رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تركيا: عدو الصحافة

أنقرة ـ سيد عبد المجيد
باستنثاء الحرب الكورية فى مستهل خمسينيات القرن الماضى لم تدخل تركيا الكمالية حروبا بالمعنى التقليدى للكلمة ، لكنها واجهت " اعداء أشداء " وضعتهم على القائمة الحمراء كونهم يشكلون تهدديدا خطيرا عليها ، و منذ ثمانيات القرن الماضى خاض الجيش التركى مواجهات شرشة ضد منظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية ، فى هذا السياق كان طبيعيا أن تكون هناك حساسية بالغة تجاه نشر أو بث بيانات توصف بالسرية حتى ولو كانت فى سياق مقالات سيارة أو تحقيقات مرئية على قنوات التليفزيون.

تأسيسا على ذلك اعتبر مجلس الامن القومى فى جلسته المنعقدة بالعاصمة أنقرة يوم الخامس والعشرين من اغسطس عام 2004 ما نشر فى صحيفة طرف اليومية بالثامن والعشرين من شهر نوفمبر عام 2013 عن عمليات مسلحة  ضد المتمردين الاكراد تجسسا على المؤسسة العسكرية ، وطالب الادعاء العام آنذاك بتوقيع  اقصى عقوبة على معد التحقيق محمد بارنسو بالسجن مدى الحياة 52 عاما. 

صحيح لم ينفذ الحكم إلا أنه اثار مجددا مخاوف المطالبين بحرية التعبير والحصول على المعلومات ، وهنا شكل ما كتبته الأكاديمية التركية البارزة " وردة أوز " تحت عنوان أسرار الدولة ، فى صحيفة حريت ( طبعتها الانجليزية ) ، بعددها الصادر بالاول من ابريل  العام الماضى ، حدثا مفصليا فى تحديد العلاقة بين ضرورات ومقتضيات الأمن القومى للبلاد ، وحرية الفكر والرأى ، فرغم إقرارها بأنهما تابوهين مقدسان لا يجوز المساس بهما ، فأنها شددت فى ذات الوقت على أنه لا يجوز «لأحدهما» أن يجور على الآخر ، وهو ما تم تفسيره بأن إفشاء معلومات ربما هدد وجود كيان الدولة ومن ثم يعتبر من الكبائر العظمى التى لا تغتفر أو التهاون مع مرتكبيها آيا كانوا وأيا كانت ذرائعهم. وبخصوص الميديا المقروءة والمرئية فينطلق قانونها بعد تعديلاته فى سبتمبر 2004 ليتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبى ، من فرضية مؤداها " على الدولة فى القرن الحادى والعشرين أن توازن بين أمنها القومى وحرية التعبير وحمايتها  ، وأكدت ديباجته أن وظيفة الإعلامى بالاساس هى الحفاظ على اسرار بلاده ، وليس افشاءها ورفض ما يهدد وحدة أراضيها ( فى إشارة إلى النزاعات الانفصالية ) وهذا ما يشكل جوهر ميثاق الشرف غير المكتوب ، ولكن يتم تأطيره فى لوائح العمل الحاكمة بالمؤسسات الإعلامية كافة ، وهناك عقوبات للمخالفين إلا أنها لا تتجاوز الغرامات المالية إذا بثوا دعايات تدخل من باب التحريض على العنف والارهاب تصل إلى 40 الف دولار ، إضافة إلى توقيع جزاءات  من قبل مؤسساتهم وفقا للوائحها الداخلية ، وينطبق ذلك أيضا على شبكات التواصل الاجتماعى الذى نظم لها قانون صدر عام 2007 . 

أما الحصار الحالى للصحفيين والأعلاميين وإحالة البعض منهم للمحاكمة ثم السجن ، فيستند إلى فوبيا الكيان الموازى التابع للداعية الإسلامى فتح الله جولن ، والذى اعتبرته حكومة العدالة والتنمية تقويضا للامن القومى وانقلابا على الدولة ، وبات عناصره وافراده يقعون تحت بند خيانة  الوطن وكل ما يترتب على ذلك من جزاءات . ، إضافة إلى ذلك مادة من القانون الجنائى والتى تتعلق باهانة رئيس الجمهورية ، ورغم انها لم تفعل مع رؤساء الجمهورية السابقين ، فإن الأمر أختلف تماما مع  الرئيس الحالى رجب طيب اردوغان الذى ضرب رقما قياسيا على مستوى رؤساء العالم فى إقامته دعاوى قضائية ضد مواطنيه وفقا لما ذكرته صحيفة سوزجو الاربعاء الماضى ففي  خلال الأشهر التسعة الماضية رفعت قضايا  بحق 200 شخص منهم صحفيون وسياسيون وطلاب مدارس واكاديميون واعضاء هيئة التدريس ورسامو الكاريكاتير بتهمة اهانة رئيس الجمهورية لنشرهم تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعى ومنهم من صدر ضدهم احكام بالسجن تتراوح ما بين 5 أشهر إلى 16 شهرا.ويلاحظ ان تهم المساس بأمن البلاد  توجه ضد اعلاميين مناوئين  للحكومة كمجموعة اردوغان الشهيرة والتى رفع اردوغان مؤخرا قضية ضدها قبل اسبوع ، وفى الثامن عشر من الشهرمايو باستدعاء كل من :  ميرجون جاباز وزكزارى تشالشيكان وبيلن باتو وبانو جوفين وجميعهم يعملون في« سى ان ان» للمثول أمام المدعى العام الجمهورى لأخذ اقوالهم  فيما نسب اليهم بكتابة تغريدات على شبكات التواصل الاجتماعى تم تصنيفها على أنها ضد الدولة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق