ولأنه مصرى أصيل تجرى فى عروقه سمات الوطنية والإخلاص وقف الرجل فى شموخ بين الحضور ليقبل التحدى دون أدنى تردد، لم يغادر يومها عمله ولم يتوجه إلى منزله، بل كانت شمس أغسطس الحارقة هى سقفه الجديد، وعمال مصر الذين أتوا من كل ربوع المحروسة هم أهله واخوته، يشاركهم شربة الماء وكسرة الخبز، ويجلس معهم فى خيامهم البسيطة فى أثناء ساعات الراحة القليلة.
365 يوما بالتمام والكمال قضاها الرجل بين اللوادر والكراكات والعمال.. عام كامل مر لم يشعر أحد به، بينما كان عاما ثقيلا على «الوزير» الذى كان يصل الليل بالنهار ويسابق الزمن كى يفى بالوعد، حمل الرجل فوق كتفه مسئولية تحقيق أحلام الشعب المصري، فكانت القناة الجديدة بالنسبة له مسألة حياة أو موت..
ولأنه رجل المهام المستحيلة استطاع رئيس اركان الهيئة الهندسية اللواء كامل الوزير أن يبدأ المهمة فورا دون تضييع دقيقة واحدة وأكتمل المشروع برفع أكثر من نصف مليار متر مكعب من الرمال فى مشهد مستمر يشبه خلية النحل، فبدأت مرحلة الحفر الجاف بالمشروع فى 7 أغسطس 2014، وشارك فيها 44 ألف عامل مصري، بمصاحبة 4500 معدة، وتمت إضافة كتيبتين من القوات المسلحة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى كتيبتى طرق للمساعدة فى عمليات الحفر. واستطاعوا إنهاء الحفر الجاف بنسبة 100% خلال 9 أشهر فقط، عن طريق استخراج نحو 250 مليون متر مكعب من الرمال، وتلاها بدأ أعمال تكسيات وتدبيش الأجناب بطول 100 كيلو متر لضبط أجناب القناة الجديدة.
ولم تكد تكتمل مرحلة الحفر الجاف حتى بدأت مرحلة الحفر المائى التكريك-، للوصول إلى العمق المطلوب، وشارك فى هذه المرحلة 2000 عامل من هيئة قناة السويس، 3000 عامل من تحالف التحدي، 750 عاملا من تحالف الأمل، وذلك بمشاركة45 كراكة، وانتهت أعمال التكريك المائى برفع 258.8 مليون متر مكعب من الرمال المشبعة بالمياه.
18 ساعة يوميا هى الفترة التى كان يقضيها الوزير على مدى عام كامل فى موقع المشروع دون راحات ولا إجازات.. كانت أسرته هى التى تذهب اليه فى موقع الحفر للاطمئنان عليه، وكانت كل ساعات العمل يقضيها وسط العمال والرمال والكراكات وسيارات النقل، ولم يرفض طلبا واحدا لأى عامل، كما أنه سعى لتشغيل أكبر عدد من الشباب خاصة من أبناء سيناء، ورغم حدة ملامحه فإن الابتسامة لا تفارق وجهه، وكان يسعد كثيرا عندما يخبره مساعدوه بأن إنجازا قد تم قبل موعده المحدد.
«الوزير» ابن الريف المصرى الذى زادت شمس القناة بشرته اسمرارا على سمرته يعتبر بحق مهندسا بدرجة فدائي، تخرج فى الكلية الفنية العسكرية الدفعة 17 عام 1980، تخصص فى مجال الإنشاءات، وتدرج فى العمل داخل الهيئة الهندسية، والتحق بجميع الوظائف القيادية فى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة، إلى أن وصل إلى مدير سلاح المهندسين، واستمر فى العمل به 3 سنوات، وتم تكليفه رئيساً لأركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.