والأنثروبولوجية للتفكر البشرى والعمليات اللغوية.. وقد أجرى العلماء العديد من البحوث أظهرت الأساسيات العصبية للذكاء الروحى فى مخ الإنسان.
فذكاؤنا الروحى هو بوصلتنا «على الحافة» واعظم التحديات الراهنة فى الحياة توجد خارج المتوقع والمألوف وهذه توجد فيما وراء تجربة الماضي، وفيما وراء مانعرف كيف نتعامل معه وفى نظرية الفوضى، تعتبر«الحافة» هى الحدود التى تقع بين النظام والفوضى، وبين المعرفة المريحة، ومانحن فيه ضائعين تماما، والحافة هى المكان الذى نكون فيه أكثرا إبداعا، وذكاؤنا الروحى هو احساسنا العميق الحدسى بالمعانى والقيم الإنسانية وهو مرشدنا على الحافة، وذكاؤنا الروحى هو ضميرنا، والحقيقة الداخلية الكامنة فى أرواحنا.
ويمكننا ان نستخدم ذكاءنا الروحى لكى نكون أكثر إبداعا بالنسبة للدين، وهذا الذكاء هو الذى يوجهنا إلى قلب وجوهر الأشياء فى الدين، ويكشف لنا الوحدة خلف التنوع والطاقة الكامنة وراء أى تعبير ظاهر، والذكاء الروحى يجعلنا فى اتصال مع مغزى الحياة وجوهر الروح فى الأديان الكبري، والشخص الذى يتمتع بذكاء روحى مرتفع يمارس دينه دون آفق ضيق ولا تحيز، والشخص المرتفع فى ذكائه الروحى لديه خصائص روحية بعيدة عن التصعب الديني.
ومعامل الذكاء الروحى المتطور يشمل القدرة على المرونة« بنشاط وتلقائية»، ودرجة عليا من الوعى الذاتي، والقدرة على المواجهة واستخدام المعاناة، والقدرة على المواجهة والتسامى بالألم، والقدرة على الإلهام بواسطة الرؤية والمغزي، والتراخى فى التسبب فى الايذاء اللاداعى له، والقدرة على رؤية اتصالات بين الأشياء المشتتة، وميل ملحوظ للسؤال «لماذا؟» أو اسئلة من نوع« ماذا لو؟» والبحث عن اجوبة أساسية لها، وأن يكون لديك مايسميه علماء النفس: استقلال فى المجال وامتلاك البراعة فى العمل ضد التقاليد أو الاعراف. ويعتبر معامل الذكاء الروحى الكلى منخفضا فى مجتمعنا الحديث حاليا فنحن نعيش مجتمعا عالميا يتميز بالمادية وانتهاز الفرص والأنانية الضيقة ويعانى نقصا فى المغزى وقحطا فى الالتزام، لكننا كأفراد يمكننا أن نعمل على رفع معامل ذكائنا الروحى الشخصى وبالتالى سيكون التطور القادم للمجتمع معتمدا على مجموعة كافية من الأشخاصالذين سيعملون على ذلك.
وبصفة عامة يمكننا رفع معدلات ذكائنا الروحى بزيادة اتجاهنا للسؤال الدائم«لماذا؟»، وأن نبحث عن اتصالات بين الأشياء لنرفع إلى السطح المغزى الكامن فيما وراء وفى داخل الأشباء، وأن نكون أكثر تأملا فى الأشياء، وأن نصل قليلا إلى ماوراء انفسنا ونكون أكثر وعيا وشجاعة وأمانة تجاه انفسنا.. والمسلم أو المسيحى أو الذى يعتنق أى دين وهو ذكى روحيا، هو الذى يحب ويحترم دينه، يحب دينه كأحد الأديان التى تعبر عن الطاقة الكامنة الإلهية، وفى الوقت نفسه، يكن احتراما عميقا لدين الآخر،
د. عبدالفتاح محسن بدوى
أستاذ بمعهد بحوث البترول