رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

محاولة للدخول

أربع قصص قصيرة بقلم احمد النشار
وسرت على الطريق المترب الطويل الذى يجاور الترعة، وفكرت فى الناس الذين يجلسون فى فناء دار جدى، وفى الزريبة التى تطل على الفناء، وكان الناس يقولون لماذا تتركه هكذا، مناشدين الجد أن يهتم بى قليلا، ويقولون إنه قدكبر وعليك ان تعتنى به الآن أكثر مما كنت تعتنى به وهو صغير،

 ولم يزعج ذلك جدى، على العكس كان يشجعهم على مثل ذلك الكلام، وحزنت عندما قابلت أحد الرجال وقال الرجل: لقد رأيته بنفسى مساعد جدك وهو يحاول أن يعقد صفقة مع أحد الفلاحين صفقة من وراء ظهر جدك كى يشترى قطن الفلاح بسعر أكبرمما يشترى به جدك ثم يورده بعد ذلك لحسابه الخاص الى خورى للأقطان، وقلت: أين يوجد خورى هذا؟ فقال: ألا تعرف إنه موجود فى المركز، وأين يوجد هذا المركز؟ وحزن الرجل جدا وقال: لقد أثر عليك الحادث بشدة، وذكّرنى بالولد الذى ضربنى فى رأسى بزلطة، وأننى رقدت فى المستشفى شهرا، وبعد الشهر لم أعد أتذكر من الماضى الا القليل... واستيقظت فى اليوم التالى، وحاولت ان اتذكرشيئا مهما علىّ أن اخبر به جدى، وحاولت وحاولت، وكنت أبذل مجهودا، ورحت أضرب رأسى بكفى علّى اتذكر ماقاله الرجل، وكنت متأكدا أن ماقيل لى هو شىء مهم ولابد أن أخبر به جدى، واعتبرتها خيانة ألا أستطيع أن اتذكر، ولعنت حظى، وكرهت الحالة التى أصبحت عليها، وتساءلت ماذا يقول جدى اذا عرف ـ ما لا أستطيع تذكره الآن ـ من أحد الغرباء!. وسمعت جدى، وسمعت صوت جدتى لانها كانت ترد عليه، ورأيت الترعة من خلال الشباك، ورأيت الفتيات اللائى يحملن الدسوت فوق رؤوسهن، وقلت إنهن ذاهبات الى العدادكى يملأن الدسوت ماءً، وفرحت لأننى مازلت اتذكر تلك الحقيقة، ورأيت خيالات وقلت أيْوَهْ، وحاولت ان اتذكر ماذا تعنى هذه الخيالات، وقلت يَلْلا وقلت أيوه الحاجة جايّة على دماغى أهيّهْ، وهززت رأسى، وصحت يا ألطاف الله هيّا، وساعدت نفسى، ودعكت رأسى، وقلت هئ هئ، وشتمت نفسى، هىء هىء وضربت وجهى، آه ياابن الكلب آه، ولعنت نفسى لأننى لم أتذكر شيّئا... وخرجت وقد عيل صبرى، ورأيت الناس الذين رأيتهم بالأمس يتحدثون مع جدى فى فناء الدار ولكنى لم أتذكر فيمَا كان حديثهم، كانوا قدخرجوا لتوهم من مقهى، ثم ساروا وعبروا الكوبرى الحجرى ثم اتخذوا طريقهم باتجاه الساحة، ورأيت دكانة القرية التى كانت توجد فى الساحة فتقدمت بهمة ثم سمعت جدتى تنادينى واستدرت ورأيتها، وكانت تلهث، واستغرق لهاثها فترة من الوقت، وكانت قد حاولت ان تتكلم اثناء اللهاث ولكنى منعتها من ذلك، وأزعنت هى لرغبتى ولم تتكلم اثناء اللهاث، ولما خف لهاثها قلت: ماذا تريدين ياجدتى؟ فقالت: خرجت ياضنايا دون أن تفطر، فقلت: وكيف أهنأ بطعم الاكل وانا لااتذكر شيئا؟!، ماذا تريد ان تتذكر، لا شىء يستأهل عليك ان تعتبرها نعمة انعم الله بها عليك. ولم أكن أرى ألامرهكذا ولكنى لم أشأ أن أجادل جدتى وقلت: سآكل عندما أعود، ومتى تعود ياولدى؟، لااعرف ياجدتى.. وتركتها ومشيت، ولم ألتفت أليها ولو مرة واحدة حتى لا ازيد من أحزانها، وغذيت السير ولحقت بالرجال وقد وصلوا الى الزراعية، وناديت عليهم وقلت توقفوا، وقلت: لقد كان واقفا معى بجانب الترعة ولم يره أحد غيرى، وكان ذلك أثناء ماكنتم جالسين مع جدى فى فناء الدار فلربما خرج أحدكم أثناء ماكنت واقفا معه ورآه... ونظروا الى بعضهم البعض، ونفوا الامر وكأنه تهمة، وصحت: إننى لا أتهم أحدا كل مااريده أن أصل إلى هذا الرجل ليعيد على مسمعى الكلام وأنقله الى جدى سريعا قبل أن أنساه.. وتركتهم حانقا، وسمعت أحدهم يهمس: يتهور علينا وكأننا لم نوصِ عليه جده بالأمس ياله من ناكر للجميل!، ورجعت من نفس الطريق، وقد اصبح وقتى بلامعنى، ورأيت جدى وهو يراقب الرجال وهم يعبئون قطن الفلاحين فى الأجولة، وكان الناس الذين تكلمت معهم منذ قليل من ضمن الرجال الذين يعبئون الأجولة، ورجل كان واقفا بجوار جدى ويراقب مثله، ورأيت إحدى النسوة اللائى يعملن فى بيت جدى وهى تندفع الىّ وفى يدها جزء من فطيرة، فأشرت الى الرجل الواقف بجانب جدى متسائلا عمن يكون، فقالت: مساعد الحاج، وقالت وأنت أيضا تساعده فى الحسابات.. وعرفت ذلك منها وكان اكتشافا، ولكنى لم أفرح بذلك، ولم أتقدم من جدى لاقدم له المساعدة، لأننى أصبحت عبئا عليه أكثر منى مساعدا، وسعدت بقطعة الفطير أكثر من أى شىء آخر، إذ إن جدتى بإرسالها لى طعاما إنما تعلن عن مدى اهتمامها، وهو اهتمام جاء فى وقته كى يشد من أزرى فى تلك الشدة التى أنا فيها، وبدت الفطيرة طرية رغم أنها من بقايا الأمس، وكل ذلك لأن جدتى اهتمت بان تسخنها ذلك التسخين الهين كى تعيد إليها طراوتها وحتى يسيح السمن بداخلها مرة أخرى، ووقفت على الكوبرى الحجرى وبدأت أقضم أجزاء كبيرة من فطيرتى وأقول فلتسعدى بأيامك ياجدتى فما أحلى فطيرك..... وبينما أنا مسرور بطعامى رأيت رجلا ينظر الى باستهجان فأدركت أن سبب ذلك هو أننى أتناول طعامى على قارعة الطريق ولم يكن أهل القرية يحبذون ذلك فهم إن أكلوا فعلوا ذلك داخل دورهم أو وهم جالسون داخل الحقول، ولكنى غيرت انطباعى فجأة وقلت ماذا إذا كان هو الرجل ذاته الذى قابلته بالامس وان سبب نظرته المستهجنة تلك هو أنه قد علم الان ـ بطريقة لا اعرفها بالطبع ـ إننى لم أخبر جدى حتى الآن بالكلام الذى قاله لى، فتقدمت منه واستوقفته قائلا: ألم نلتقى بالأمس وقلت لى كلاما مهما كى انقله إلى جدى، وتقلص جسده فى تلك اللحظة وبدا ملتاعا حتى أنه قال: لا أتكلم معك ولا أتكلم مع أى أحد آخر فى القرية، لمَ تريد أن تورطنى؟! وبدت عليه الكآبة، ثم إننى لا أعرفك ولا أعرف جدك فلمَ تدّعّى علىّ أشياء لم أفعلها مطلقا، وارتخى جسده فجأة ثم بدأت يده فى الارتعاش، وقال وقد أصابته تهتهه من شدة الانفعال: إت إتركنى فف فى حالى، وسار وهو يشيح بيده غضبا باتجاه الحقول.وصرخت فى أثره لمَ كنت تنظر الىّ إذن بتلك النظرة؟! فقال وقد عاد إليه إنتظام كلامه: لم أكن أنظر إليك أنت ولكن كنت أنظر لما هو خلفك إنهم يقطعون شجرة، ونظرت خلفى ورأيت على البعد إثنين من الرجال قد تحلقوا شجرة وكل منهما من ناحيته وبالتتابع يحرك منشارا ناشبا بأسنانه فى جذع شجرة، فعرفت أننى أخطأت فى حق الرجل، وإلتفت كى أعتذر له ولكنى لمحته لاخر مرة وهو يختفى داخل الحقول...وجاء رجل ووقف قريبا منى وكان معه كتاب من الكتب المدرسية وبدا وهو يقرأ فيه وكأنه يلتهمه إلتهاما وقال هو: هام جدا ودنوت منه ورأيته وهو يخط تلك الجملة على هامش من هوامش الكتاب، وقلت إنك الطبيب أليس كذلك؟، أى طبيب؟، الطبيب الذى عالجنى فى المستشفى، أكنت مريضا؟، نعم الم تسمع بخبرى، أعذرنى فأنا لست من هذه القرية، ومن أين أنت إذن؟، من القرية المجاورة. وأشار الى قريته باتجاه بيت جدى قائلا: إذا سرت فى هذا الاتجاه ثم انحرفت يمينا فى آخره وغذيت السير قليلا فسوف تصل إليها، وماالذى أتى بك إلى قريتنا؟، إنه الهدوء أما قريتى فمليئة بالضجيج، عندما أريد أن أستذكر دروسى آتى الى قريتكم حيث الهدوء الذى يساعدنى على التركيز، وماهذا الكتاب الذى معك؟، إنه كتاب الحساب، ولكنك كبير على أن تذاكر الحساب، لقد قضيت سنواتى الماضية كلها جاهلا وأنا الان أحاول أن أحصل على الابتدائية من منازلهم كما يقولون, لقد قضيت شطرا ليس بالقليل من حياتى جاهلا، وبكى وهو ماسك الكتاب، وضوّى عنوان الكتاب فى ضوء الشمس الذى كان يضرب منطقة الكوبرى بقوة، وقال: سامحنى ياالله، وانسكبت دموعه على ياقة الجلباب الذى كان يرتديه، وارتفع بكاؤه فى تلك اللحظة حتى غطى على صوت المنشار، وراح يتضرع إلى الله طالبا النجاح لأنه رسب فى العام الماضى، وقال: وحاولت أن أتذكر شيئا أثناء الامتحان وحاولت وحاولت وكنت أبذل مجهوداً كبيرا، ورحت أضرب رأسى بكفى علّى أتذكر ماقاله لى المدرس، وكنت متأكدا أن ما قاله لى المدرس هو الشئ الذى علىّ أن أكتبه فى ورقة الاجابة، وأعتبرتها خيانة للمدرس ألا أستطيع أن أتذكر ما لقنه لى، وكرهت الحالة التى أصبحت عليها، وقلت أيْوَهْ الاجابة جايّه إلى دماغى أهىّ، وهززت رأسى، وصحت يا ألطاف الله هيّا، وساعدت نفسى، ودعكت رأسى، وقلت هئ هئ وضربت وجهى، آه يا ابن الكلب آه شاتما نفسى بنفسى، لأننى لم أتذكر شيّئا، وتركت الامتحان وقد عيل صبرى....

لكأنك لم تدخل أنت وهذا الرجل إلى المصح المخصوص القابع بين الضفتين، الضفة الزاهرة، والضفة الأخرى المثقلة بعظائم الهموم، المصح الذى لا يعالج إلا ذوى الذاكرة المعطوبة عطبا نهائيا لايرجى له شفاء ،على يد الطبيب الذى من كثرة ما تمت على يديه شفاءات لفقدان ذاكرة مستعصية على العودة، سماه العائشون على الضفة المثقلة بالهموم الطبيب المبجل ذا القلب الكبير، ولقد كانوا يطلقون تلك التسمية عليه لأنهم لطيبة قلبهم كانوا يفرحون بالحالات المستعصية التى تم شفاؤها على يديه لمرضى لايمتون اليهم بصلة، إذ ينتمون إلى حياة أخرى هناك فى الضفة الزاهرة المليئة بالأنوار، متملقين بذلك اللقب مشاعره المتحجرة التى لم تعرف رحمة بهم أبدا، وهم يتوسلون اليه كى يوافق ويختار ولو حتى مريضا واحدا من مرضاهم الذين يرقدون فى عشش الصفيح وحدهم، وقد راحوا يتخبطون فى عتمة ذكرياتهم، وقال حامل كتاب الحساب أنا لا أفقد الذاكرة إلا عند دخولى الامتحانات، ففكر الطبيب فى الموضوع فى حجرته المطلة على النهر وكان معه مساعدته، فكرا كثيرا وهما واقفان ينظران الى النهر فى كثير من الخشوع، حتى حسبت أنت أن الطبيب على وشك أن يصلى، وبجوارك الفتاة التى تقرر دخولها الى المصح لانها كانت تعانى من حالة لا لبس فيها فعلا، سماها الطبيب على الفور فقدان ذاكرة، واحس بالارتياح لان التشخيص لم يكن صعبا كما هو الحال مع حامل كتاب الحساب، إذ نجح ونجح فى استعادة كثير من الذكريات الضالة فى مستنقعات لم يكتشفها سواه، مستنقعات ذكريات وليست مستنقعات حقيقية كالتى يراها راكدة أمام عشش صفيحية بائسة تعوق سيره كلما أوقعه حظه العاثر فى مشكلة مرورية تفرض عليه أن يلف بسيارته تلك الدوائر المنقِذة التى تمكنه من الهروب من عنق مرورى مقفل ولاسبيل الى فتحه إلابعد تلطيخ سمعته بواسطة مأجورين من الحى الذى كان يلذ له أحيانا أن يطلق عليه الحى القذر، مرددين فى الحى المعروف بالضفة الزاهرة بأنه لا يحترم مواعيده، غير مهتم بمرضاه، وكان يطلق عليهم السفلة المنحدرين من سلالة الأنجاس الذين ما أتقنوا شيئا فى حياتهم سوى الحقد، يُلبسهم منافسوه ممن لم تصبهم شهرة مثل التى أصابته هو، شهرة سمع بها القاصى والدانى ممن يعيشون وينعمون والذين لاينعمون حتى بخيرات الوطن، يلبسونهم ملابس مثل التى يلبسونها فى الضفة التى سموها بالزاهرة فيذوبون وسط الجموع مطلقين شائعاتهم، ألا ترون!، إنه ذلك الطبيب الفاجر الذى يتأخر على مرضاه إذ أتخمته الشهرة وأثقلت كتفاه أحمال النقود، حتى إنه لا يتورع عن أن يعيد ذاكرة امرأة فى السبعين الى فتاة مازالت فى ريعان شبابها، حتى رأيناها تسير وهى تصرخ من أثر دوار مؤلم وانفجار وشيك لذكريات العجوز التى زادت بكثير عما يمكن أن يتحمله رأسها الصغير، لكأن الفتاه لم تقل لك أأنت من قرية؟، فأكدت لها ذلك باشارة من رأسك، ولم تقل أى كلمة أخرى، فقالت: أعرف مدى طيبتك ايها الفلاح، خلصنى من عار ذكرياتها، وأشارت إلى العجوز التى كانت جالسة فى أحد أركان الحديقة ذاهلة عن كم الأخطاء التى ارتكبتْها فى ماضى أيامها والتى تتعذب من جرائها الفتاه الآن، لكأنك لم تقل للفتاة أعذرينى فأنا لاأملك شيئا أفعله بخصوص تلك المشكلة، قائلا فى نفسك: يا لدهائه وأنت تقصد بتعجبك ذلك الطبيب الداهية الذى ـ وبضربة واحدة ـ خلص العجوز من عذابات ذكرياتها وماكانت قد دخلت المستشفى إلا من أجل ذلك ورمى بها فتاة مسكينة كل ذنبها أنها وثقت به كرد فعل تلقائى لوثوق أبيها به ـ وعلى ذلك، وكرر: يالدهائه ـ فقد ضمن أتعابا ضخمة من الطرفين ـ العجوز وقد تخلصت إلى غير رجعة من عذاباتها وأى مبلغ ستدفعه سيبدو تافها أماما لمعجزة التى حققها الطبيب ـ ووالد الفتاة وهو من العيار الثقيل جدا والذى سوف يظل يدفع ويدفع ربما لاعوام طويلة قادمة حتى يهتدى الطبيب الى حل من حلوله العبقرية، فيخلص الفتاة من ذكريات العجوز ملقيا إياها إلىأى رأس آخر من رؤوس مرضاه وما أكثرهم فاتحا بذلك بابا للرزق لن ينغلق أبدا طالما هو حى.....

أنهيت حديثك مع الفتاة وتفرغت لتلك النظرة الملتاعة التى كنت توجهها الى الاعلانات التى كانت ملصقة على جدران المصح، والتى تدعو أى فاقد للذاكرة إلى أن يدخل المصح مطمئنا، مع وعد بالشفاء الأكيد، وملحوظة صغيرة فى ذيل العنوان بأن كل مايحتاجه الطبيب من مر ضاه إنما هو الصبر، ليس بالطبع على الطبيب، انما كانت الملحوظة تتعلق بقاطنى الصفيح الطيبين ـ هكذا سماهم الطبيب ـ الذين لا يتورعون عن الوقوف عند مدخل المصح فى الصباح وفى المساء أيضا، محدقين النظر إليه كلما دخل أو خرج من المصح، مشددين عليه بكلمات لا لبس فيها: أن انقذنا أيها الطبيب المعجزة، أيها الطائر المغنّى الذى يستعذب صوته كل فاقد ذاكرة من الوزن الثقيل، كلهم من ذوات الوزن الثقيل ايها الطبيب المبجل، أما نحن آه فحدث عنا ولاحرج ايها المبجل ، فقل مابدالك فيما يخص شقاواتنا، جحافل الذباب التى مافتئت تأكل من عيوننا حتى أدمتها، لدرجة أننا لا نراك الآن على نحو صحيح، كما لا نرى مرضانا ايضا، وهم على كل حال فاقدوا ذاكرة أيضا، بل إن واحدا منهم ـ وقد يدهشك ذلك ـ مولود أصلا بلا ذاكرة، لاننا أصبحنا متأكدين الآن ـ وبعد كل هذه المعلومات التى جمعناها عن ذلك التعيس ـ من انه لم يتمتع بذاكرة منذ ولادته، ولاحظنا عن طريق صدفة بحتة لم نسع اليها مطلقا، وكنا جالسين نرنوا الى السماء وننعى حظنا بين عشش الصفيح تلك التى تعودنا رؤيتها منذ أن أصبحت لنا عيون، بهذا المريض وهو يهجص بكلمات لا رونق فيها، تدعوك إلى الضحك أول ماتسمعها، ولكننا ثبنا الى رشدنا سريعا، وربطنا بين تهجيصات الرجل وحالنا، فلم تكن متطابقة، فأدركنا أن الرجل لم تكن له ذاكرة أصلا تتعلق بحينا رغم انه عاش حياته كلها فيه، وان كل ذكرياته وبالتالى تهجيصاته إنما تتعلق بحى آخر لم نعرفه أبدا، وما وقوفنا صباحا ومساء أمام المصح ،إلا لكى تقبل مريضنا ذاك بنفس الطريقة التى تقبل بها المرضى المرضى من ذوات الوزن الثقيل من الضفة الاخرى، خذه ايها المبجل وأجرى عليه تجاربك، إحقنه بكل ما عندك من حقن حتى تصل الى نتائج، يرضينا ذلك، أن تجرى التجارب على مريضنا وأن يتحمل كل الشرور الناتجة عن ذلك، نقود!!، لا تلفظ مثل هذه الكلمة ثانية أيها المبجل ، لا تجعلنا نشك فى ذكائك، لاتجعلنا نسقط الهالة المقدسة التى أحطناك بها منذ أن رأيناك تتعمد، نعم نعرف أنك تتعمد، ببنائك المصح أمام بؤس عششنا الصفيح، أن تفاجئ كل قادم الى المصح بذلك التناقض المذهل، واسمح لنا أن نستخدم تلك الكلمة الممجوجة تناقض، ممجوجة من معظم ولا نقول من كل الذين يأتون الى المصح، وهم كما لا يخفى على سعادتكم خليط من المرضى والزائرين للمرضى، أما المرضى الآتون من الضفة الاخرى تلك الضفة التى تعودنا أن نسميها بالزاهرة فلربما، يا لذكائك، قد تعمدت صدمهم بهذا التناقض المقيت بحيث تؤدى تلك الصدمة إلى ان يستعيدوا ذاكرتهم، لقد حدث ذلك بالفعل لحالة واحدة فقط، فتاة استعادت ذاكرتها فى الحال وكنا بالقرب منها عندما حدث لها ذلك حتى إنها قالت من أنتم، فقلنا: إخوانك فى الوطن، فبكت بمرارة لانها لم تكن تعلم بوجودنا من قبل.

وقرروا أن يدخلوا المريض فاقد الذاكرة إلى المستشفى فقد كان فراغ رأسه الخالى من الذكريات الخاصة بحيهم مرعبا.. وحملناه ونحن نفتقد اليقين بأننا سننجح، ورأينا كم كانت أحزانه تتضاعف كلما مررنا على مستنقع، ونحن نعانى خريف أيامنا الذى ما فتح لنا أفقا أبدا، إذ أن الأفق كان متوائما مع كل مستنقع مررنا عليه، فأدركنا أن أى حلم لنا ومهما كان نوعه لم يعد جائزا. وحاول المريض المحمول فوق أعناقنا أن يرى صورة وجهه فى ماء أحد المستنقعات المنتشرة فى حى الصفيح، فقلبناه إلى أسفل، كى نقرب وجهه من الماء الآسن، ومافلح ذلك إلا فى أن يزيد ويضاعف من مرارة أيامه، وبؤس افتقاده الى ذاكرة، وماكانت رائحة المستنقعات إلا الأمل الأخير الذى حاول أن يتشبث به، كى يعلن لنا بكل تواضع الذين لا يملكون ذاكرة أن هزيمته وبالتالى هزيمتنا نحن كذلك قد أصبحت كاملة، وأدركناـ من هشاشة وزنه إذ كنا نشعر بأننا لانحمل رجلا ليس له ذاكرة بقدر ما نحمل ذبابة متخمة بقاذوراتهاـ أن أمراضا أخرى قد توطنت جسده غير السعيد، حتى غدا عدم وجود ذاكرة أهونها شأنا، وعبثا حاولنا أن نوجه نظراته النبيلة الى جهه أكثر نبلا ولكنه أبى أن نفعل به ذلك، حنى تأكد لنا أنه ماسمح لنا أصلا أن نحمله لكى ندخله الى مستشفى الذكريات تلك، إلا لتأكده من إنه باقٍ فى هامشيته حتى يوم موته سعيدا بتلك الهامشية حتى آخر يوم من حياته، وما رفض النظر الى الضفة الأخرى إلا لدونية متأصلة فى طبعه، حتى أنه بكى فرحا لانه أدرك دون أن نخبره بذلك ان خلاصه من خواء ذكرياته لن يتحقق إلا على يد طبيب اصبح من قاطنى تلك الضفة الاخرى رغم أصوله الصفيحية، لقد تزامن وصولهم به الى باب المستشفى، مع خروجى أنا من المستشفى، إذكانت قد رُدّت الىّ ذاكرتى بعد أيام قليلة من قرار الطبيب باستبعاد حامل كتاب الحساب من قائمة مرضى المستشفى، بعد أن تأكد له أن حالته هى حالة بيتية يمكن علاجها بجرعة مكثفة من فيتامينات وحديد ولاشىء أكثر من ذلك، وبينما كنت أغذى السير متجها إلى القرية كى أخبر جدى بما سمعته من الرجل الذى أراد تحذيره عن طريقى، سمعتهم يهتفون ضد إستبداد الطبيب الذى كان يرفض ولا يزال إدخال المريض الى المستشفى، رغم إصرارهم العنيد على ذلك...

النــــــــــاشــــــــــــــــــر

 

وكان بالمكان نافذة تُدخل هواء متربا للصالة، وشاهدت نفسها فى مرآة ولم يكن على وجهها أصباغ، وبدا أنها تريد أن تفعل شيئا تعبر به عن احتفائها بقدومى، ولكن الوضع لم يسعفها. كانت تعانى من أزمة ما، وبدا حالها صعبا. راحت وجاءت ولكنها لم تقدم لى شيئا إذ أننى لم أكن أحب القهوة وهو المشروب الوحيد الباقى لديها، وبدت كمعتذرة تبرر أخطاءها حتى إنها منعت دموعها بشدة. لم أكن قد زرتهم منذ مدة وكانت قد مرت أعوام منذ آخر مرة جئت فيها الى الشقة، لقد حدثت أشياء حتى شككت فى أنها المرأة التى قابلتها فى الزمن القديم. كانت قد اشترت مكيفا لأنها كانت تعانى من ضربات القلب الزائدة، وكانت ما تفتأ تغلق المكيف من حين لآخر حتى لايسحب كهرباء وأصبح صوت المكيف من أثر ذلك عاليا، وفى الأسفل كان زوجها يضع لفة الأدوية بعد أن تقدمتْ هى خطوتين إلى الشرفة وأنزلتْ السبت. كان واقفا وسط مجموعة من الدائنين تجادله، وكان خلفهم زريبة، واندفعت جاموسة وجرت فى الشارع الطويل الضيق ودخلتْ الى الشارع العمومى وارتطمت بالأوتوبيسات العابرة. راحت الفوضى تصيب المكان، ولكن الجاموسة عادت وعبرت من تحت نافذة مكتب الناشر، وكانت هى قد أعطت للناشر كل النقود التى معها كى ينشر القصص التى كتبتها. كان مكتب الناشر فى الدور الأول ونظرت اليه الجاموسة لوهلة، ولكنه لم ير الجاموسة بعد ذلك وهم يعيدونها الى الزريبة مرة أخرى. لقد دفعت كل نقودها للناشر ولم تعد قادرة على أن تقدم لزوارها شيئا فائضا لديها، وعندما تسارعت دقات قلبها أرادت أن تشغّل المكيف ولكنه كان قد تعطل. ونزل عرقها، ودخلت أنا المطبخ ورأيت تلقيمة بن وحيدة قابعة فى ركن وكوبا مملوءا بالماء قابعا فى ركن آخر، ورأيتها وهى تبلع حبة الدواء دون أن تشرب وراءها ماء.لقد رأى الناشرالجاموسة وقد ربطوها بالمزود حين كان يتقدم أولى خطواته باتجاه مدخل العمارة، وحين ارتقى السلالم سمع الجاموسة تنعّر ووقف أمام باب الشقة وبصق على مدخلها، ودخل الى المطبخ وصنع لنفسه قهوة من تلقيمة البن الوحيدة، وبدأ يرشف القهوة وهو واقف فى الصالة يطالب بالنقود المتبقية. كان عرقها قد إزداد حتى أصبح عرقا غزيرا، تقدمتُ من الناشر وسألتُ عن المبلغ . أعطيته كل مامعى وأنهى الناشر فنجانه ونزل، وحين نزلت اخيرا... وأخبرت زوجها أنها تعاني نتيجة لعطل في المكيف. تقدمتُ خطوتين فى الشارع الطويل الضيق ورأيت الناشر من خلال النافذة وهو يحصى النقود وحين أصبحت فى الشارع العمومى أدركت أننى سوف أسير كل المسافة كى أصل إلى بيتى، كان علىّ أن أعد نفسى لجنازة محتملة ورأيت المساء وقد تقدم.

اضـــطـــــــراب

 

كان قد وقف فى وسط المكان منزعجاً، إذ كانت تلك أول مرة يعمل فيها طبيبا فى القرية، ولكنه حاول أن يخفى اضطرابه، حتى إنه نجح فى ذلك لأنه لم يكن يتصور أن أحدا يلاحظه وهو واقف بجانب الفلاح. قبل ذلك كان هذا الفلاح جالسا فوق حماره يغنى، ثم فجأة انقطع الغناء، وكان هناك فلاح آخر سائرا بجانب الفلاح الذى يغنى، وهذا الفلاح الآخر استغرب لأن الفلاح الذى يغنى قطع غناءه فى منطقة من الأغنية لم يتعود من الفلاح المغنى أن يقطع فيها الغناء من قبل أبداً، وعلى ذلك فقد أدرك أن شيئاً ما قد حدث للفلاح المغني، فإلتفت اليه ورآه وهو جالس على الحمار لا يزال، ولكن بطريقة مختلفة عن الطريقة التى كان يجلس بها من قبل، فساق هو الحمار بنفسه، وراح يستمع للهاث الفلاح الجالس فوق الحمار، حتى وصل الى المكان الذى كان واقفا فيه الطبيب، الذى كان يمارس الطب لأول مرة فى القرية التى جاء تكليفه بها، وقال الطبيب الناشئ فى نفسه ياخبر أسود! أتكون أول حالة أكشف عليها بمثل هذه الصعوبة؟! واضطرب من أجل ذلك، حتى إنه صعد إلى المريض بنفسه، وأصبح جالسا هو الآخر على الحمار، وتذكر أباه وأمه فى تلك اللحظة:

(أنا طلعت الأوَّلْ)، كان ذلك أول ما نطق به، بعد أن استقر واقفا على عتبة المطبخ، كان مطبخا متوسط الحجم، ودوت كلماته بداخل المطبخ، حتى أن أمه انزعجت من صوته العالى، لم تُصَبْ الأم بخيبة أمل، ولااستقبلت نبأ طلوعه الأول بهذا الفرح الطاغى الذى كان يتوقعه، ولكن مشاعرها كانت بَيْن بَيْن، وأذهله ذلك، وقف حائرا رافعا الشهادة بيد، وماداً اليد الأخرى الى الحلة، التى كانت فوق البوتاجاز، حرّرَ قطعة لحم ساخنة وإلتهمها مباشرة، وكأنه يعاقب نفسه على حماسه لاحرازه المركز الأول، وتحمل اللسع القاسى، دون أن يعبِّر وجهه عن أى ألم. قالت وهى واقفة عند الحوض: (الثالث أوحتى الرابع يكفى، لا أريد أن يحسدوك ياولدى!)، تمعن فى كلماتها المباشرة ، أيقن انها أكثر منه قدرة على توصيل افكارها، أفرحه ذلك، ألهمته كلماتها، حتى أحس بأنه لم يوفها حقها فى كثير من المواقف السابقة التى تصرفت هى فيها على نحو مشابه، رغم أنه كان يأمل عكس ذلك.أغرورقت عيناه وسالت أنفه، وحاول ما استطاع أن يجنِّبها رؤية دموعه، ونجح فى ذلك، وأحس بالزهو لنجاحه فى إخفاء الدموع، الزهو الذى لم يستطع أن يهبها أياه رغم محاولاته المستميتة كى يفعل، باءت كل محاولاته بالفشل وهو يسعى الى أن يحقق لها لحظة سعادة ولو قصيرة...

ولكنه بدلا من ذلك تسبب فى إبكائها وقولها إنه كان السبب فى رقدة أبيه مريضا بالكبد، وتذكر أنها قالت ذلك بصوت مرتفع وهى جالسة على السرير، فى نفس الحجرة التى رقد فيها أبوه مريضا بعد ذلك، قبل أن يدخلوه إلى المستشفى التى مات فيها. لقد كانت أخطاؤه عظيمة، كيف هان عليه أبوه الذى كان ينفق عليه حتى بعد أن تزوج وأصبح يكسب النقود؟! (لاتحمل همَّا طالما أناحىْ) عبارة كان يصر عليها أبوه ويكررها كلما التقيا وجلسا سويا فى حجرة الصالون فى شقة العائلة وهو يهز ساقه ـ تلك الهزة التى اعتادها منه منذ أن بدأ يعى الحياة ـ وقد اغمقّت قدماه، وانتفختا من أثر المرض.كيف عذَّب أباه كل تلك السنوات وأبوه يراه كل صباح، وهو ذاهب الى أداء الامتحان وكأنه ذاهب الى مشنقة ؟، مما كان يُحزن أباه. ألم يكن قادرا على إخفاء رعبه من الامتحان حتى لايصيب أباه بكل هذه الأحزان؟... كيف سمح لنفسه أن يُظهِر اضطرابَه وهو يمارس مهنته لأول مرة، وقد جاء أبوه إلى المستشفى كى يراه لابسا البالطو الأبيض، حتى ان ردوده على أبيه ـ وهما واقفان أمام المستشفى ـ جاءت محبطة لأبيه ، ولم يكن يقصد، ولكن شيئا أقوى منهما كليهما أفسد اللقاء؟! لماذا واصل سخافاته وضحك وأبوه يعطيه قصة لأرسين لوبين، بعد أن عارض أبوه كثيرا ميوله لكتابة القصص، والانغماس فى قراءتها، (لأن القصص من وجهة نظر أبيه تلهيه عن المذاكرة)، ألم يرضخ أبوه أخيرا لرغباته؟! وهل ذنب أبيه أنه لم يكن واعيا بما يكفى لكى يدرك أنه قد تخطى منذ زمن مرحلة أرسين لوبين؟! ولماذا لم يقبِّل قدم أبيه ندما، وقد علم أنه كان يشترى سراً الجريدة التى نشر فيها قصته، كى يُرى القصة لزملائه فى العمل؟!.... وعندما صفعه أبوه مرة صفعة ضعيفة مترددة، عذَّب أباه ليالى طويلة، وهو يرفض محاولاته للتقرب منه، حتى إذا جاء أبوه أخيراً بذقن نابتة ووجه شاحب مسهَّد، ووقف أمامه، لم يحتمل، وارتمى على كتف أبيه وبكى...

كان الفلاح قد شُلْ، مما عظَّم اضطرابه، وقال فى نفسه لا حل لهذه الورطة إلا أن أكتب له روشتة....

بعد أيام كان جالسا فى الأجزخانة الوحيدة فى القرية، دخل رجل لم يره من قبل، مع توالى الحديث أدرك أن هذا الرجل كان واحدا من الذين تحلقوا حوله، وهو ذاهل لايدرى ماذا يفعل للفلاح المشلول، قال الرجل: لقد لاحظتُكَ بدقّة، بدوتَ كطبيب عبقرى يبحث عن حل لمشكلة شائكة، رأيتُكَ وأنت تفكِّر بعمق استغرق ذلك منك وقتاً طويلاً، ثم كتبتَ روشتة، و نزلتْ من فوق الحمار بعد ذلك مجهداً إجهاداً شديداً.. تخيّلْ مع أول حبة شربها الرجل زال الشلل، لابد أن تبقى فى قريتنا طويلاً.....

مازلت أعمل فى هذه القرية حتى بعد أن اُحلتُ إلى المعاش، قررتُ أن أموت بها وبنيت فيها قبرى......

مــــــكاشــــــــــفة

 

الطبيب قال ما هذا الذى يرتديه يبدو كبالطو روسى?.. وشعرى تحرك بفعل الهواء.. وكان مع الطبيب عدسة مكبرة، ونظر الى أنحاء جسدى العارى بواسطة العدسة، وأمى كانت ترتدى السواد. والطبيب قال: ماذا حدث... فقالت: امى ماتت.. فقال: لقد كانت مريضتى المستديمة... وقال: اقلبيه على بطنه.. واحسست بأشعة الشمس تدفئ ظهرى، وقالت يكثر فى الحر ويقل فى الشتاء. فقال: أيوه أيوه وبدا عليه انه فهم...

وقال الطبيب: فى أى منطقة تسكنون؟.. فقالت: إلمنيل، فقال: ألا تعرفين أنكِ تعيشين فى جزيرة... وقال: أقرب إلى البحر الكبير أم الى الصغير، فقالت: الصغير...

وكتب روشتة ولم يقل شيئا بعد ذلك....

وعندما همتْ بترك الغرفة قال: لو سمحتى.. فقالت: أيوه.. فقال: أبدا مفيش.. وحارت أمى فى أمره، ولكن مع المزيد من فهمها للتعبير البادى على وجهه أدركت أنه مخضوض، وشعرت بالشفقة، وسارت باتجاه الحوض وملأت له كوبا بالماء. وقال هو: مش عارف أشخًص وخايف الدوا اللى كتبته يدهور الحالة ممكن الروشته لو سمحتى.. وانتظر رد فعلها، ولما أعطته الروشتة قال متشكر.. ثم ضرب الجرس وطلب من الممرضة أن تعيد لها فلوس الكشف...

- آتى الى العيادة بالعافية وأدخلها مقبوض القلب، أبى لا يفهم ذلك وأنا لا أستطيع أن أبوح.. وبدا كمن يطلب منها حلًا..- لم أتعلم جيدًا.. وبدا مثقل القلب.. وقالت: أنا أعرف المرض إنه أبو اللكيم، ثم عرت بطنى، وأرته الطفح، ونقلت إليه خبرتها...

وقالت: أمى لم تكن تصرف روشتاتك كانت تأتى اليك لأنها تستبشر بيك.. وقال: عندما قلتى إنها ماتت سقط قلبى وخُفت ..-لا لم تكن تصرف روشتاتك... ومرت فترة صمت...- الروشتات كلها عندى فى البيت... وحمد الله فى سره وقال: أعود إلى البيت وأتذكر كل ماحدث، وأفكر فى الأدوية التى كتبتها، ويصيبنى الرعب، أفكر فى ترك المهنة، ولكن أبى لن يرضى عن ذلك. وقالت: هذا لأن ضميرك حى، وهذا ماحببنا فيك أنا وأمى... وهى تقوم قدّم لها يده بكل النقود التى فى محفظته. قالت: ميصحش، كانت تستبشر بيك... وذهل قليلا عما حوله، ولما أفاق كانت قد غادرتْ بعد أن تركت جزءًا من النقود على حافة المكتب....

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق