فى مشاهد بارعة صاغها بحرفية روائى متمكن من السرد وبلغة واضحة تخلو من التقعر والملل فانسابت حروفه وكلماته وعبارته كالسيل حتى يكاد القارئ يلتقط أنفاسه وهو يتابع رحلة الحسن بن جمال الدين الرومى كاتب الديوان والثائر النبيل المثالى الذى لم تلوثه السياسة بعد أن شارك فى مقاومة الحملة الفرنسية ثم سلاطين المماليك وولاة الأتراك فى مواجهة مع كلاب الراعى الذين يمثلون القوة والبطش وأولهم كمال سيف الدولة أخوه غير الشقيق المملوك الفظ الجبار الذى لا يتورع عن الاطاحة برقبة كل من يقف فى طريقه للوصول الى السلطة والجاه كمحتسب للقاهرة ومن ثم المحروسة كلها، تلك الشخصية التى رسمها العشماوى ببراعة فجاءت جوار شخصية الحسن الرومى لتكتمل الصورة تماما وتنسج خيوطا درامية لرواية تاريخية ثمثل علامة فارقة فى مسيرة العشماوى الأدبية ليناقش بهدوء وسلاسة قضية الشقاق والمجتمع المنقسم بين مملوك ومصرى فى زمن قديم ولا يخفى بالطبع الإسقاط السياسى وراء الكتابة، لكن يحسب له أنه كان دقيقا فى وضع حوار يناسب كل شخصية بلا تكلف أو ادعاء أو لغة تقريرية، ليظهر أزمة مجتمع من زمن بعيد.
رواية كلاب الراعى رغم كلاسيكية عنوانها، فقد نجح العشماوى فى جعله غامضا ينطبق على أى قوم فى أى زمن، وراح باقتدار يسخر من حكام مصر القديمة وتكاد تشعر بتطابقها الشديد مع من حكم مصر فى غفلة من الزمن حتى جاءت رياح 30 يونيو فأطاحت بهم للأبد.
كلاب الراعى هى رواية المؤلف الخامسة بعد مسيرة أدبية أثبتت وجودها بقوة فى الوسط الثقافى
الكتاب : كلاب الراعي
المؤلف : أشرف العشماوي
الناشر: الدار المصرية اللبنانية 2015