واليوم نودع نجما آخر، من أحب وأقرب النجوم إلى قلوبنا، نودع نور الشريف هذا الفنان المصرى الصميم جدا، الذى بدأ مشواره من السيدة زينب حتى وصل للقمة، وإستطاع بالصبر والعمل والموهبة عبور النفق المظلم فى الحياة ليصل فى النهاية إلى طريق النور والشهرة والأمل، ورغم ان مشواره الإنسانى فيه محطات حزينة، بدايه من يتمه، وفقره، مرورا بالمشاكل والصعوبات التى صادفها فى بداية مشواره الفني، وتحمله بصبر لمرضه اللعين الآخير، لكنه أبدا لم يكن يمضى مع هذه المحطات، ليس لشيئ سوى أن آثار هذه المحطات أصبحت جروحا غائرة فى قلبه، وعلامات مرسومة على وجهة، وأحزان تنطق بها عينه.
على مدى مشواره الفنى كان صورة صادقة للمجتمع المصرى بكل طوائفه، «سائق الأتوبيس، ولاعب الكرة، ورجل الأعمال، والحرامي، والمهندس، والطبيب، وغيرها من المهن التى امتهنها فى أفلامه، والتى كانت إنعكاسا حقيقيا للمجتمع، والتى قدمها ببراعة شديدة نتيجة احتكاكه المباشر بمشاكل المجتمع، لهذا خاطبت أفلامه المشاعر الإنسانية، وهذا النوع من الأعمال الفنية لا يرتبط بعصر أو زمن معين، لقد عالج فى أعماله الحب، والأخلاق، والحرية، والموت، وهذا كله يهم الإنسان المصرى والعربي، وفى أى مكان على هذه الأرض، لقد إختار نماذجه من الحياة المصرية، تشيع فيها الروح المصرية والحزن المصري، والنكتة المصرية بداية من أول أفلامه «قصر الشوق» نهاية بفيلمه « بتوقيت القاهرة».
لهذا كان طبيعيا أن يحصد خلال مسيرته الفنية عشرات الجوائز أهمها: جائزة مهرجان نيودلهى عن فيلم » سواق الأتوبيس« إخراج عاطف الطيب، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن فيلم » ليلة ساخنة« لنفس المخرج، كما فاز بعدة جوائز فى مهرجان الإسكندرية السينمائى عن أفلام » أهل القمة، عيون الصقر،عفريت النهار، أولى ثانوي«، وفاز أيضا بجائزة الجمعية المصرية لكتاب ونقاد مصر عن فيلم » أهل القمة«، وتم تكريمه فى مهرجانات دبي، ونانت، والقاهرة، كما أطلق مهرجان الإسكندرية السينمائى اسمه على دورته الثلاثين العام الماضي.
إنها نبذة قليلة عن أحد أعمال الفنان الذى ارتبط اسمه باسم الراحل عمر الشريف.. وبين رحيلهما 40 يوما.