وهو "صندوق تنمية ماليزيا" الذى أنشأه نجيب عام 2009 بهدف جعل البلاد منطقة جذب للاستثمار العالمى، وأنتهت الى أن هذا الصندوق المثقل بالديون شهد تحويلا لمبلغ 700 مليون دولار للحساب البنكى الخاص برئيس الوزراء ، الا أن ذلك لا ينفى أن المظاهرة التى دعت اليها حركة "بيرسيه" ومعناها تطهير بلغة الملايو أحدثت هزة عنيفة داخل المجتمع وجذبت عشرات الالاف من المتظاهرين، بل واكتسبت زخما واضحا بعد مشاركة رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد -90 عاما- الذى أعطى وجودة المفاجئ وسط المتظاهرين قوة دفع كبيرة لهؤلاء المطالبين بالقضاء على رؤوس الفساد، خاصة أن مهاتير كان فى السابق من داعمى نجيب قبل أن ينضم للمتظاهرين المطالبين باقالته.

ومع أن الحكومة أصدرت بيانا تبرئ فيه ساحة رئيس الوزراء وتؤكد أن هذه الملايين هبة من أحد المانحين من الشرق الاوسط لم تكشف عن هويته، فى الوقت الذى نفى فيه نجيب حصوله على مكاسب شخصية أو مزايا من منصبه، فان ذلك لم يخفف من غضب المواطنين الذين تابعوا خلال الفترة الماضية اتخاذ رئيس الوزراء لبعض الاجراءات التى تستهدف تعطيل التحقيقات حول سوء ادارة هذا الصندوق، وعلى رأسها إقالة بعض الوزراء فى حكومته كانوا قد طالبوا علنا بالتحقيق معه فضلا عن ايقاف السلطات لصحيفتين وحجب موقعين نشرا أنباء عن الصندوق، ما جعل مصير التحقيقات غامضا أمام المواطنين وزاد من حدة الشكوك ولم يخففها،بعد التقارير الصحفية التى تحدثت عن ملايين الدولارات التى يستثمرها أفراد من عائلة نجيب بالخارج رغم أنه نفى بشدة صحة ذلك.

ورغم أنه من السابق لأوانه التكهن بالنتائج التى ستنتهى اليها هذه الاحتجاجات والمظاهرات فى ظل الاصرار الذى يبديه المشاركون، الا أن هناك قواسم مشتركة تكاد أن تصبح من العلامات المميزة لمعظم حركات الاحتجاج حول العالم فى الاونة الاخيرة، أولها الطابع الاحتفالى المصاحب للمظاهرات على الأقل فى بدايتها، فرغم جدية المطالب المطروحة الا أن ذلك لم يمنع أن يطرحها المشاركون فى طابع مرح وهو ما ظهر واضحا فى مظاهرات كوالامبور التى مارس فيها المتظاهرون بعض التدريبات الرياضية، وألتقطوا لأنفسهم صور سيلفى داخل المظاهرة ومع بعض عناصر الشرطة الموجودة، وثانيها أن أى نظام حاكم لابد وأن يتهم المظاهرات بانها تسيء لسمعة البلاد وتشوه صورتها أمام العالم الخارجى، وقد تبنى نجيب هذا المنطق وزاد بأن ما يحدث مؤامرة من المعارضة التى فشلت فى التغلب عليه عبر صناديق الاقتراع فلجأت لتحريك الشارع ضده، وثالثها الاجراءات الاستباقية المحذرة من المظاهرات باعتبارها غير مشروعة، وقد ذهبت السلطات الماليزية لأبعد من ذلك قبل المظاهرة بحظر ارتداء القمصان الصفراء التى تحمل شعارات مناهضة للحكومة وهو الحظر الذى ذهب أدراج الرياح بعد طوفان المتظاهرين الذين ارتدوا القمصان الصفراء رمز حركة الاصلاح الماليزية المحظورة، وآخرها وهذا هو الاطرف إعلان الحزب الحاكم أنه يعتزم القيام بمظاهرات مضادة حاشدة لاظهار الدعم والتأييد لرئيس الوزراء ردا على هذه المظاهرات –المحدودة من وجهة نظرهم- وهو ما حدث بالفعل.

ويبقى بعد ذلك أن مشاركة مهاتير كانت أكثر ما لفت انتباه المراقبين، فالرجل الذى يحظى باحترام وتقدير واسعين باعتباره صانع النهضة الماليزية والذى منع الاحتجاجات خلال فترة حكمه التى استمرت 22 عاما، شارك بنفسه فى المظاهرات رغم تقدم سنه، وطالب المتظاهرين بالثبات على موقفهم قائلا أن احتجاجات الشارع أصبحت ضرورية الان، بعد أن أغلقت الحكومة كل السبل المشروعة أمام الشعب للتعبير عن غضبه، معتبرا أن نجيب يقود البلاد لطريق مسدود وأن رواية الهبات المالية رواية سخيفة.

وأيا كانت نتيجة هذه المظاهرات وما اذا كانت ستدفع رئيس الوزراء للاستقالة أم لا، فالثابت أن نجيب الذى وعد عند توليه السلطة عام 2009 بانهاء الفساد والاستبداد واصلاح النظام الانتخابى لم يحقق من وجهة نظر المتظاهرين أيا من وعوده، وأنه حتى لو تمكن من تفادى هذه العاصفة، فان ذلك لن يمنع على الأرجح استمرار المطالبة بالكشف عن الفساد والدعوة للقضاء عليه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق