وأن هذا القصور تأكد مما بدأ يظهر فى ليبيا من أن منظمات الإرهاب المنتمية لداعش أصبحت فى حقيقتها إمتدادا لنفس المنظمات فى العراق وسوريا، وليست جبهة منفصلة عنهما، فهى تعلن صراحة أنها جزء من داعش، وتطبق نفس أساليبها، ومع ذلك فإن التحالف يتصرف وكأنه قام من أجل مواجهة الإرهاب فى العراق وسوريا فقط، مستبعدا ليبيا من خططه العسكرية، وكأن إرهاب داعش فى ليبيا لايخصه.
ولاحظ المراقبون أن الإرهاب فى ليبيا يحمل تهديدات فعلية للغرب تتمثل فى خطرين هائلين أولهما، تزايد وجود أنصار لداعش فى ليبيا وسيطرتهم على موارد ومؤسسات ومواقع حيوية، وهو ما سيلحق ضررا بالمصالح الغربية، والثانى التدفق المتزايد للمهاجرين إلى الغرب من ليبيا، خصوصا بعد أن ظهرت شكوك قوية فى أن إرهابيين من داعش إندسوا بين هؤلاء المهاجرين للوصول إلى أوروبا بطريقة سهلة وتنفيذ أعمال عنف وإرهاب فيها. كما أن القوارب التى تنقلهم تحمل كذلك مخدرات لتهريبها إلى أوروبا.
ويقول تقرير مطول لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن المتطرفين فى ليبيا أعلنوا ولائهم لداعش، وإستغلوا أجواء الفوضى فى ليبيا لإقامة تواجد لهم على ساحل البحر المتوسط، وهو ما يجعلهم على مسافة قريبة من جنوب أوروبا.
وبالرغم من تعدد المنظمات المتطرفة التى ظهرت فى عدة مدن ليبية، إلا أنها جميعها تدين بالولاء لداعش، وهذه المنظمات تكرر نفس سلوك داعش فى العراق وسوريا، فهى إستطاعت مؤخرا أن تسيطر على مدينة سرت، وقامت المليشيات المنتمية لها بهجمات على قوات الجيش فى مدينة مصراته، وإطلاق النار بشكل عشوائى ومكثف على فندق فاخر فى طرابلس، وشن هجمات على بعض السفارات والمبانى الحكومية، وأصبح واضحا أن المنظمات الإرهابية أصبحت تتعمد إشعال حروب أهلية واسعة فى ليبيا، لأن ذلك ينشر الفوضى التى تستغلها فى توسيع مواقع تواجدها، فمنذ مايو الماضى إستولى الإرهابيون على مطار رئيسى قرب المنطقة الساحلية، وإقتحموا قاعدة عسكرية فى نفس المنطقة التى يستخدمها الإرهابيون فى إبحار القوارب المحملة بما أصبح يسمى "الحمولات البشرية"، من المهاجرين من الساحل الليبى إلى أوروبا.
وطبقا لدراسة أخرى نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، فإن الجماعات المتطرفة فى ليبيا ليس لديها أى دوافع لبناء سلام، لكنها تريد إطالة أمد الحرب الأهلية.
لقد ظل الغرب يعارض أى جهود لدعم الحكومة الليبية المعترف بها بالسلاح، وحتى تستطيع مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة، وكان الغرب مكتفيا بالتركيز على العراق وسوريا، عندما إتسعت أعمال داعش من إستهداف السلطات والسكان المحليين إلى تهديد المصالح الغربية فى البلدين. ولم يكن هناك حتى ذلك الوقت ما يمثل تهديدا مباشرا لمصالح الغرب فى ليبيا، إلى أن بدأت قوارب المهاجرين بأعداد جماعية ومتزايدة، تجعل أوروبا تشعر بأن هناك خطرا قادما إليها من الساحل الليبى، وعندئذ بدأت أوروبا تفكر فى تكوين قوى عسكرية لمنع قوارب المهاجرين من الوصول إليها، لكن ذلك جعل المراقبين يطرحون سؤالا يتردد الأن فى دول الغرب وهو، هل يؤدى هذا التطور داخل ليبيا من إنتشار تنظيم داعش ومن دفع المهاجرين نحو أوروبا، وبينهم أفراد محترفون للإرهاب من التنظيم، هل يؤدى هذا إلى تغير مواقف أوروبا والولايات المتحدة مما يحدث فى ليبيا، خاصة بعد حرصت خلال الفترة الماضية علي تسمية ما يشبه التواطؤ بأنه الحياد تجاه الحكومة والشعب فى ليبيا، وبين المنظمات الإرهابية، وهو الحياد الذى أدى إلى إنتشار داعش داخل ليبيا وتهديدها للمصالح الغربية.