رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد الاتفاق النووى الإيرانى..الخليج ينتظر طمأنته

دبى- شريف أحمد شفيق:
لا يزال الاتفاق النووى الإيرانى مهيمنا على المشهد السياسى الإقليمى والدولى، ففيما أبدت بعض الدول تخوفها من هذا الاتفاق رحبت بلدان أخرى به، وبين هذا وذاك أظهرت عدة عواصم تفاؤل حذر تجاه تلك المستجدات فى المنطقة. فكيف استقبلت دول الخليج هذ الوضع الجديد؟

يقول محمد خلفان محلل سياسى إماراتي إن بنود هذا الاتفاق لم تتطرق الى تدخل طهران فى شئون المنطقة، وهو مؤشر يعطى انطباعا سلبيا لما يحمله من حديث عن استمرار إيران فى تصدير ثورتها فى المنطقة من خلال حرسها الثورى.

مشيرا الى أنه من الطبيعى أن يكون المزاج المجتمعي الخليجى غير مرتاح لما تم التوصل إليه من إتفاق الذى سوف يؤدى بدوره الى تقوية طهران فى المنطقة. ويؤكد خلفان أنه من الممكن أن تغير إيران مواقفها السياسية تجاه الغرب فى الفترة القادمة ولكنه من المستحيل أن تكف عن التدخل فى الشئون العربية. ويعلل بذلك أن إيران والولايات المتحدة تشتركان فى إستراتيجية واحدة ضد المنطقة وهى تقسيمها، فإذا كانت واشنطن لديها إستراتيجية الفوضى الخلاقة التى أفرزت ثورات الربيع العربى، فإن طهران لديها إستراتيجية تقوم على البعد الطائفى لتقسيم المنطقة والتدخل فى شئون الدول العربية. وقد كشف بعض المحللين أن هناك شبه إجماع فيما بينهم على أن مصير المنطقة العربية بعد هذا الوضع الجديد أصبح بيد إيران.

ووفقا لبنود الاتفاق سيتم الإفراج عن أصول إيران المجمدة مما يتيح لها الفرصة فى زيادة دعمها فى عدم استقرار المنطقة العربية ودول الخليج من خلال تمويل بعض الميليشيات المسلحة الحليفة لها مثل حزب الله اللبنانى ومتمردى الحوثى في اليمن والميليشيات الطائفية في العراق وتنظيم بشار في سوريا. وكما يقول الكاتب السياسى الاماراتى عبدالخالق عبدالله إن أيدولوجية طهران التي تقوم على التدخل في شئون دول المنطقة العربية هي اكثر خطورة من ايران النووية. وقد عبر الإعلام الخليجى بوضوح فى هذا الصدد من أن هذا الاتفاق سيزيد من أطماع إيران فى المنطقة، مطالبا المجتمع الدولى ليس فقط بمنعها من امتلاك ترسانة نووية بل منعها من ان تكف فى التدخل فى شئون جيرانها. 

ويرى محمد هويدن رئيس القسم السياسى بجامعة الامارات أن الغرب له مصالح مختلفة مع إيران عن دول الخليج وبالتالي فالدول الغربية تريد أن تحتوى إيران بطريقة تقلل التكاليف عليها لأنها لا تريد ان تدخل معها فى مواجهة. ويقول هويدن إن الأمر يختلف تماما بالنسبة للدول الخليجية، فهى تعيش فى بؤرة التوتر وهناك تخوف خليجى من أن تفسر إيران هذا الاتفاق بأنه تصريح لها بالعمل كيفما تشاء فى المنطقة وانه غطاء شرعي لها تستبيح من خلاله التدخل فى شئون دول الخليج.  ويضيف أن إيران تعتقد بأنها الآن فى الجانب القوى وأن الإيرانيين يعتمدون على أن الغرب هو الذى يتقدم أكثر نحوهم وبالتالي فهم يرون أنه ليس هناك داع للتنازل عن أى ملفات خلافية فى الوقت الحالى مع دول الخليج مثل الجزر الاماراتية. 

ويرى فريق آخر من المحللين ان الاتفاق سوف يدفع الدول العربية بنظرية الاعتماد على النفس وليس بالتوجه للقوى الخارجية، ومن ثم فإن فرص إطلاق سباق التسلح في المنطقة العربية سوف يزيد، وهو بالفعل ما تم من قبل بعض الدول الخليجية من مشتريات سلاح تخوفا من توسع النفوذ الايراني. وهو الأمر الذى دفع السعودية مؤخرا لإبرام صفقة سلاح قيمتها 12 مليار دولار مع فرنسا شملت مروحيات ومفاعلات نووية. 

وفى حقيقة الأمر أن سعى الولايات المتحدة الحثيث للتوصل الى اتفاق مع ايران أدى الى اثارة ريبة دول مجلس التعاون الخليجى، ولم تنجح زيارة وزير الدفاع الأمريكى أشتون كارتر فى منطقة الخليج ورسائل آوباما أو حتى إعلان جون كيري وزير الخارجية الأمريكى بانه سيزور المنطقة مطلع الشهر المقبل فى طمأنة أو تبديد المخاوف الخليجية بشأن الاتفاق. ومن ثم كان يجب تنسيق المواقف العربية بعد اتفاق إيران، حيث جاءت جولة سامح شكرى وزير الخارجية المصرى الى السعودية والإمارات والكويت لتبعث برسالة الى العالم مفادها أن دول الخليج ومصر تقف على قلب رجل واحد فى ظل التحديات الجديدة والتغيرات الجيوسياسة التى ممكن أن تستجد فى المنطقة بعد هذا الاتفاق.

 فى الواقع أنه بالرغم أن بعض المحللين يرون أن الحفاوة التي قوبل بها الاتفاق من جانب الغرب لم تنعكس بالقدر الكافى في دول مجلس التعاون الخليجى نظرا للشكوك الكبيرة بين طهران وجيرانها، يرى آخرون ان الوضع الجديد  سوف يجعل  إيران أن تغير من سياستها الخارجية وستعمل مع جيرانها لدعم الاستقرار في المنطقة خاصة مع سعيها لجذب الاستثمارات الخارجية وأن هذا الاتفاق سوف يتمخض عنه امكانات اقتصادية هائلة ستصب في مصلحة دول الخليج وخاصة الامارات. فدولة الإمارات تعتبر الشريك التجاري الأول لإيران من بين دول الخليج الست، إذ لعب موقع دولة الإمارات المتميز على خريطة التصدير وإعادة التصدير العالمية عموما والآسيوية على وجه الخصوص دورا أساسيا في إمالة ميزان القوى الاقتصادي لمصلحة الإمارات في مواجهة إيران خلال العقد الأخير. وبالرغم من وجود إختلاف في الرؤى على المستوى السياسى، خصوصا حول الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بالإضافة الى خلافات عديدة حول القضايا العربية، فهناك توافق وإجماع على أن هناك قاعدة تعاون اقتصادية كبيرة بين طهران وخاصة إمارة دبي، وهو ما يميز العلاقات الاماراتية الإيرانية بخصوصية منفردة  متناغمة اقتصاديا ولكنها فى نفس الوقت متنافرة سياسيا. ومما لا شك فيه أن الاتفاق النووي بين إيران والغرب والذى سيرفع تدريجيا العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران سيغير من الإطار الجيواقتصادى لعلاقاتها مع دول الخليج وخاصة الإمارات، الأمر الذى سوف يدفع أيضا دول مجلس التعاون الخليجى الى تغير سياساتها تجاه إيران فى الفترة القادمة. ولعل ما صرح به مصدر إماراتي مسئول فى وقت سابق بعد هذا الإتفاق هو خير دليل على محاولة تقوية العلاقات بين البلدين. إذ يقول إن هذا الاتفاق يمثل فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة في العلاقات الإقليمية والدور الإيراني في المنطقة ويتطلب ذلك إعادة مراجعة طهران لسياساتها الإقليمية بعيدا عن التدخل في شئون المنطقة وأن مثل هذا التوجه الجديد الذي يصاحب الاتفاق النووي التاريخي سيعبر عن رغبة طهران الحقيقية في المساهمة الإيجابية في إطفاء النيران المشتعلة ويبعد المنطقة عن فتن الطائفية والتطرف والإرهاب. وأخيرا، فإن طهران مدعوة حاليا وبعد هذا الوضع الجديد الذى فرضه الاتفاق النووى على أرض الواقع بأن تثبت حسن نيتها تجاه جميع الدول العربية وأن توقف تدخلاتها في شئونهم، كما هو الوضع الحالى، وإلا سيكون اتفاق فيينا ليس إلا تأسيسا لفترة جديدة من النزاعات والصراعات تدفع بالمنطقة نحو الهاوية.

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق