الدكتور إمام رمضان إمام أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد بجامعة الأزهر، يقول: إن المجتمع الإنسانى الذى يروج لمثل هذه الإدعاءات الكاذبة، وتروج فيه مثل هذه البضاعة، لهو مجتمع يغرق فى مستنقع من الجهل بشقيه، جهل الدين وجهل العلم ؛ فالدين قدم لنا من الأدلة والبراهين ما كان كفيلا بوأد هذه المزاعم جملة وتفصيلا فى مهدها، أليس الله هو القائل: »ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون« وهو القائل:«قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك » وهو القائل :«يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام »وهو القائل:« ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ».
أليست هذه الآيات وغيرها الكثير ذات دلالة قاطعة، وبراهين ساطعة على استقلالية كل جنس بجنسه، فلا يتزاوج جنس من جنس، إذ طبيعة كل جنس تخالف طبائع الأجناس الأخري، فالإنسان طبيعته ترابية طينية، والجن طبيعته نارية، فكيف للطين أن يلبس النار وكيف للنار أن تلبس الطين عند التزاوج بينهما ،كما فى قوله تعالى :« هن لباس لكم وأنتم لباس لهن« ، فإن قيل على سبيل المجادلة: إن الجن عند الجماع بما يملك من قدرة على التشكل يتخذ لنفسه صورة إنسية فيتوحد الجنس وينجح اللقاء، وما قد يستتبعه من حمل وإنجاب؛ فيرد على هذا السفه بأن هذا الذى قيل يحدث فى الخرافات والأساطير وأفلام السينما التى تقدم لإلهاء العقول فى أمور اللامعقول؛ فالجن المتشكل بأى شكل من الأشكال، ولئن جرى عليه قانون الشكل المتشكل به، فهذا لا يعنى انتقاله من جنسه إلى جنس المتشكل به، فضلا عن كون التشكل من الأمور العارضة التى لا تدوم لمدد زمنية طويلة، كل هذا ينسف أقوالهم فى زواج الإنس بالجن نسفا يطال ما رتبوه على هذا الزواج من حمل وولادة لأطفال لا ندرى إن كانوا من عالم الإنس أو عالم الجان، أو على نمط الأساطير اليونانية نصفهم ينتمى إلى عالم الجان والنصف الأخر إلى عالم الإنسان ـ كالقنطور ـ المركب من نصف سفلى على هيئة الحصان، ونصف علوى على هيئة إنسان، وهذا تغيير فى خلق الله القائل :«ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا».
إن الله خلق الإنسان فى أحسن تقويم ، ثم رفعه بالعلم إلى درجة فوق درجة الملائكة والجان، والقول بزواج الإنس بالجن فيه حط وانحطاط لمن رفعه الله، فيه من القول والفعل ما يخالف نصوص القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم التى خلت تماما من مثل هذه المزاعم الشيطانية، فى زمانه وزمان أصحابه من الخلفاء الراشدين المهديين من بعده ؛ وتبقى كلمة العقل من خلال العلم الذى تراجع فيه مسلمو اليوم إلى ما قبل الإسلام، إلى الجاهلية الأولي، على حين تقدم فيه، وارتفع به من أخذ بأسبابه، ولم يركن إلى عالم الوهم والخيال، فلماذا لم يأخذ بناصيتنا أصهارنا من عالم الجن نحو قمم العلوم التى نقبع تحت سفوحها نتطلع إليها فى حسرة وألم، لماذا لم يفتح هؤلاء علينا كنوز الأرض؟ أم إنهم براء من مزاعم بنى آدم؟ براء من اختلاط الأجناس والأنساب؟