رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قصة مكان شارع الحمرا فى بيروت عمره 600عام

بيروت-عبداللطيف نصار:
في مطلع القرن الخامس عشر الميلادي تنازع الدروز الذين كانوا يسكنون المكان المعروف وقتها باسم "جرن الدب" مع بني الحمرا الذين كانوا يترددون على بيروت لبيع محاصيلهم الزراعيّة من البقاع اللبناني، فهجر الدروز مساكنهم في جرن الديب برأس بيروت، وسكنوا الجبل تاركين أراضيهم ومنازلهم لبني الحمرا الذين حلّوا مكانهم فنسبت المنطقة منذ يومها وعرفت باسم كرم الحمرا ،وأهمل إسم جرن الدب إلى غير رجعة، ولذلك فشارع الحمرا اليوم منسوب إلى بني الحمرا الذين جاءوا من البقاع وتشعبت عائلاتهم إلي آل العيتاني وآل اللبّان وآل شاتيلا وآل حمندي.

ومع بداية الحرب العالمية الأولى كان قاطنو كرم الحمرا أو مزرعة الحمرا يهتمون بأشجار المقساس ليستخرجوا من ثمارها مادة الصمغ الذي يصنعون  منه مادة الدبق التي تشبه الصمغ لإلتقاط العصافير، وكانوا يعتبرون ذلك تجارة رابحة تعطي أحدهم ليرتين عثمانيتين ذهباً ثمناً لما يلتقطه من العصافير في اليوم الواحد. وشارع الحمرا الحالي، كان قديما عبارة عن خندق لا يكاد يتسع للرجل الواحد ودابته، ومع تطور العمران في بيروت وضواحيها إتجهت  الأنظار إلى كرم الحمرا فتم تعميرها وأقيمت فيها المساكن، وعندما دخل الحلفاء بيروت عام 1918م عرف شارع الحمرا باسم شارع لندن، كما أُطلق  إسم شارع شامبانيا على شارع جان دارك الحالي.

وكان أول بناء عصري على الطراز الحديث في شارع الحمرا هو البيت الذي بناه البروفيسور سيلي، ليكون مسكناً له عام 1923م، وشوارع منطقة الحمرا لم تعرف التخطيط والإسفلت بما فيها شارع الحمرا نفسه إلا عام 1933م عندما قامت بلدية بيروت بهذا العمل وأطلقت على شوارع المنطقة أسماء بعض العائلات المجاورة لها مثل العيتاني  وربيز ومنيمنة ومزبودي وشهاب ودياب،وكان لكل من هذه العائلات مصيدها على إمتداد الشاطئ، تمارس فيه حرفة صيد السمك للبيع والمتاجرة، ومن هذه العائلات من كانت تحترف صناعة الأدوات الفخاريّة مثل القدور والأباريق والأطباق، وحتى الملاعق والمغارف، مثل آل الفاخوري .

وإشتهر شارع الحمرا خلال القرن العشرين بمقاهي الأدباء والفنانين والصحفيين، ومن أشهر مقاهي الرصيف في شارع الحمرا التي كانت تستقطب هؤلاء مقهى الهورس شو الذي أفتقده الذي تم بيعه ثم  أخذ طريقه إلى الزوال، ولم يكن المقهي الوحيد الذي أقفل أبوابه بوجه المثقفين والفنانين، فتحولوا إلى كافيه دو باريس، فقبل الهورس شو أقفل لاروندا، والروكسي، والنيغرسكو، ومقهى المودكا. 

يبلغ طوُل شارع الحمرا اليوم نحو 1300 متر وهو يبدأ من الشرق عند تقاطع الشوارع بجواروزارتي السياحة والإعلام من جهة الجنوب وبناية جريدة النهار من جهة الشرق وينتهي غرباً عند تقاطع الطرق التي يقع فيها دكان البقّال الشهير بأبي طالب،ولايتجاوز عرض الشارع 8أمتار ومبلط بقطع صغيرة من البلاط الذي يشبه بلاط شوارع باريس التاريخية.

ويعتبر شارع "الحمرا" اللبناني من أهم الشوارع اللبنانية المفعمة بالحياة، ويجمع هذا الشارع تناقضات قد لا تكون موجودة حتى في أرقى شوارع أوروبا "الشانزيليزيه" و "نوتردام"، ، حيث تجتمع مقاهي المثقفين والكتّاب، مع المحال التجارية خصوصا الملابس مما يجعله قبلة الناس في كل يوم. ويبقى شارع الحمرا من الأماكن المتميزة في لبنان، وفي السابق كانت زيارة لبنان منقوصة دون الجلوس في مقاهي شارع الحمرا المنتشرة على جانبيه، بينما اليوم غرق الشارع بالفنادق والمتاجر مع قليل من المطاعم التي لا تحمل نكهة المقاهي التي تجمع بين النمط الشعبي والراقي في آن واحد، ممايدل على احتضار مقاهي المثقفين اللبنانيين في هذا الشارع العريق الذي أضحى اليوم مرتع النوادي الليلية حيث ملتقى من يسهرون لسماع الموسيقي أو تناول المشروبات بكل أنواعها.

ومقاهي الحمراء من نوع مقاهي الأرصفة التي نشأت في بدايات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، مع الازدهار الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته بيروت، وكانت مقاهي شارع الحمراء تستقطب شعراء كبارا أمثال محمد الماغوط، ويوسف الخال، وأدونيس، وغيرهم الذين أنتجوا معظم شعرهم على طاولات تلك المقاهي.

والحياة في شارع الحمراء تتواصل 24ساعة حيث حانات شارع الحمراء التي  تستقطب الشبان من الجنسين  الباحثين عن المرح والمشروبات والمأكولات الجيدة بأسعار مقبولة، وتلك الحانات تستقطب عادة الفئة اليسارية من الشباب اللبناني، فلا تغيب صور زياد الرحباني والشهيد سمير قصير عن الجدران كما تضيف الموسيقى الرحبانية عبقاً على المكان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق