ومع ذلك فإن ممارسة العمل الصحفى فى كندا تحكمها مجموعة من القيم والاخلاقيات التى لا تنفصل بأى حال من الاحوال عن القانون.. فعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد فى المؤسسات الصحفية الكبرى عدد من المستشارين القانونيين الذين يراجعون المواد قبل نشرها اذا تطلب الامر ذلك، قد حدث ذلك بالفعل مع الصحفى براين دالى عندما كان يحاول نشر تحقيقه الصحفى عن المنظمات الاسلامية فى كندا. وينظم القانون المدنى والجنائى العلاقة بين الصحفى ومؤسسته فعلى سبيل المثال اذا ما قررت مؤسسة صحفية الاستغناء عن احد العاملين بها امامها خياران اما ان تنهى عقده وتدفع الشروط الجزائية المنصوص عليها فى عقد العمل، او الانتظارحتى نهاية العقد وتجديد التعاقد مرة اخرى. فلا وجود لعقود العمل الأبدية فى كندا. اما ذا ارتكب الصحفى خطأ ما فيمكن للمؤسسة انهاء عقده فورا ومن جانبه فيمكن للصحفى اللجوء للقضاء بشرط ان يثبت تعنت المؤسسة ضده. الحقيقة ان القانون فى كندا لا يتعامل مع اخطاء الصحفيين على انها مجرد اخطاء بل على انها جرائم كبرى ومؤخرا تم اغلاق قناة «سى ان تى فى» بموجب حكم قضائى وأدين القائم عليها الصحفى مايكل كورن بتهمة التحريض على الكراهية ، ذلك انه ثبت للمحكمة ان القناة اعتمدت عددا من التغطيات الاخبارية غير المحايدة. إفشاء اسرار العمل داخل المؤسسة الصحفية كفيل بإنهاء عقد الصحفى فورا ودون حصوله على مستحقاته المالية. من ناحية اخرى لا توجد فى كندا نقابة للصحفيين او الاعلاميين فالدستور الكندى يتيح حرية انشاء النقابات وبالتالى فنحن امام عدد ضخم من الكيانات النقابية واتحادات الصحفيين فى كندا ربما من اشهرها منظمة صحفيون كنديون ومنظمة صحفيون من اجل حرية التعبير.. وغالبا ما تدخل هذه المنظمات فى صراع مع الحكومة من اجل حصول الصحفيين على المزيد من الحرية لأداء مهام عملهم. ففى تقرير عام 2012 لمنظمة صحفيون كنديون أكدت المنظمة ان كندا تعد فى مقدمة قائمة الدول التى لا تتيح حرية الحصول على المعلومات. وهو ما اعتبرته المنظمة فى تقريرها احد اهم مشاكل حرية الصحافة فى كندا. خاصة ان ميثاق الحقوق والحريات الكندى يتيح للحكومة وبحسب القسم الاول منه اصدار القوانين التى تحد من حرية الاعلام اذا ما دعت الحاجة لذلك خاصة اذا ما تعلق الامر بقضايا الامن القومى والتحريض على الكراهية والدعوة للعنف.
واحد من اشهر القوانين الكندية والذى يتماس بشكل مباشر مع العمل الصحفى هو قانون القذف والتشهير الكندى وهو الذى تلجأ الحكومة او المؤسسات الصحفية اليه عندما ينتهك صحفى أصول وقواعد العمل الصحفى فى كندا، كأن يتهم بالخيانة أو التشهير او التحريض على الكراهية او نشر أخبار كاذبة. وهكذا فإن الصحفى الكندى الذى يرتكب مثل هذه الجرائم يعاقب بموجب القانون الجنائى الكندى والذى يحمل بندا يشجع الأشخاص فى وسائل الإعلام على الحذر فى النشر وتجنب أى شكل من أشكال التشهير واحترام حرية الشخص فى التعبير. ربما تبدو كلمة مثل الرقابة غريبة على الكنديين خاصة العاملين فى مجال الصحافة والاعلام، الا انه يمكننا بسهولة اكتشاف ان هناك نوعا ما من الرقابة يمارس على وسائل الاعلام الكندية ولكنها رقابة غير مباشرة ومرتبطة اكبر بما يمكن قبوله فى المجتمع او ما لايمكن قبوله ، وكذا على مستوى ملاك الصحف والمؤسسات الاعلامية الذين يعتبرون الصحافة وسيلة للتعبير عن مصالحهم بشكل او بآخر.
ليس هذا وحده بل إن الدولة ذاتها تمارس رقابة غير مباشرة على الصحفيين وذلك من خلال القانون «سى 30 » الذى يسمح للشرطة بالحصول على المعلومات من مزودى خدمة الانترنت دون الحاجة لإذن قضائى وهو ما اعتبرته كيانات نقابية صحفية كندية شكلا من اشكال تقييد حرية التعبير.